منقول
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين الذي شرح من اراد هدايته للاسلام وفقهه في احكام الدين نحمده ان جعلنا من خير امة اخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونشكره على ما هدانا للاسلام لان شكر المنعم واجب على الانام ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام وصلى اللهم على نبينا محمد بن عبد الله خير من استيقظ ونام وخير من احل الحلال وحرم الحرام وارضى اللهم عن صحبه الذين نشروا الاسلام وعن تابعيهم الكرام ومن تبعهم الى يوم الدين خير للمسلمين والاسلام وبعد
ايها الاخوة والاخوات اطرح لكم موضوعا اكتبه بين ايدكم واضع يدي على صدري اوجس خيفة مما قد يقال ويكال فلا تعجبوا من كثرة المسائل والاقوال فان خير الكلام ما قل ودل بما وافق كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه السلام الذي بين لنا الحرام والحلال اكتب هذا الموضوع واني والله اخشى ان يساء فهمي واخشى ان لا يفهم المقصود واخشى القيل والقال وكثرة التمنى والسؤال فلا تعجبو مما قد يقال .
هذا الموضوع لا اعلم ان احدا قد فصل فيه تفصيلا يزيل الاشكال عن العقول مع بيان ما هو الحق من الخيال والوهم والكذب والدجل وكثرة اللهث وراء ما قد لا ينال
هذا الموضوع اسميه الكلام المبين لمن اراد الكنز والدفين وان شئت فسمه القول الحق فيمن قال وتشدق واني ابحث هذا الموضوع من عدة جوانب:
اولها : النواحي الشرعية
وثانيها : النواحي العملية
وثالثها : النواحي الوهمية
ورابعها : النواحي الحقيقية
واعذروني على عدم ترتيب الافكار بما يناسب المقال واني احاول ان اجعلها سهلة بسيطة حتى يفهما الجميع
هذا الموضوع مختص فيما يتعلق بالكنز والدفين وما شابههما فاني :
اتكلم عن حقيقة الدفائن فهل هي حقيقية ام ضرب من الخيال والوهم
واتكلم عن حكم البحث عن الدفائن
واتكلم عن الطرق المتبعة في البحث عن الدفائن
واتكلم عن انواع الدفائن
واتكلم عن الاشارات التي قد تدلك على الدفائن
واتكلم عن الرصد ( الجن ) الذي يسيطر على الدفائن وكيفية التخلص منه باذن الله وما قد يعترض الانسان من اذية الارصاد
واتكلم عن انواع الارصاد على الدفائن
واتكلم عن حقيقة الوهم واللهث في البحث عن الدفائن
هذه بعض الامور التي اطلب من الله يوفقني في شرحها وبيانها وادعو الله السداد والرشاد في بيان مجمل ومفصل هذه الامور والله اعلم
اعلموا يا احبتي في الله ان الدفائن وبكل انواعها حقيقة ثابتة مثبتة وليست بوهم كما زعمها ويزعمها من لا خلاق لهم ويتقولون بغير دليل بل ان حقيقة الدفائن والكنوز هي ثابتة بنص القران وبنص السنة المطهرة الثابتة عن رسول الله وثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم اجمعين فالدليل على اثبا هذه الحقيقة قول الله تعالى
"وكان تحته كنز لهما "
"ويستخرجا كنزهما "
سورة الكهف
قال بن كثير رحمه الله في تفسيره : قال عكرمة وقتادة وغير واحد : كان تحته مال مدفون لهما وهذا ظاهر السياق وهو اختيار ابن جرير رحمه الله
وقال العوفي وان عباس كان تحته كنز علم وكذا قال سعيد بن جبير
وقال مجاهد صحف فيها علم
قال ابن كثير ورد فيه حديث مرفوع
وايضا ورد موقوفا من طرق عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهما ولكن اسانيدها ضعيفة قاله محقق تفسير ابن كثير الشيخ سامي بن محمد السلامة
من خلال هذا النص القراني يبن لنا ان الله تعالى قد اثبت انه يوجد كنز مدفون لغلامين وعلى هذا الدليل لا حجة لمن انكر عدم وجود المال وغير المال في بواطن الارض
واما الدليل الثاني قوله تعالى
"فاخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم "
سورة الشعراء 57 - 58
قال ابن عطية في تفسيره " والكنوز " قيل اشارة الى الاموال التي احتجزوها قال مجاهد لانهم لم ينفقوها قط في طاعة وقيل هي اشارة الى كنوز المعظم ومطاله وهي باقية الى اليوم
وايضا هذا من ادلة اثبات حقيقة الدفائن والتي لا مرية فيها الا عند رجل مجحف
ومن ادلة اثبات الدفائن والكنوز كما وردت في السنة فمنها
ما ورد عند الامام البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله قال العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس "
باب في الركاز الخمس حديث 1499 وله اطراف اخرى في صحيحه رحمه الله في غير هذا الموضع
والشاهد من هذا الحديث ان نبينا عليه السلام قد اثبت انه يوجد دفائن كمن تحت الارض غير مستخرجة فاذا ما خرجت فان لها احكاما في شرع الاسلام المطهر فاذا كان رسول الله عليه السلام قد اثبت حقيقة الدفين فما بال الكثر قد انكر حقيقته وقد فسر العلماء ان الركاز هو دفين الجاهلية فقال مالك وابن ادريس الركاز دفن الجاهلية وابن ادريس هو الشافعي كما رجحه غير واحد من العلماء امثال البيهقي وابن حجر وغيرهم
ومن السنة ما ورد عند الامام مسلم رحمه الله ومن حديث النواس بن سمعان وهو حديث طويل ذكره الامام مسلم في كتاب الفتن واشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته وما معه فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ............................ "ويمر على بالخربة فيقول لها اخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النخل ................ "
واشاهد من هذا الحديث انه يوجد كنوز لم تستخرج حى ظهور الدجال فلما يأمرها بالخروج تتبعه.
والمعنى هي ذكور النحل هكذا فسره ابن قتيبة واخرون وقال القاضي : المراد جماعة النحل لا ذكورها خاصة لكنه كنى عن الجماعة بالعيسوب وهو اميرها لانه متى طار تبعه جماعته والله اعلم . شرح صحيح مسلم للنووي كتاب الفتن باب ذكر الدجال وصفته وما معه
والمعنى ايضا ان هذه الكنوز والدفائن تتبع الدجال وتطير معه وتلحقه كما تطير النحل وتبع الامير التابعة له
وايضا روى سعيد والجوزجاني باسنادهما عن عبد الله بن سعيد المقبري عن ابيه عن ابي هريرة قال قال رسول الله الركاز هو الذهب الذي ينبت من الارض وفي حديث عن ابي هريرة انه قال قال رسول الله وفي الركاز الخمس قيل يا رسول الله وما الركاز قال هو الذهب والفضة المخلوقان في الارض يوم خلق الله السموات والارض وفي يحديث انه قال وفي السيوب عروق الذهب والفضة الي تحت الارض
المغني للامام ابن قدامة الفصل الثاني في قدر الواجب وصفته في باب زكاة الذهب والفضة
فيا ايها المنكر لحقائق الكنوز والدفائن ليس لك حجة تعتمد عليها فانتبه بارك الله فيك
ومن اثار الصحابة رضي الله عنهم اجمعين ما ذكره الامام ابن قدامة في المغني ان عليا بن ابي طالب رضي الله عنه امر صاحب الكنز ان يتصدق به على المساكين " حكاه الامام احمد وقال حدثنا سفيان عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن رجل من قومه يقال له ابن حممة قال سقطت على جرة من دير قديم بالكوفة عند جبانة بشر فيها اربعة الاف درهم فذهب بها الى علي بن ابي طالب فقال اقسمها خمسة اخماس ......... الحديث
قل هذا الحديث فيه راو لم يسم فيكون من باب الضعيف الا اذا جاء من طريق قد سمي فيه الراوي الذي لم يسم
وذكري لهذا الحديث من باب الاستئناس
وايضا روى ابا عبيد عن هشيم عن مجالد عن الشعبي ان رجلا وجد الف دينار مدفونة خارجا من المدينة فاي بها عمر بن الخطاب فاخذ منها الخمس مائتي دينار ودفع الى الرجل بقيتها وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين .
