من منا لا يرغب بإعطاء أبنائه أفضل الأغذية وأكثرها صحة؟! طبعا كلنا نرغب بذلك، ولكن ما العمل وغالبيتنا من الآباء والأمهات العاملين، الذين يقضون جل ساعات نهارهم خارج المنزل. وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر يجعل مهمة اختيار الغذاء الصحي لأبنائنا أكثر صعوبة!!! وقد يكون الأمر من الصعوبة بمكان حتى يبدو مستحيلا... فكيف سنخرج للعمل، ونعود ونشتري المستلزمات ونطبخ وبعد ذلك نجلس لتناول الطعام؟ كل ذلك مع الاهتمام بالحفاظ على غذاء صحي !
هذا الأمر ليس صعبا، إنه يبدو كذلك فقط. فنحن لم نولد مبرمجين على حب طعام ما وكراهية آخر... كل ما في الأمر أننا تربينا واعتدنا على حب أنواع معينة من الطعام، وعدم حب الأنواع الأخرى. وما دام الأمر كذلك، فإن قضية حب الأولاد ورغبتهم لأنواع معينة من الطعام، هي على ما يبدو قضية اعتياد أو تربية منذ نعومة أظفارهم... فإذا نجحنا بتعويد أطفالنا على حب الطعام الصحي، ستكون حياتهم أفضل بالتأكيد.
1. عرّفوهم بالخضروات:
إذا سألت أي شخص في الشارع: ماذا يحب أكثر، الشوكولاطة أم الطماطم. فإن الإجابة ستكون الشوكولاطة طبعا!!
غني عن البيان، أن الطفل عندما يولد، لا يكون على علم بالفرق بين طعميهما... فهو لم يتذوقهما مسبقا. لذلك، إذا عرضنا عليه الطماطم أولا، وبعد ذلك بفترة طويلة عرّفناه على الشوكولاطة، سيكون احتمال أن يحب الطماطم كما يحب الشوكولاطة كبيرا جدا.
الخضروات هي المصدرالمركزي الذي نحصل منه على الفيتامينات، المعادن، والألياف الغذائية. ولذلك فإن تعريف أبنائنا عليها منذ جيل مبكر هو من الأمور الهامة حقا. من الضروري أن نشدد على وجود صحن خضروات في كل وجبة نقدمها لأطفالنا، على أن تكون الخضروات في الصحن من عدة أنواع و"عائلات" وألوان. هكذا، يكون أمام الطفل مجالا أكبر لأن يختار أي الأنواع أحب إلى قلبه، ويستطيع أن يتذوقها جميعا قبل أن يعتاد على حب وكراهية الأنواع المختلفة، كما أنه سيتعلم أن وجود الخضروات كجزء مركزي من وجباته اليومية هو أمر طبيعي وحتمي.
2. غيروا معتقداتكم:
ينبع جزء كبير من معتقداتنا المتعلقة بالطعام والتغذية من أساليبنا وعاداتنا الغذائية، وليس من باب صحة هذه المعتقدات أو عدم صحتها... فأغلبنا يعتقد أن وجبة العاشرة صباحا (الفرصة المدرسية) لا بد أن تكون شطيرة. أما الوجبة المركزية فلا بد أن تكون وجبة الغداء، وهي عادة ما تكون وجبة دسمة وزخمة وساخنة. وفي نهاية الأسبوع لا بد أن يعوض الطفل ما فاته تناوله من طعام خلال الأسبوع كله...
حسنا، من الممكن أن تكون وجبة العاشرة شطيرة، ولكن بالإمكان استبدالها بعلبة من اللبن مع رقائق الصباح (رقائق الذرة وشبيهاتها)، أو أنها من الممكن أن تكون قطعة من الجبن مع بضع قطع البسكويت الصحي المليء بالألياف, أو حتى مجموعة من أنواع الأغذية الصحية المختلفة والخفيفة.
أما الوجبة المركزية، فإنا ليست بالضرورة وجبة الغداء، من الأفضل أن تكون هذه الوجبة هي وجبة العشاء. عند العشاء يكون أفراد الأسرة في البيت، ويكون لدينا ما يكفي من الوقت للطبخ والجلوس وتناول الطعام دون ضغط بالوقت.
