]center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
كانا في نفس المكان
و لكن في اتجاهات مختلفة
احدهم كان معتاد ان يحتسي قهوته الصباحية يوميا بهذا المكان
و الاخر كان منتظر احدهم فاضطر الى دخول هذا المكان لاول مرة بحياته
كان ينظر الى ساعته كانه يقول لها سيري اتوسل اليك لا تضعيني بورطة كبيرة
و كان يراقب جدران المكان يبحث عن لائحة تضم الاسعار
لانه يعلم كم في جيبه و لا يريد ان يورط نفسه حتى بفنجان القهوة
الاخر كان يمسك بجريدته و يقرأ عن الاقتصاد و الحال العام للبرصة
و اسعار العملات فهذا ما يهمه و كان يجد في هذا المكان الراحة اليومية التي
يبحث عنها بيعدا عن صخب الشركة و العمال و الموظفين و الهواتف التي
اعتادت الا تسكت ابدا
كنت جالسا بينهم و كنت استطيع ان اقرا اعينهم
صاحبنا الاول كانت نظراته معتدلة فيها من الكبر ما فيها و فيها من الثقة ما فيها
و كان لا يلقي لأحد بال و كان عامل المكان لا ينفك يتركه ابدا
في كل مرة يسأله هل هو مرتاح هل يريد شيء ...
و كانت اجوبته معينة و مدروسة و دونما حتى التفات
ام صاحبنا الثاني فكانت حالة الارتباك ظاهرة عليه للجميع
و نظرة الخوف و الحيرة واضحة بشكل جلي لاي شخص يراه
صاحبنا الاول تلقى على جواله مكالمة فاجاب :
نعم ... بكم .... لا انه قليل ... لا تبيعه .
و انهى المكالمة
و بنفس الوقت صاحبنا الثاني تلقى مكالة على جواله
نعم و عليكم السلام يا طويل العمر و الله من الصبح انتظر
و لا اعلم ما افعل اين انت بالله عليك لا تتاخر و هل كلمته بموضوعنا
لا استطيع ان انتظر اكثر قول لي هل وافق .؟ هل سيمنح ولدي تلك الفرصة
يا عمي الو الو الو ....
هكذا انتهت مكالمته
صاحبنا الاول انهى قهوته و ومئ بعينيه للعامل فكان كالبرق امامه
اخرج مبلغ من المال و وضعه على الطاولة و تناول معطفه و جواله
و نظارته السوداء و غادر الى الخارج حيث كان السائق ينتظره
و هو فاتح له باب السيارة التي تشبه المركبة الفضائية
و غادر
صاحبنا الثاني كان يحرك ساقيه كانما يرتجفان و يتلفت يمنا و شمالا
و ينظر الى ساعته و ساعة الجدار و يمسك جواله و يضعه ثم يمسكه
هكذا حتى ظهر الفرج له و اتى من كان ينتظره فوقف على طوله
و صرخ مؤهل به و تناوله من اول المكان بالترحيب و الدعاء
حتى جلس على طاولته و قال له للأسف لن يفلح موضوعك
كم كانت نظرة البؤس و الاسى و الالم على عينيه
و هو مغادر كانما يجر ذيول الهزيمة
و انا لازلت على طاولتي ممسكا بقهوتي و انا اراقب هذين المشهدين
المتناقضين يا سبحان الله
كم تختلف احوال البشر و كم تتغير من شخص لاخر
يبكي احدهم على فراق انسان و الاخر لا تذرف له دمعة على فراق البشر
يتالم احدهم على قلة الحيلة و الاخر يشكو ملله من كثرة الحيلة
ينصدم احدهم بغدر البشر و ظلمهم و الاخر يتفنن بتعلم انواع الغدر
يقال له غبي من شدة الطيبة و الاخر يقال له فهلوي من شدة الخبث
يرمى على الهامش و لا يلقى له بال من فقره و الاخر ينحنى له صباحا و مساء
يقبل ايدي البشر و يقلل من شانه في سبيل اولاده و خدمتهم و الاخر يحتار البشر كيف يريضي اولاده
فيتحولوا امامهم الى مهرجين و ممثلين و احيانا يجعلون من انفسهم لعبة لهم ليرضوا السيد المحترم والدهم
يتلقى الصدمات و الكوارث و البلاوي بحمد و شكر لله و الاخر كل ما جاءه نجاح جديد ازداد نمردة و قال على علم عندي
ينظر إلى الأسعار قبل الأنواع ليبقى على حالة معتدلة فلا يزيد فيحتاج و لا يقل فيجوع
و الأخر ينظر إلى الأسعار أيضا و إلى ( made in … ) فان لم تكون أغلى السلع و من اكبر الدول صناعة
فلا حاجة له بسلعة يستخدمها كل البشر فهو فوق مستوى البشر .
هذه احوال الناس و هذه اختلافاتهم تتراوح دائما بي مستويين
و لله الحمد على خلق البشر مختلفي الاجناس و الطبقات
و هذه ليست دعوة مني لرفض مشيئة الله ابدا و لا اعتارض على حكمه ابدا
و لكني اردت ان اعرض الاختلاف و اعتقد ان اكثركم يستطيع ان يرى تلك الفرووق
و لكن ما اردت الوصول اليه من حديثي السابق هو
يا اخي يا اختي ان كنت مثل صاحبنا الاول لا تجعل المال اكبر همك و لا تجعل الدنيا مبلغ علمك
و تذكر دائما انك بنعمة من الله و فضل و هو القادر على يجعل النعمة هباء منثورا و ان كنت لا تعتقد ذلك
و تظن انك قادر فاقرأ بسورة الكهف قصة صاحب الجنتين .
و يا أخي يا أختي ان كنت مثل صاحبنا الثاني فلا تجعل الحقد و الغل يتسلل إلى قلبك على من هو أفضل حال
منك و قو ل دائما الحمد لله و اسأل الله ان يرزقني خير منه و لا تنظر إلى الناس الأكثر مالا نظرة الحسد أو
التمني لتكون مكانهم و ان كنت لا تعتبر فاقرأ بالقرآن قصة قارون .
كتبه لكم اخوكم اسمر66660