إعداد: عنود العلي وحسين حاجي
تشكل مسألة تقاعد الموظفين المعاقين واولياء امورهم قضية يشعرون فيها بالظلم لدى المقارنة بالاصحاء.
فهم على الرغم من ظروفهم الصعبة لا يمكنهم التقاعد مبكرا، ذلك ان قانون تقاعد المعاق يعد ظالما في هذه النقطة، اذ ينص
على ان من اعاقته اقل من 50% يتسلم 65% من راتبه او اقل، بينما يتسلم من اعاقته 50% وما فوق 95% من الراتب.
ويعتبر الكثيرون ان في هذا ظلما في حقهم، وليس ن العدل ان يتم تقسيم الرواتب على حسب الاعاقات، فالقانون لا يعلم ظروف الناس وكيف يعيشون، ويطالب ذوو الاحتياجات الخاصة مجلس الامة بتعديل القانون، بحيث يحق للمعاق ان يتقاعد بعد مرور 15 سنة عن بداية خدمته وبمعاش تقاعدي يساوي راتبه الشامل عند التقاعد.
ومن المعروف ان الظروف الصحية التي يعاني منها المعاقون هي اصعب بكثير من التي يعاني منها الاصحاء، وهذه مسألة لا يتمكن من الاحساس بها بعمق الا المعاقون انفسهم، وتراكم المعاناة اليومية للمعاقين في اعمالهم المختلفة تجعل معاناتهم تتضاعف يوما بعد يوم.
ان معظم المعاقين لا يطلبون احالتهم الى التقاعد المبكر بعد 15 سنة من الخدمة بسبب الانخفاض الكبير في مستوى دخلهم الشهري عندما تتحول رواتبهم الشهرية التي اعتادوا عليها وكيفوا حياتهم وحياة اسرهم مع مستوياتها، الى معاش تقاعدي لا تتعدى نسبته 65 في المائة من الراتب.
وبما ان المعاق يضطر الى طلب التقاعد بشكل اسرع من الآخرين، ونظرا لمعاناته الخاصة ووضعه الصحي الخاص، وبما انه لا يتمكن من تحمل انخفاض كبير ومفاجئ في مستوى دخله تؤثر سلبا عليه وعلى اسرته، فان معظم المعاقين يقترحون على الجهات المسؤولة عن تقاعدهم ان يتم صرف راتب كامل لهم عند التقاعد.
ثمة اقتراحات برلمانية اخيرة بالسماح للمعاقين واولياء امورهم بالتقاعد مبكرا مع منحهم رواتبهم التقاعدية غير منقوصة، وهذه الاقتراحات تجد صدى لدى ذوي الشأن.
تؤكد نائب رئيس لجنة متابعة قضايا المعاقين خلود العلي أن أم المعاق كثيرا ما تتعرض لضغوط نفسية وتستحق التقاعد، وهناك أيضا أب يستحق التقاعد فنحن كمجتمع مطلوب منا كعوائل شرقية القيام بتربية الأصحاء والمعاقين على حد سواء وفي توازن متواصل، مشيرة الى ان الأم حتى تحقق هذا التوازن يجب ان تكون في حالة نفسية جيدة.
وقالت العلي ان الأمر مختلف في حال وجود أطفال أصحاء والعكس كذلك إذا تواجد المعاقون فإنها تواجه الضغوط النفسية ولن تستطيع الأم العطاء وتربيتهم بالكفاءة نفسها، مشيرة الى اجتماعات اولياء الأمور للأبناء قائلة: الأم العاملة لا تستطيع الاستئذان لمتابعة شؤون ابنائها المعاقين والأصحاء في كل وقت.
عطاء
وبينت أنه من الطبيعي ان يأخذ الابن المعاق كل وقتها وتركيزا أكبر منها سواء للمدارس او لمراجعات الأطباء والمراجعات الخاصة وهذا في الغالب ما يزرع الغيرة بين الأبناء الأصحاء باتجاه المعاقين لأنها تحتاج الى اوقات اضافية لتواصل عطاءها لجميع الأبناء بالمثل.