3. عادات تناول الطعام:
تتضمن عاداتنا بتناول الطعام بعض التفاصيل التي تبدو للوهلة الأولى غير هامة، ولكنها في الحقيقة مصيرية جدا. فعاداتنا تحدد مواعيد أكلنا، ماذا نأكل وأين... وبالاعتماد على هذه التفاصيل، علينا أن ننتبه إذا كانت مواعيد تناولنا الطعام ثابتة، إذا كانت كمية الطعام في الوجبة مناسبة لجيل من يتناوله، هل نتناول الطعام مع العائلة، أم أننا نأكل أمام التلفزيون أو خلال القراءة.
عندما نأكل سوية، فإن هذا الأمر يساعد في تقوية العلاقة بين أفراد العائلة، هذا هو الوقت الأنسب للتحدث عما حصل معنا خلال اليوم، التحدث عما يزعجنا والتشاور بشأن بعض الأمور التي تشغل بالنا.
بالمقابل، فإن تناول الطعام قبالة التلفزيون أو خلال قراءة شيء ما يؤدي إلى بلبلة في الدماغ، ويؤثر على القسم المسؤول عن الشعور بالشبع، الأمر الذي يؤدي إلى عدم انتباهنا لكمية الطعام التي تناولناها، بل إننا ننسى في كثير من الأحيان أننا نأكل أصلا. أضف إلى ذلك أن جسمنا ودماغنا قد يتبنيا عادة تلزمنا أن تكون كل مرة نشاهد التلفزيون فيها أو نقرأ كتابا، مصحوبة بتناول الطعام...
4. الشرب لا يقل أهمية عن الأكل
نسبة الماء في جسم الإنسان هي 70%. ولذلك، فإن حاجتنا لشرب المياه هي بلا حدود. من أجل الحفاظ على صحتنا، علينا شرب 30 مليلترا من الماء لكل كيلوجرام من وزن جسمنا. ولأن الأمر كذلك، علينا شرب الماء... والماء فقط.
لا حاجة لإدخال كميات كبيرة من السكر إلى جسمنا بواسطة المشروبات المحلاّة والغازية، وذلك نظرا لأن فائض السكر سرعان ما يتراكم في جسمنا ويتحول إلى دهنيات تسد الأوعية الدموية.
كذلك، ننصحكم بعدم التعويل كثيرا على العصائر الطبيعية، فصحيح أنها صحية جدا، ولكن دعونا لا ننسى أنها مصنوعة من عدد كبير من حبات الفاكهة، وهي بالتالي تحتوي على كل كمية السكر التي كانت موجودة بكل هذه الفواكه. أما عن المشروبات المخصصة للحمية (المشروبات الدايت)، فحدث ولا حرج. قد تكون هذه المشروبات هي الأخطر على الصحة، وذلك لأنها بالرغم من خلوها من السكر، تحتوي على عدد من المواد الضارة جدا بجسم الإنسان.
إذا أردتم تخفيف وطأة شرب كمية كبيرة من الماء على أطفالكم، بإمكانكم تتبيله بقليل من الليمون أو النعناع، أو حتى تحضير بعض المشروبات على أساس الشاي والأعشاب، وشربها ساخنة أو باردة.
5. الامتناع عن تناول الملح بكميات كبيرة:
لا مجال للنقاش حول أن الطعام يجب أن يكون لذيذا، ولكن هل من الضروري أن يكون مالحا؟!
الصوديوم هو أحد الأملاح الموجودة بشكل طبيعي في الخضروات والفواكه، كما أنه يتواجد (بشكل صناعي) في المنتجات الغذائية المصنـّعة، بالإضافة طبعا لكونه أحد المركبات الأساسية في صنع المواد الحافظة للطعام.
من المعروف علميا أن هناك علاقة وطيدة تربط بين الملح وبين ارتفاع مستويات ضغط الدم.
في كل ملعقة صغيرة من الملح هنالك 2400 مليجرام من الصوديوم، وهي نصف الكمية اليومية التي على البالغ استهلاكها كحد أقصى. أما الناس، فإن كل واحد منهم يستهلك بالمعدل نحو عشرة جرامات من الملح يوميا، وهذا مخالف تماما للتوصيات الصحية.