قلت وايضا من المعلوم عند كثير من الثقات انهم قد وجدوا كنوزا تعود الى عصور قديمة وقد ساقها الله لهم فاستخرجوها بامر من الله وانني والله لا ارى حجة لمن انكر مسئلة حقيقة الدفائن فاعلم يا رحمك الله انه لا يحق لك الانكار في هذه الخصوصية من هذا البحث وان كان هناك انكار فانه يكون في امور قد نتفق عليها لاحقا والله اعلم فلا تتعجل الاجابة ولا تخلط الامور وارك كل مسئلة لوحدها حتى يبين لك الحق من الباطل وتبين لك الحقيقة من الوهم والله اعلم
الله والحمد لله والصلاة والسلام على من ولاه وبعد فاني افرغ هذه الكليمات للحديث عن حكم البحث عن الدفائن ولكن لا بد من النظر الى ان كل شيء خلقه الله في الارض هو مسير لمصلحة الانسان وقد قال الله تعالى
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (65)
الحج 65
قال لالوسي في تفسيره
أي جعل ما فيها من الأشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم
وقال عز من قائل
وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
الجاثية 13
وقال ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)
البقرة 29
وقال تعالى
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (20)
لقمان 20
وقال مقاتل: الظاهرة تسوية الخلق والرزق والإِسلام
فاعلم اخي في الله ان الله سبحانه وتعالى قد يسر كل شيء على وجه الارض او ما في باطنها لخدمة الانسان من اجل ان يسعد لعبادة الله سبحانه وايضا طلب الله من البشر في السعي من اجل تحصيل الرزق الذي كتبه الله لهم فقال تعالى
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
فاطر 44
يقول تعالى: قل يامحمد لهؤلاء المكذين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل، كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، فخلت منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من نعيم بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد، وكثرة الأموال والأولاد تفسير ابن كثير
وقال تعالى
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)
الملك15
قال الطبري
وأولى القولين عند بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.
وقوله: وكُلُوا مِنْ رزْقِهِ يقول: وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض، وَإلَيْهِ النُّشُورُ يقول تعالى ذكره: وإلى الله نشركم من قبوركم.
والايات كثيرة والمعاني غزيرة دل على ان الله سبحانه وتعالى قد خلق الارض من اجل ان يعبد عليها لذا وفر له اسباب المعيشة واساب المعيشة كثيرة جدا واسباب الرزق كثيرة جدا وكلها مباحة والاصل فيها الجواز الا ما جاء الدليل على حرمته او كراهته او ذريعة للحرمة لان الوسائل تأخذ حكم المقاصد
لذا اعلم ان حكم البحث عن الدفائن ينقسم الى قسمين
الاول
ما هو حكم البحث والنقيب والمشي والسعي واللهث وراء الدفائن
الثاني
ما هي احكام الاشياء المستخرجة من باطن الارض
اما المسئلة الاولى وهي ما حكم البحث عن الدفائن ؟
اعلم ان حكم البحث عن الدفائن الاصل فيه الاباحة والجواز الا ما دل الدليل على حرمته فمن قال بالحرمة او الكراهة نطالبه بالدليل وهذا الحكم من حيث الجملة والعموم لان الاصول الشرعية بيح هذا الامر ويبقى الامر على اصله وهذا من حيث الجملة