وشددت العلي على ان المعاق في العائلة يعتبر نعمة لكننا نعاقب على وجود أبناء معاقين لأن المسؤولين في الوظائف يعتقدون ان من لديها معاق لا تؤدي واجباتها المهنية بكفاءة ودون الإحساس بالمسؤولية، مضيفة ان الساعتين اللتين منحتا للمعاقين وأولياء أمورهم ووجهتا بقرارات وعقوبات كالصواعق مثل الخصم من راتب ولي الأمر الذي هو في أمس الحاجة لتلبية احتياجات ابنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرة الى ان هذا ما يقدم لهم بدلا من المساعدات التي يجب ان تمنح للمعاقين واولياء امورهم فهذا كان العقاب سواء في وجود ابناء معاقين او بالعمل من اجلهم ومن اجل لقمة العيش.
وأضافت العلي اننا بشر نتعرض إلى ضغوط وفي المقابل يمكننا الفرح والحزن لكن هناك اوقات تحكمنا فيها العواطف وحالات ابنائنا المعاقين، وإذا لم يكن هناك اختيار غير الاستقالة، فأين الوضع من الالتزامات المالية الخاصة بالعلاج، مؤكدة ان وزارة الصحة لا تساعد المعاقين بأي شيء فيضطر اولياء الأمر لمراجعة طبيب في الخارج لوجود حالات شديدة الإعاقة لا نستطيع علاجها في البلاد فمن سيسدد قروضنا ويسد احتياجاتنا ويوفر وسائل رعاية أبنائنا؟
وعلقت بأن فرصة المعاقين ضئيلة جدا وتكاد تكون معدومة في العلاج بالخارج، اضافة الى ذلك ان جميع الاماكن لا تعترف بشهادة الإعاقة او هوية المعاق، وكذلك مواقف المعاقين منتهكة ومسلوبة ممن ليست لديه ثقافة بحقوق المعاقين من الاصحاء.
ضغوط
واكدت العلي ان كل هذه الامور تترتب عليها ضغوط نفسية يعانيها ذوو الاحتياجات الخاصة واولياء امورهم واننا كأولياء امور فقدنا كل شيء حتى هويتنا الانسانية والنفسية، لان هذه الضغوط تنعكس على من حولنا من افراد في المجتمع فقد اصبحت حياتنا محصورة بين المعاقين والتزاماتنا بهم وبواجباتهم.
واوضحت انه لا توجد اماكن في الدولة مناسبة للمعاقين او اماكن ايواء لهم في فترة معينة، فنحن نحاول مواكبة الدول المتحضرة لكن مع الاسف نحن في تراجع كبير، فالدولة تمنح الكثير لكن هناك من يمنع الحياة عن المعاقين ومن يقف حاجزا امام اثبات حقوقهم واحتياجاتهم.
وذكرت العلي ان القانون يمنح المرأة إذا كانت حاضنة لطفل معاق او المسن اجازة ستة أشهر بنصف راتب فإن لم تجتمع اللجنة تكون الامور ميسرة وسهلة، لكن في حال اجتمعت اللجنة من اطباء تكون النتيجة رفضها للإجازة من دون معرفة او دراية بحالة الطفل المعاق واحتياجاته، ومن دون مناقشة الام في سبب طلبها لهذه الاجازة.
وتساءلت إذا كانت الأم تعاني كل هذه الضغوط فكيف لها ان تؤدي الاعمال الوظيفية وهناك امور تمنعها من التكيف الوظيفي؟ بالاضافة الى نظرة المسؤولين الظالمة لوالدة المعاق فهي لا تمنح اي امتيازات او تقديرات او اعمال ممتازة لان النظرة تراها دائما مقصرة بسبب وجود ابنها المعاق، وفوق ذلك يطلب منها ان تكون موظفة كفؤة.. بالمقابل لا يوجد اي دافع لتكون كذلك لانه لا يوجد من يساعد او من يرفع الظلم عن المعاقين وأولياء أمورهم خاصة ممن يحضنون اكثر من معاق، اين يذهبون من كل هذه الضغوط والاعباء فالقانون الذي يضعه ديوان الخدمة لا يريد المجلس الطبي ان يطبقه.
