الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
من تهويل الناس لأمر الجن ابتدعوا أساطير وخرافات لاتمت لواقع الجن بصلة ، ومنها أن الجن يسمع من مسافة كذا وكذا ، وأنه يرى من مسافة كذا وكذا .
والحقيقة أن مسألة السماع والرؤية عند الجن مقيدة بقيود وهى ليست على إطلاقها كما يظن بعض الناس ـ لاسيما الرقاة ـ الذى كان يسأل الجنى فى جسد المصاب عن مصاب آخر فى مكان آخر بظن أن الجن يستطيع أن يرى من مكانه أو يسمع كل هذه المسافة وهذا مالازمام له ولاخطام ، بل الجن لهم سمع له حد محدود ورؤية محدودة لاسيما إذا كان داخل الجسد حكته خاصية الإنسى وفقد بعض خواصه كجنى مالم يكن مسحور والله أعلم .
أما مسألة السماع :
فقد روى البخارى عن أبى هريرة قال : إن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال (( إذا قضى الله الأمر فى السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنهه سلسلة صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم ، قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذى قال [ الحق وهو العلى الكبير ] فيسمعها مسترقو السمع ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض ، فيسمع الكلمة ، فليقيها على لسان الساحر أو الكاهن ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة ، فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا : كذا وكذا ، الكلمة التى سمعت من السماء ، فيصدق بتلك الكلمة التى سمعت من السماء )) اهــ .
فلو أن للجن القدرة على السماع من مسافات بعيدة لما احتاجوا أن يكونوا بعضهم فوق بعض .
أما مسألة الرؤية :
فى الصحيحين من حديث ابن عباس ، قال (( انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا: مالكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين السماء ، أرسلت علينا الشهب . قالوا : ماذاك إلا شىء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا : ماهذا الذى حال بيننا وبين خبر السماء ؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها …. الحديث )) اهــ .
فلوكان لهم قدرة على الرؤية من مسافات بعيدة كما يدعى البعض ـ الذى يصدق كل شيطان فى زعمه ـ لعلموا أن السبب بعثة نبى مرسل عليه صلوات ربى وسلامه .
رؤية الجن ونفاذه من خلال الجدران :
الأصل أن الجدران لاتشكل عائقاً عند الجن من حيث الرؤية من خلالها أو النفاذ من خلالها لأنهم أشف منها ، فيستطيع الجنى أن يرى عبر الجدران ويخترق ببصره كذا جدار ـ وهذا مقيد أيضاً ـ وكذا النفاذ عبر الجدار بسرعة وكفاءة .
والجن فى انتقالهم عبر البيوت يمرون على الجدر ويخترقونها وينفذون من خلالها ويرون ماوراءها ، وإن كان مسلمى الجن يفضلون الانتقال فوق البيوت كى لايتعرضوا ولايعرضوا أحداً للأذى إذا اصطدموا ـ قدراً ـ به ، أما غيرهم فلايعبئون بذلك بقدر مايخافون على أنفسهم من أن يصطدموا بشىء متحرك ، وقد يصدق القليل المن الجن إذا أخبر أنهم كان ماراً فاصطدم بالمصاب .
كيفية الصدمة ؟
سرعة فائقة من الجنى وعدم تحصين من اللإنسى لنفسه تحدث الصدمة ، ولأن الجنى جسم لطيفة فينفذ عبر مسام جسد المصاب فيجد نفسه داخله ، فيكون المس وتبدأ المعاناة ، والتى تتمثل فى أن الجنى أصيب بدوخة أم بفزع أو بشىء نتيجة الصدمة فيحدث له خلل فى اتزانه يؤثر بذلك على المصاب فيصرع ويتخبط إلى غير ذلك .
أو يصطدم به ولايدخل فيه ، ولكن ينتقم منه ـ لجهله ـ فيؤذيه عقاباً له على ماسببه له من أذى وتعطيل وهكذا .
