هل المقولة التي تقول أن ( العقل السليم في الجسم السليم) والتي ترددها الأفواه منذ القدم وينقلها الخلف عن السلف ونراها مكتوبة في كل كان في البيوت وفي عيادات الأطباء وفي الإعلانات الرسمية ضمن اطار مزخرف وكأنما اصبحت من الحقائق التي لا جدال فيها .
أن اثبات صحة هذه المقولة يتطلب من برهانا على ذلك لأننا نعيش في عصر علمي بمعنى أن أي شيء لا يقوم على أساس علمي وتثبته الدلائل والبراهين انما هو مردود.
وحسب وجهة نظري فإن هذه المقولة المأثورة لا أساس لها من الصحة واليكم الدليل على ذلك فلو تصفحنا التاريخ قديمه وحديثه لوجدنا مثلا أن العالم باستور الذي سجل انتصارات رائعة في حربه مع الجراثيم كانت قدماه مشلولتين . أما بتهوفن الذي خلد لنا روائع السمفونيات الموسيقية فقد كان أصم .
ومن التاريخ العربي يمكن العثور أيضا على أمثلة مشابهة فالمعري كان أعمى ومع ذلك خلد لنا تراثا فكريا ضخما ومثله كان طه حسين عميد الأدب العربي الذي كان كفيف البصر منذ الطفولة .
فلو كانت هذه المقولة صحيحة فعلا لكانت حضارة العالم نمت وازدهرت على ايدي ابطال حملة الاثقال ومصارعي الثيران وعمال الموانىء والطرقات .
ان التاريخ يخبرنا ان بناة الحضارة كانوا اصحاب اجسام صغيرة وعقول كبيرة مما يجعلنا نردد أو ندعم المثل القائل : (كل صحاب عاهة جبارة ) وهذا يعني ان الانسان لايمكن أن ينتج ويبدع وهو في حالة مادية ونفسية وصحية جيدة فالابداع والانتاج يأتيان دائما مع الحرمان والمعاناة والآلآم وخاصة الآم الطفولة واحزانها التي تنفجر في سن الشباب والطفولة