إنجازات
وأشار أمين صندوق لجنة متابعة قضايا المعاقين علي الثويني الى ان القانون الذي قدمته اللجنة التشريعية بشأن تقاعد المرأة بعد عشر سنوات من العمل نافع جدا، خصوصا للمرأة التي لديها ابناء معاقون او المرأة المعاقة وذلك للعبء الكبير الذي يقع على عاتق الأم في متابعة اطفالها المعاقين، مبينا انه في حال كانت معاقة فبدل ان تعاني المرأة بين اللجان الطبية تارة ومقدار الاعاقة تارة اخرى فكثير من الامور نجد فيها احراجا لأولياء الامور خصوصا المرأة، والقانون يرفع الحرج عن المرأة المعاقة ويعطيها بالفعل احساس المجتمع بتضاؤل حاجتها كونها رزقت بأبناء معاقين.
وأضاف الثويني اننا كلجنة طرحنا هذا المقترح في مجلس الامة واخذ الصفة القانونية، بعد ذلك نستطيع القول ان هذا المطلب قد تم تنفيذه وننتظر ايضا طريقة تنفيذه او سرعة تنفيذه، وهذا يعتبر من الانجازات الفعالة للمعاقين واولياء امورهم كافة وليس لجزء معين منهم، وهو سيكون البشارة الأولى لتنفيذ باقي مطالب المعاقين.
وقال محمد الشراح، وهو ولي امر اثنين من المعاقين، اننا جميعا نشيد بهذا القرار وهو تخفيض سن التقاعد إلى عشر سنوات بدل 15 سنة بالنسبة للمعاق او ولي امره وقد كنا بانتظار تنفيذ هذا القرار منذ زمن بعيد لما له من اثر جيد وكبير في نفوس امهات المعاقين على وجه الخصوص ومن لديهم اكثر من معاق، فهم لديهم الكثير من المعاناة والمشاكل التي تواجههم في اعمالهم، فمن الضروري ان يكون تقاعدهم في سن مبكرة خصوصا ان مدة عشر سنوات فترة تعتبر كافية.
عدالة
واتفقت ولية الامر فريدة سيد هاشم مع العلي، حيث قالت انني احاول قدر المستطاع ان اكون عادلة بين اولادي لكن الشيء الذي يحدث رغما عني هو الاهتمام الاكبر بالمعاق اكثر من الاصحاء اعتقادا منا ان الاصحاء يستطيعون تحمل اعبائهم بمفردهم ونحن من يدفعهم الى ذلك، والامر قد يكون ايجابيا في بعض الاحيان لكنه يكون سلبيا في الغالب لان الغيرة هي النتيجة الوحيدة في النهاية، لان الابناء ربما يخضعون الى الامر الواقع لكن لا احد يعرف ان كانوا بالفعل مدركين لحقيقة الامر، مشيرة الى ان التقاعد المبكر ربما يوفر الوقت الكافي للام لمتابعة ابنائها ومنحهم الرعاية المطلوبة بشكل متوازن وان فترة عشر سنوات كافية لعطاء اولياء امور المعاقين فهم ايضا يستحقون الوقت لاستعادة طاقتهم من اجل متابعة رعاية المعاقين.
قرار مطلوب
وقالت نوف العنزي وهي من اصحاب الشأن ان القرار ان طبق فسيكون في صدارة القرارات المهمة، لان المعاق مهما اعطى يكون عطاؤه بمستوى عطاء الانسان الطبيعي لكنه سيظل بحاجة الى من يرعاه، وقد تختلف ظروفه عن ظروف الانسان الطبيعي، موضحة ان قرار تخفيض فترة التقاعد تصب في مصلحة المعاق مائة في المائة.