غلق الأبواب :
قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه (( إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشيطان ينتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا وأطفؤا مصابيحكم )) اهـ .
هذا من نعم الله علينا ، فالباب المغلق الذى ذكر اسم الله عليه عند غلقه لايفتحه الجن ولايستطيعون الدخول إلى تلكم الغرفة عبر الجدران ولاعبر النفاذة مادمت ذكرت اسم الله عند غلقك للباب ، وهذا يشترك فيه المسلم والكافر والشيطان بلا تفريق .
فعند ذكر اسم الله تعالى على باب غرفة أو مكان عند غلقه تزول شفافية هذه الغرفة من عين الجنى فلا يرى ولايسمع من خلالها بل يرى جدارها كما نراه نحن تماماً والله تعالى أعلى وأعلم .
وإذا ذكر اسم الله على الباب وأغلق فلايمنع ذلك الجنى من الخروج من الغرفة وإنما يمنع ذلك دخوله أو أو الرؤية أو السماع .
ولايتحصن البيت إذا أعلق الباب الرئيسى له بل لابد كل غرفة على حدا والله تعالى أعلى وأعلم .
ولله در من قال ( السنة سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ) !
استثناء :
هذا التحصين نافذ فى المكان المغلق وغير المغلق حتى وإن لم يكن له سقف مادام فيه باب لعموم الحديث بشرط أن لايكون فى البيت أو فى الغرفة سحر ولاشخص مصاب بسحر أو بمس أو بعين والله تعالى أعلى وأعلم .
ولاينطبق ماذكرنا من أمر الجدران على أجساد البشر إلا من حيث الرؤية من خلالها ، أما اختراقها كالجدران فى لأن لها حصانة إلهية من رب رحيم .
والشفافية التى يراها الجنى أو يرى من خلالها جسد الإنسى تكون فى حالتين :
الأولى : إذا كان ممسوساً أو مسحوراً فيمكن رؤية جسده من الداخل .
الثانية : إذا كان قليل الطاعة وفى بعد عن الله فإنه يرى من خلال جسده بحسب قوة إيمانه وكثرة طاعته ، لذا الجن أقدر من الإنس ـ وفقاً لهذه الخاصية ـ على معرفة مدى طاعة هذا الشخص وإيمانه بربه من خلال الهالة النورانية التى تغطى جسده والتى تحفظه بإذن الله من كل شر .
وأذكر أن أحد المعالجين ـ ونحسبه على خير ـ طلب من جنى ـ من باب الاختبار ـ أن يطلع على جسده ويخبره هل هو مصاب أو لا ؟
فما استطاع الجنى أن ينظر جهة قلب المعالج وقد تكرر ذلك مع غير واحد من الجن فى الجسد .
بل نجد أن المصاب لايستطيع أن يطيل النظر فى وجه أهل التقوى والصلاح معالجين كانوا أم غير ذلك وهذا واقع مشاهد .
فاللهم اجعلنا من أهل التقوى والصلاح !
[[ وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ]]
وعلى صعيد ذكر اسم الله على الأشياء :
أى شىء يذكر اسم الله عليه فلا يقربه شيطان مالم يوضع فى مكان فيه سحر والأمر بيد لله أولاً وآخراً وحكمته قد تقتضى هذا أو ذاك ، ولايختص ذلك بالطعام وزالشراب فقط ، بل اسم الله نافع حافظ ـ بإذنه ـ فى كل شىء خفنا سرقته أو ضياعه .
ولعل قصة أبى هريرة من ذلك الشيطان الذى كان يحثو من تمر الصدقة فيها أنه مااستطاع أن يسرق على حالته الجنية ، فاضطر للتشكل حتى يسرق ربما بسبب أن التسيمة على الأشياء منعته من أن يأخذ شيئاً وهو على طبيعته ، فإذا تشكل وأخذ خصائص البشر استطاع ذلك .
منقول
موضوع: قدرة الجان على النفاذ عبر الجدران 
29/10/2010, 07:23