اما من حيث التفصيل فانني اقول قولا واخشى فيه المعركة واللائمة وهو ان الحكم التفصتيلي للبحث عن الدفائن فانه تجري فيه الاحكام الخمسة وكل واحد بحسب حاله فلا نستطيع ان نعمم الحكم على كل من بحث عن الدفائن لاختلاف الناس واختلاف مقاصدهم واختلاف تجاربهم واختلاف اساليبهم فاني والله ارى ان الحكم على كل الاشخاص بحكم واحد فانه حكم ظالم وانني لا اروج لبضاعة هولاء الناس بل الحق احق ان يتبع ولا اخفيكم ان الحكم للغالب والنادر لا حكم والغالب في هذا المجال ان كذبه اكثر من صدقه وان وهمه اكثر من حقيقته وان الدجل والشعوذة فيه قد اتنشر وعمت فالى الله المشتكى والمقصود والحكم على ما يجري من هذا القبيل فانه يحرم وايضا ان الحكم في بعض الاشخاص الذين يبحثون عن الدفائن انه يحرم بحقهم ويكره لاخرين ويجب على اخرين ويباح لاخرين وهكذا فكل واحد له حكم خاص بناء على مقصده واسلوبه وطريقته في البحث واني ادعوا الله ان ابين هذه الطرق اي الشرعية منها والغير شرعية والحقيقية وغيرها والله اعلم
الخلاصة :
حكم البحث عن الدفائن من حيث الاصل انه جائز ومباح وهذا مجمل
اما المفصل فان كل من بحث عن الدفائن له حكم خاص به والحكم يكون على الطريقة المتبعة او الاسلوب المتبع والمقصد والمنهج في السعي وراء الدفائن والحكم المفصل تجري فيه الاحكام الخمسة والله اعلم
اما الركاز من ركز الشيء بمعنى اركزه اي وضعه وله معاني كثيرة قال ابن منظور في لسان العرب
ركز: الرَّكْزُ غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرمـح ونـحوه تَرْكُزُه رَكْزاً فـي مَرْكَزه، وقد رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه: غَرَزَه فـي الأَرض؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والـحَلَقُ الـحُلُولُ
والـمَراكِزُ: منابت الأَسنان. ومَرْكَزُ الـجُنْدِ: الـموضع الذي أُمروا أَن يلزموه وأُمروا أَن لا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرجل: موضعُه: يقال: أَخَـلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه.
وارْتَكَزْتُ علـى القوس إِذا وضعت سِيَتها بالأَرض ثم اعتمدت علـيها. ومَرْكَزُ الدائرة: وَسَطُها.
والـمُرْتَكِزُ الساقِ من يابس النبات: الذي طار عن الورق.
والـمُرْتَكِزُ من يابس الـحشيش: أَن ترى ساقاً وقد تطاير عنها ورقها وأَغصانها.
ورَكَزَ الـحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً أَثبته فـي الأَرض، قال الأَخطل:
فلـما تَلَوَّى فـي جَحافِلِه السَّفا،
وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ
وما رأَيت له ركْزَةَ عَقْلٍ أَي ثَباتَ عقل. قال الفراء: سمعت بعض بنـي أَسد يقول: كلـمت فلاناً فما رأَيت له رَكْزَةً؛ يريد لـيس بثابت العقل، والرِّكْزُ: الصوتُ الـخفـيُّ، وقـيل: هو الصوت لـيس بالشديد. قال وفـي التنزيل العزيز: {أَو تَسْمَعُ لهم ركْزاً{}؛
وفـي حديث ابن عباس فـي قوله تعالـى: {فَرَّت من قَسْوَرَةٍ}، قال: هو ركْزُ الناس، قال: الرِّكْزُ الـحِسُّ والصوت الـخفـي فجعل القَسْوَرَةَ نفسها رِكْزاً لأَن القسورة جماعة الرجال، وقـيل: هو جماعة الرُّماة فسماهم باسم صوتهم، وأَصلها من القَسْرِ، وهو القَهْرُ والغلبة، ومنه قـيل للأَسد قَسْوَرَةٌ.
والرِّكازُ: قِطَعُ ذهب وفضة تـخرج من الأَرض أَو الـمعدن.
