إذا اعتبرنا أن قضية المعاقين قضية قومية تؤثر على التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية فمن المفترض حينها الاهتمام بهذه القضية والتعريف بالمعاق وبعمله وإنتاجه وعلى المعاق فرض نفسه على ارض الواقع ومطالبته بتطبيق ما هو مشروع له كحق وواجب . وبما أن العمل من ضروريات الحياة الكريمة فهو إذا من أهم الوسائل التي تؤدي إلى الاستقلال الاقتصادي لكل إنسان عامل يشعر بذاته وقيمته
ولأن الرفض لعمل المرأة المعاقة قائم حتى من الأجهزة الشعبية العامة والخاصة لذا فإن الاهتمام برعاية النساء المعاقات أصبح عاملاً جوهريا يمكن بواسطته إحداث تغيير مرغوب في البناء الاجتماعي والاقتصادي والوظيفي للمجتمع ، وذلك باستثمار تلك الطاقات البشرية المعطلة بما يحقق لها إتاحة الفرص والظروف المعيشية المتساوية مع بقية أفراد المجتمع والمشاركة في عملية التنمية وهن قوة إنتاجية هائلة إذا تم لها التخطيط العلمي والعملي الذي يتمشى وقدراتهن المتبقية يدلا من أن يكن كماً وعبئاً على المجتمع.
الحقيقة إننا كمعاقين لسنا بأبطال ولسنا بحاجة للشفقة إننا كغيرنا والفرق إن بعضنا يستعمل كرسي متحرك والآخر عكازين واستعمال المجتمع الإعاقة كتعبير عن رفض دخول المرأة المعاق إلى مجال العمل باعتبارها مريضة يعتبر هذا تمييز عنصري صارخ ضدها في المجتمع.لأنه من المفترض أن تزال كافة الحواجز والقوانين التي تمنع دمج المرأة المعاقة في العمل و أولها نظرة المجتمع إليها على أنها عديمة الفائدة وضعف الوعي العام بالدور الهام لها وإتاحة الفرص المتكافئة في تحمل مسئولياتها في مختلف المجالات التي تتلاءم مع قدراتها المتبقية أسوة بزميلاتها من السويات .كما يجب أن يكون لها الحق في تكافؤ الفرص وهذا لا يعني معاملة الجميع معاملة واحدة لأن المساواة بين النساء السويات والنساء المعاقات لن تكون واحدة وهذا أمر مفروغ منه فاختلاف القدرات هو الذي يحكم هنا ولكن جمعيهن يتفقن في التطلعات المستقبلية في أنهن يتمنين أن يكن عناصر ذات فعالية كبرى . كما أن النساء المعاقات يختلفن في نوعية الإعاقة ودرجتها وهذا له دور كبير في تحديهن للإعاقة من ناحية ومن ناحية أخرى المطالبة بحقهن بفرص العمل التي تتناسب مع قدراتهن المتبقية وبتدريبهن على المهارات المتنوعة التي تنفعهم في الحياة العملية بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية.ولهذا يجب إعادة النظر في التخصصات الحالية في برامج التأهيل لتكون مرنة تتيح للمرأة المعاقة بعد التخرج فرصة عمل في أكثر من حرفة في مجال تخصصها والعناية بوضع مخطط شامل للتدريب بدلاً من حصرها في المهن التقليدية.وحتى تستطيع اقتحام عدة ميادين إنتاجية وخدمية وتساهم في البناء الاجتماعي والاقتصادي بصورة ملموسة فينبغي تدعيمها وتعزيزها باستثمار طاقتها بكيفية مثلى تجعلها تلعب الدور المناط بها حاضراً ومستقبلاً ومساعدتها على مواجهة العقبات والتغلب على التحديات التي قد تحول دون مسيرتها الإنمائية. لأن حقوقها مازالت تشوبها القصور الذي يحول دون إعطائها المكانة اللائقة بطاقتها وقدراتها من جهة وبحجمها الرقمي في الهرم السكاني من جهة أخرى.لذا فأني اقترح جملة من المعطيات التي أتمنى ان تجد صدى واسعاً وان تضع حلولاً جذرية وأولها إنشاء هيئة متخصصة تعنى بشؤون المرأة المعاقة يتم من خلالها دراسة سوق العمل الخاص بها ورسم السياسة المثلى لرفع نسبة تشغيلهن .وكذلك إنشاء مراكز فرعية بمراكز التأهيل لإعادة تدريب الخريجات منهن تدريباً فنياً سريعاً يتيح التحويل من حرفة إلى أخرى في مجال التخصص تمشياً مع الاتجاهات المختلفة للمجتمع وتشغيل من تم تأهيلهن وذلك إما بإلحاقهن بالأعمال المناسبة لقدراتهن ويتطلب ذلك زيادة نسبة العمالة الإلزامية لمن يحملن شهادات التأهيل او التوسع في مشروعات الأسر المنتجة. ثم يتم وضع خطة طويلة الأجل تستهدف تشغيل جميع النساء المعاقات في أعمال تتفق مع خطة التنمية واحتياجات المجتمع.
فلا يكفي أن تتقاضى المرأة المعاقة معاشاً أو مكافأة أو إعفاءً جزئياً لكن لتحقيق إنسانيتها وشعورها بوجودها حقاً في المجتمع يجب أن تتاح لها فرصة للعمل والإنتاج وهي مفقودة تقريباً على الرغم من نص التشريعات الإنسانية على ذلك.
د.صالح المهدي الحويج
منقول