اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 الشراكسة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
kingsam

kingsam



الشراكسة Empty
مُساهمةموضوع: الشراكسة   الشراكسة Icon-new-badge24/10/2010, 06:50

قد يسمع الكثير منا عن الشركس أو الشراكسة , و لكن القليل من يعرف أصولهم
فمن هم الشراكسة إذا :

أرض القوقاز : و هي البقعة الواقعة بين البحر الأسود غربا و بحر قزوين شرقا , و شمالا من نهر القوما وصولا

إلى هضبة أرمينيا جنوبا , مساحة هذه الأرض تقدر { 400 } ألف كيلو متر مربع و تنقسم المنطقة لقسمين

الأول يعرف بشمال القوقاز
و الثاني جنوبها { ما وراء القوقاز } و تنتشر فيها سلسلة جبال هائلة تختلف ارتفاعاتها من قمة للأخرى أعلى قممها جبل { البروز } يكسوه الثلج دائما و يدعونه شيخ الجبال أو الجبل
المبارك و ترتفع قمته بعلو 5600 م و منها ينحدر نهر قوبان , و السلسلة الجبلية تبدأ مرتفعة بالشمال و تنخفض كلما اتجهنا جنوبا , و تكسو هذه الجبال غابات كثيفة جدا و مخيفة أحياناً .

تلك هي طبيعة الأرض التي عاش بها شعب القوقاز و هو الاسم الجامع لكل سكانها أما اسم شركسي فهو وصف أطلقه الأجانب على شعوب و قبائل شمال القوقاز .

إذ لا توجد أي قبيلة تحمل اسم القبيلة الشركسية { وربما أن أصل هذه التسمية إيراني أو تتري } فهو يعني سكان القوقاز جميعا و التي تجمعهم حضارة واحدة و إن اختلفت لغاتهم .

وتضم شعوب شمال القوقاز { الأديغة - البجدوغ -الأبازاخ - الشاب سوغ - القرشاي -التشمقواي -

النختواي - الوي ناح - الداغستان الشيشان .. الخ}.
و قد أكد العالم الألماني باخ أن أرض القوقاز هي المصدر الأساسي للجنس الأبيض .و قد سماها السلالة القوقازية و إليها ينسب سكان آسيا الصغرى و أوروبا و شعوب المنطقة العربية و إيران .

كان لموقع القوقاز أهمية كبيرة فهي صلة الوصل بين وسط آسيا و أوروبا ومنها عبرت الهجرات البشرية باتجاه الغرب كما انتقلت عبرها الحضارات بين الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب , و قد كانت الطريق التجاري الأمن بين الهند و الصين إلى أوروبا و ذلك قبل أن يبحر الأوروبيون بطريق رأس الرجاء الصالح و قبل شق قناة السويس و القوقاز تكثر فيه الغابات و السهول و نظرا ً لكثرة أمطاره تنتشر فيه المحاصيل بشتى أنواعها و لعل البترول أهم ثرواته الباطنية .

أم القبائل :

يجمع المؤرخون أن القبيلة الأم لشعوب شمال القوقاز هي قبيلة " آنت -ANT "التي كانت تقطن شمال لبحر الأسود و قد سمي نهر القوبان آنذاك " نهر آنتي " نسبة لتلك القبيلة , و قد بقي هذا الاسم يتردد في الأغاني و الملاحم الوطنية الشركسية كما هو محفوظ إلى الآن , و يضيف المؤرخون أن أبناء هذه القبيلة هم أحفاد " الحثيين " . حيث يؤكد أن الخط " الميخي " الذي استعمله الحثييون لا يزال مستعملا عند الشر اكس على شكل شعارات للقبائل , و أن ما تبقى من لغة الحثيين على قلتها إنما هي لغة الشراكسة و تنطبق عليها تماما ,

إضافة إلى أن التاريخ الفرعوني المصري قد حفظ بمخطوطاته الكثير عن معتقدات الحثيين و عن نمط ملابسهم . و قد ذكر العلماء أيضا أن الحثيين وصلوا للشرق من هضبة الأناضول بعد هجرات طويلة و متتالية بدأت من أواسط الآلف الثالث قبل الميلاد و قد توسع ملكهم و نفوذهم حتى شمل في أوج قوتهم آسيا الصغرى و بلاد ما بين النهرين و سوريا حتى الحدود المصرية و ذلك في القرن الخامس عشر قبل الميلاد , و قد انتهى الوجود السياسي لهم بحلول عام سبعمائة قبل الميلاد , لكن وجودهم البشري استمر إلى أن انصهرت عشائرهم بالمجتمعات المحلية . وقد ورد ذكر الحثيين في العهد القديم { أن إبراهيم الخليل عليه السلام عندما هاجر من بلاد ما بين النهرين و وصل إلى حبرون " الخليل " اشترى كهفاً من الحثيين }.