إذا تنازلنا عن الملح في طعامنا، فإننا سنكتشف بشكل مفاجئ الطعم الحقيقي للخضروات ولعدد كبير من الأغذية التي لم نكن نعرف طعمها حتى اليوم. وتفيد الأبحاث الأخيرة أن الأجزاء المسؤولة عن التذوق في لساننا ستكون قادرة على اعتياد الطعم الجديد واستمرائه خلال فترة لا تزيد عن الأسابيع الثلاثة... أفلا تعتقدون أن الأمر يستحق المحاولة؟!
قائمة بكميات الأملاح الموصى بها يوميا (وفق جرام/يوم):
العمر
كمية الملح
كمية الصوديوم
0-6 أشهر
أقل من 1
أقل من 0.4
7-12 شهرا
1
0.4
1-3 سنوات
1
0.4
4-6 سنوات
1.75
0.7
7-11 سنة
3
1.2
11-18
4
1.6
فوق 18 عاما
أقل من 6
أقل من 2.4
6. الأكل خارج البيت:
طالما كنا نتناول طعامنا في البيت، فإن باستطاعتنا أن نحافظ على نمط غذائي صحي وسليم. ولكن ما الذي من الممكن أن يحصل عندما نخرج لتناول الطعام لدى أحد ما، أو حتى عندما نستضيف أحدا؟!
من المهم التذكر دائما أن القواعد المتعلقة بالغذاء الصحي ثابتة ولا تتغير، وبأننا إذا كنا نعرف كيف نتعامل مع تناول الطعام في البيت فإننا لا بد أن نعرف كيف نقوم بذلك خارج البيت أيضا.
اعلموا أن بإمكانكم استقبال الضيوف في البيت دون أن تقدموا لهم فطائر "البوريكس" وغيرها من المعجنات المليئة بالدهون الصلبة. بالإمكان استبدال هذه الأمور بقليل من السلطة، الشطائر الصحية والأجبان. كما بالإمكان إعداد عدد من أنواع المعجنات البيتية بواسطة الزيت النباتي وليس الدهون الصلبة كالزبدة وغيرها.
عند الخروج لتناول الطعام خارج البيت، من الضروري الانتباه ومعرفة ما علينا أن نطلب، خاصة إذا كان تناول الطعام خارج البيت أمرا مألوفا لديكم.
ليس من الضروري أن تطلبوا الوجبة الأولى، الرئيسية والتحلاية... بالإمكان التنازل عن شيء منها، أو إذا طلبتموها، بالإمكان تقاسمها مع أحد شركائكم حول الطاولة.
7. الطعام الجاهز:
لا يشبه جيلنا جيل أهالينا، فأعمالنا الكثيرة تحتم علينا ألا نقف وقتا طويلا في المطبخ ونعد الطعام الذي نرغب بتناوله، بل إننا في كثير من الأحوال سنجد أنفسنا نعد بعض الأطعمة ونخزنها في ثلاجة المنزل. ولكن لا بد من الانتباه، فهنالك فرق بين الطعام المحفوظ في الثلاجة وبين الطعام الجاهز المصنـّع. فالطعام الجاهز المصنع يحتوي على الكثير من المواد الحافظة (تذكروا الملح والصوديوم).
هذا النوع من الطعام يمر بعدد من عمليات القلي والتصنيع، ولذلك فإنه ليس ملائما للأكل بشكل دائم ومتواصل. لقد وجد هذا الطعام من أجل أن يملأ فراغ معدتنا مرة كل فترة ما، ولكنه بالتأكيد غير مخصص لملئ الفراغ الذي يخلقه كسلنا وتخاذلنا عن إعداد الطعام الصحي لنا ولأبنائنا. كما أن هذا الكسل ليس من المفروض أن يأتي على حساب صحة أبنائنا من خلال إطعامهم طعاما نعرف أنه ضار بشكل كبير.
وتذكروا دائما، أن بإمكانكم الطبخ يوما واحدا بالأسبوع، وحفظ المطبوخات في ثلاجة المنزل وتناول وجبة صحية في كل يوم، بدل الطعام الجاهز والمصنـّع!!!