وطالبت العنزي اعضاء مجلس الامة بالاستعجال في تنفيذ هذا القرار لما له من آثار ايجابية تصب لمصلحة المعاقين واولياء امورهم، مضيفة ان اولياء امور المعاقين ايضا لهم الحق في الحصول على هذا القرار لما يترتب عليه من اعباء وضغوط يتعرضون اليها في رعاية ابنائهم المعاقين وخصوصاً اصحاب الاعاقة الشديدة، مشددة على وجوب وضع لجان مختصة والتخلص من مدعي الاعاقة.
واشادت معالي سعيد بهذا القرار الذي سيرفع عبئا كبيرا عن كاهل المعاقين واولياء امورهم، لان المعاقين لهم احتياجاتهم الخاصة، ووقت الدوامات الرسمية ربما تزيد من متاعبهم ومن آلامهم، موضحة انه مهما زاد عطاء الشخص صاحب الاعاقة لابد من وجود وقت يحتاج فيه الى الراحة.
تأييد القرار
وقال عبد الوهاب السعيدي انني من المؤيدين لقرار تخفيض مدة التقاعد، لان المعاق سواء كان على كرسي متحرك او في اي حال فهو يبذل جهدا، ومن المؤكد ان يكون هذا الجهد متعبا، مضيفا ان تنقل الشخص المعاق حتى داخل مكان عمله عبء كبير عليه.
وطالب السعيدي اصحاب الشأن اولا بالاستعجال في تطبيق القرار وثانيا بمنح المعاق راتبا كاملا مثله مثل العاملين لمدة 25 سنة، مشيرا الى ان مدة خمس سنوات تشكل فرقا في المدة لان المعاق يحتاج الى طاقته والمحافظة على صحته.
وبالنسبة لاولياء امور المعاقين، اوضح السعيدي ان من لديهم اعاقات شديدة فهم يستحقون التقاعد المبكر لان الاعاقات الشديدة تختلف عن باقي الاعاقات وتتطلب اهتماما خاصا سواء كانت اعاقة مزدوجة او شللا دماغيا وغيرها من الاعاقات.
وعلق السعيدي ان اعضاء مجلس الامة قبل الانتخابات انصب اهتماهم على المعاقين وكانوا من اولوياتهم لكن بعد وصول البعض منهم وجدنا الاولويات اصبحت في مؤخرة الاهتمامات وهذا ما نتعرض له نحن المعاقين، فنحن نحتاج اهتماما بحقوقنا واولوياتنا أكثر من ذلك.
ضغوط نفسية
قالت نائب رئيس لجنة متابعة قضايا المعاقين خلود العلي ان اولياء امور المعاقين يعانون ضغوطا نفسية لا تمكنهم من أداء واجباتهم تجاه ابنائهم المعاقين، وحتى الأصحاء، بسبب عنائهم وبذل كل ما يملكون من طاقات في عملهم، مما ينعكس سلبا على حياتهم الاجتماعية.
تقاعد مبكر
تمنى معظم اولياء امور المعاقين ان يكون قانون تقاعد المعاقين من الاولويات التي يجب ان يطرحها نواب مجلس الامة في الجلسة الخاصة للمعاقين والمفترض عقدها خلال شهر ديسمبر المقبل.
تأثير إيجابي
أكد أمين صندوق لجنة متابعة قضايا المعاقين علي الثويني ان القانون الذي قدمته اللجنة التشريعية بشأن تقاعد المرأة بعد عشر سنوات من العمل سيكون له التأثير الايجابي على حياة المرأة المعاقة وأولياء أمور المعاقين.
راتب كامل
اتفق ذوو الاحتياجات الخاصة وأولياء امورهم على المطالبة بإقرار تقليل سنوات التقاعد وان يكون الراتب كاملا، لأن القانون الحالي يصرف 65% من الراتب الاساسي للمتقاعد المعاق الذي تقل نسبة اعاقته عن 50%، ومن زادت اعاقته عن 50% يحصل على 95% من راتبه الاساسي.
جريدة القبس الكويتية