و بعد .. فقد أجمعت البحوث و الدراسات أن الشراكسة " القوقازيون " هم فعلا أحفاد الحثيين , و أنهم من الأمم العريقة الضاربة في التاريخ.

التربية الشركسية و العادات:
مصطفى حسن الجركس

لمحة عن القفقاس

تقع بلاد القفقاس بين الشاطئ الشرقي للبحر الأسود والشاطئ الغربي لبحر قزوين. فهي بهذا الموقع ممر للأمم التي تنحدر من الشمال إلى الجنوب، أو تصعد من الجنوب إلى الشمال أثناء غزواتهم وفتوحاتهم، الأمر الذي جعل سكان هذه البلاد معرضين لحروب ضارية ومتواصلة وهم لكي يدافعوا عن أوطانهم ويقوها من شر الغزاة الطامعين الذين يفوقونهم بالعدة والعدد، ادخلوا في جميع عناصر حياتهم، ومقومات وجودهم، بل وفي حياتهم اليومية، تقاليد وعادات لها اتصال مباشر بالرجولة والفروسية، فعرفوا بهذه الخلال بين شعوب العالم. وأكبرت هذه الشعوب شجاعتهم وبسالتهم وشدة مراسهم في أوقات الحرب والسلم على السواء وعرف سكان هذه البلاد المسلحين ( بالجراكسة ) وهم مؤلفون من عدة قبائل يشترك جميعهم باللباس والعادات والأماندر، ويتفرقون باللغات إذ لهم لغاتهم الخاصة وبعضهم لهاجت قريبة من بعضهم الآخر. وكما أن طبيعة بلادهم تساعدهم على الحرب، إذ أن أكثرها جبلية، ويبلغ ارتفاع بعضها ما لا يقل عن (5640 قدما) وهي مكسوة بالأحراش السندسية، والأشجار المثمرة الطبيعية، والمناجم الحديدية والنحاسية، وأما سهولها فغنية التربة، اشتهرت بوفرة المحصول وقد كانت الأجيال متعددة عرضة لهجمات الغازين الطامعين في أراضيها الخصبة الجميلة، يدمرون قراها، وينهبون خيراتها، غير أنهم لم يتمكنوا من قهر وإذلال أهاليها كما حدث في غزوات اليونان والرومان والمغول والتتر وحربهم السنين الطوال مع الإمبراطورية الروسية، التي تسببت بهجرة الملايين من سكانهم لأنهم لم يكنوا ولم يرضخوا لعيشة الذل والخنوع أبداً.
عادة الرضاع قديمة جداً في بلاد القفقاس، وذلك لربط صلة الجيرة بصلة القربى بوساطة الرضاع الذي يجعل سكان القرية عائلة واحدة، فيضطرون لذلك أن يصاهروا ويناسبوا من القرى المجاورة لهم، فيوجد هذا التوسع أسبابا لتزاور أهل القرى بعضهم لبعض أثناء السلم، وشد أزر بعضهم البعض وقت الحرب، إذ أنهم من الرضاع والمصاهرة والنسب شكلوا كتلة قوت دعائم القومية.

الجركسية في الطفولة

الأطفال عندما يولدون يبقون في حجور أمهاتهم، بعيدين عن الوالد التي تقضي واجبات رجولته ألا يداعبهم ولا يملهم ولا يكلمهم حتى ولا يأكل معهم، وذلك لأجل أن لا تؤثر وعليهم العاطفة، إذ العاطفة والرجولة ضدان لا يجتمعان. فقتلوا لذة والعطف والحنان، وخلقوا لذة الرجولة والهيبة والاحترام. وهم لذلك تركوا تربية الأطفال لأمهاتهم اللواتي هن سيدات مملكتهن الداخلية لتذكي فيهم روح التربية الأساسية من صدق واستقامة، إلى أن يقوى عودهم، ويبدأ نضوج تفكيرهم فتهدأ عندئذ في إذكاء روح الشجاعة والنبل في نفوسهم، وتراقبهم أثناء لعبهم ولهوهم فتشجعهم إذا أصابوا، وتؤنبهم إذا أخطأوا حتى يخرجوا من دور الطفولة، ويدخلوا في طور الشباب، فيبدؤون بمساعدة والديهم، الولد مع أبيه، والبنت مع والدتها، وعند فراغهم من أعمالهم اليومية، يذهبون للساحات العامة للتسلية بالألعاب الرياضية التي قلما تجد شابا ليس له هواية خاصة، حتى البنات لهن رياضتهن الخاصة بهن، وبعد الغروب يعودون إلى بيوتهم للعشاء واستبدال ملابسهم استعداد للذهاب إلى السهرات التي تجمع عادة الفتيان والفتيات. وفي هذه السهرات يتسامرون ويغنون ويرقصون فالسمر عندهم علم وتاريخ وحكايات معظمها بمدح الفتيان والفتيات الذين يعرفونهم أو يسمعون عنهم من ذوي الخصال الحميدة، ليتشوق الكل إلى التحلي بصفاتهم، أما الأغاني فأكثرها حماسي ورثائي لا يخلو بعضها من الغزل الرقيق، وأما الرقص فيعدونه من الرياضة والفروسية، فتعليمه فرض على كل فتى وفتاة.