وفـي الـحديث: وفـي الرِّكاز الـخُمْسُ. وأَرْكَزَ الـمَعْدِنُ: وُجِدَ فـيه الرِّكاز؛ عن ابن الأَعرابـي. وأَرْكَزَ الرجلُ إِذا وَجد ركازاً. قال أَبو عبـيد: اختلف أَهل الـحجاز والعراق، فقال أَهل العراق: فـي الرِّكاز الـمعادنُ كلُّها فما استـخرج منها من شيء فلـمستـخرجه أَربعة أَخماسه ولبـيت الـمال الـخمس، قالوا: وكذلك الـمالُ العادِيُّ يوجد مدفوناً هو مثل الـمعدن سواء، قالوا: وإِنما أَصل الركاز الـمعدنُ والـمالُ العادِيُّ الذي قد ملكه الناس مُشَبَّه بالـمعدن، وقال أَهل الـحجاز: إِنما الركاز كنوز الـجاهلـية، وقـيل: هو الـمال الـمدفون خاصة مـما كنزه بنو آدم قبل الإِسلام، فأَما الـمعادن فلـيست بركاز وإنما فـيها مثل ما فـي أَموال الـمسلـمين من الركاز؛ إِذا بلغ ما أصاب مائتـي درهم كان فـيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك، وكذلك الذهب إِذا بلغ عشرين مثقالاً كان فـيه نصف مثقال، وهذان القولان تـحتملهما اللغة لأَن كلاًّ منهما مركوز فـي الأَرض أَي ثابت.
يقال: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزاً إِذا دفنه. والـحديث إِنما جاءَ علـى رأْي أَهل الـحجاز، وهو الكنز الـجاهلـي، وإِنما كان فـيه الـخمس لكثرة نفعه وسهولة أَخذه. وروى الأَزهري عن الشافعي أَنّه قال: الذي لا أشك فـيه أَن الرِّكاز دَفِـينُ الـجاهلـية، والذي أَنا واقف فـيه الركاز فـي الـمعدن والتِّبْر الـمخـلوق فـي الأَرض. وروي عن عمروبن شعيب أَنّ عبداً وجد رِكْزَةً علـى عهد عمر، رضي الله عنه، فأَخذها منه عمر؛ قال ابن الأَعرابـي: الرِّكازُ ما أَخرج الـمعدنُ وقد أَرْكَزَ الـمعدنُ وأَنالَ، وقال غيره: أَرْكَزَ صاحِبُ الـمعدن إِذا كثر ما يخرج منه له من فضة وغيرها. والرِّكازُ: الاسم، وهي القِطَع العِظام مثل الـجلاميد من الذهب والفضة تـخرج من الـمعادن، وهذا يُعَضِّد تفسير أَهل العراق. قال: وقال الشافعي يقال للرجل إذا أَصاب فـي الـمعدن البَدْرَةَ الـمـجتمعة: قد أَرْكَزَ. وقال أَحمدبن خالد: الرِّكازُ جمع، والواحدة رِكْزَةٌ، كأَنه رُكِزَ فـي الأَرض رَكْزاً، وقد جاءَ فـي مسند أَحمدبن حنبل فـي بعض طرق هذا الـحديث: وفـي الرَّكائزِ الـخُمْسُ، كأَنها جمع رَكِيزَة أَو رِكازَةٍ.
والرَّكِيزة والرِّكْزَةُ: القطعةُ من جواهر الأرض الـمركوزةُ فـيها.
والرِّكْزُ الرجل العاقل الـحلـيم السخي. والرِّكْزَة: النـخـلة التـي تُقْتَلَعُ عن الـجِذْعِ؛ عن أَبـي حنـيفة.
قال شمر: والنـخـلة التـي تنبت فـي جذع النـخـلة ثم تـحوَّل إِلـى مكان آخر هي الرِّكْزَة، وقال بعضهم: هذا ركْزٌ حَسَنٌ وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ وهذا قَلْعٌ حسن. ويقال: رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ. ومَرْكُوزٌ اسم موضع؛ قال الراعي:
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ،
مَغانِـيُّ أُمّ الوَرْدِ إِذْ هِي ما هيَا
انتهى النقل من لسان العرب لسان العرب