طور الشباب

من الطبيعي في مثل هذه السن، أن يبدأ بالإنسان طبيعة حب الظهور بالملبس والأناقة والقوة والأدب والرياضة، وما شابه ذلك ابتغاء نيل المديح والثناء من معارفه وذويه، وبالأخص من الحسان اللائي لهن الأثر الفعال بخلق المنافسة الشريفة بين الشباب، ومن تلك الآثار نذكر هذه العادة الشريفة.
تحضر الآنسات لمهرجان المسابقات ومعهن الهدايا التي يصنعها عادة بأيديهن ليقدمنها للفائزين. وللفائز مطلق الحرية أن يأخذ الهدية التي تروقه من أي بنت شاء وفي أكثر الحالات ينتخب الفائز هدية البنت المتحيزة للشاب المنافس له، ليغتبط الجمهور من تحديه لمنافسه مرة ثانية. فيلهب هذا التحدي مشاعر المتنافسين ومن يشايعهم من الشبان والشابات، فسيتعدون بكل ما أوتوا من جهد وعناء لمسابقة الأخذ بالثأر. فهل تظن أن فتى في أي حلبة رياضية في الشعوب يلقى جائزة أثمن في عينيه وأحلى على قلبه وشبابه وأرضى لرجولته، من هذه الجائزة التي يتناولها من اليد الجميلة، وهو يستعرض سرب الحسان الفاتنات المسرورات منهن وغير المسرورات ويعود الفائز لداره وكأنه ملك الدنيا بانتصاره، ويعود المغلوب خجلا يختبئ في داره. فيمثل هذه العادات كانوا يشجعون ويحمسون شبابهم.

التعارف والزواج

الاجتماعات بين الأقارب والجيران، تشبه أن تكون اجتماعات عائلية، يقصد منها من جملة ما يقصد التعارف وتعليم الصفات الحسنة، ونادرا ما ينتج عنها أكثر من ذلك كالزواج مثلاً" لأن العادة المتبعة في معظم قبائل القفقاس عدم تشجيع الزواج من الأقارب، وكانوا يستهزئون بأغانيهم من المتزوجين من بنات عماتهم وعمومهم وحتى في بعض القبائل لا يذكرون كلمة ابنة عم وابنة عمه، بل يقولون أخي وأختي من عمي فلان، وكأنهم أدركوا بطبيعة المخاطرين، ضرر هذا الزواج على صحة النسل، وكذلك يعدون الجيران كالأقارب بسبب انتشار الرضاع بينهم، ولكي يتعرفوا على غير أقاربهم وإخوانهم في الرضاعة، شجعوا ونظموا الرحلات الرياضية إلى القرى المجاورة، حيث يقيمون المباريات والمسابقات المختلفة من رياضية وأدب وغير ذلك، فهذه الفرق التي دربت أحسن تدريب تنتقل إلى القرى المجاورة، لتقيم مع فتيانها المباريات، وفي أثناء ذلك يحاول كل فتى وفتاة أن يظهر براعته في الألعاب، وكذلك في الأدب والشهامة وحسن التربية فإذا ما تم الفتى لفتاته، من جراء هذه الرحلات التي تبدأ في مطلع الربيع، وربيع قفقاسيا، زهر وعطر وجبال يتوجها الغمام، وسهول هي مثال الخصب والنماء، يبدأ الفتى بالتردد على منزل فتاته ليختبرها وتخبره، وتتعرف على أخلاقه وخصاله، على علم من أهلها، وفي حرية تامة، وتكون هذه الفترة من أسعد الفترات في حياتهما، يتذوقن نعيمها في شبابهما ويعيشان على حلاوة ذكراها مدى الحياة. وعندما يستحكم بينهما الحب، ويستولي عليهما الهوى، ويعلم به الخاص والعام، يبدأ التذمر من أهل الفتاة ويأخذون بذم الفتى، وأنه غير أهل لمصاهرتهم، ومخا شابه ذلك من كلام قارص. ومن ثم يمنعانهما من التلاقي والاتصال، فيجن جنون الفتاة، وتنكر على أهلها مسلكهم هذا، فهم الذين استقبلوا الفتى في بيتهم، وأضافوا وأكرموه، وتركوا لها حرية الاتصال به، ثم الآن قد أبدلوا مسلكهم الكريم المتسامح، وأضافوا وأكرموه، وتركوا لها حرية الاتصال به، ثم الآن قد أبدلوا مسلكهم الكريم المتسامح، بمسك كلمة قساوة، بغير ذنب اقترفه الفتى أو الفتاة.
وأخيراً تتدبر الأمر، فتجد أن لا سبيل إلى الخلاص من هذه المعيشة التي انقلبت فجأة من نعيم إلى جحيم وضعها الأهل فيه، ألا الهرب مع حبيبها، كائنة ما كانت النتائج، فهي على كل حال أهون مما هي فيه.

الزواج بالخطف

وليس ما يلقا الشاب بعد أن حرم من الاجتماع بحبيبته بأقل مما تلقاه الفتاة، بل هو يزيد عليها في ذلك، إذ رجولته وكرامته وما وصل إلى علمه من أن أهلها يذمونه ويعيبون عليه خاصله، فما أن يتناها إليه خبر عزمها على الهرب معه، حتى يتفق واياها على موعد، وفي أكثر الأحوال تكون والدتها على علم بذلك، فيأخذ بتهيئة الخطة لهذه العملية التي هي محك قدرته وشجاعته وفروسيته، فيسر الأمر إلى أصدقائه الخلص، فيهبون لنجدته ويتطوعون لمعونته، فيأخذون بدراسة الطرق المؤدية إلى قرية العروس، ايها يسلكون في ذهابهم وإيابهم؟ وهل قريبة تقوى على قطعها الخيل دفعة واحدة، أو بعيدة تحتاج إلى تبديلها؟ وعن مراكز الكمين لمنع تقدم المطاردين، وعدد المدافعين، وعند من سيضعون العروس، ومن يستجيرون به، فإذا ما عرفوا من ذلك كله، امتطوا ظهور جيادهم، وخرجوا من قريتهم خلسة، وذهبوا في الساعة المتفق عليها من الليل، فيتقدم العريس ويحمل العروس التي تكون بانتظاره على حصانه، ثم يقف ورفاقه على حدود القرية، ويطلقون العيارات النارية الثلاثة المتفق عليها بين القبائل، ايذانا لشباب القرية بخطف العروس منهم فيهب الفرسان من نومهم ويلبسون عدة القتال ويسرجون ويلجمون خيولهم في دقائق معدودة ويلحقون بهم، عندما يقتربون من الكمين الموضوع ولاعاقة اللاحقين، ينذرهم بإطلاق عيار ناري عليهم وتقضي التقاليد عند ذلك بوجوب الانصياع لهذا الإنذار وعدم اجتياز هذه الطريق، والتفتيش عن غيرها. ولكن قد يوجد – ونادرا ما يكون ذلك – بين المهاجمين من تأخذه العصبية والحمية، فيصر على سلوك هذه الطريق، غير مبال الكمين، فينذرهم الكمين ثانية، ولكن بأسلوب آخر وهو قتل جواد المغير بعيار ناري، فإن لم يعودوا لصوابهم، ويكرمون التقاليد المتعارف عليها، وأصر أحدهم على اقتحام الكمين، فيحق للكمين أن ذاك أن يدافع عن نفسه ويقتل المهاجم، ولا يطالب أبداً بدمه، وما زال قد أنذره أولاً، وقتل جواده ثانيا وإذا وقع اختلاف وسوء تفاهم في ذلك، عرضه الطرفان على كهول الفرسان ممن لهم خبرة سابقة، ليحكموا بينهم، وحكمهم هو القول الفصل، وعلى الجميع أن يقبلوه بدون اعتراض.

تمارين لفرسان ليوم الخطف

عار وأي عار أن يمسك الخاطف أو أي فارس من رفاقه، إذ يعامل عند ذلك بجميع أنواع الازدراء والاحتقار، وحتى التعذيب والتشهير، ويطوفون به في الأزقة، الحال التي لا تتحملها أعصاب أولئك الرجال، اللذين تربوا على الآنفة والعزة فمن الصعب أن نتصور عريسا يفرط بتسليم عروسه، أو فارسا بتسليم نفسه، إذ أنه يفضل الموت على ذلك. ويصدف في بعض الأحيان أن يضطر أحدهم لتسليم نفسه، وإنما لسبب من الأسباب خارج إدارته، ففي مثل هذه الحال يطلب منهم إعطاؤه الأمان، وأن لا يهينوه ولا يحتقروه قبل أن يحاكموه وألا سيضطر للدفاع عن كرامته وحقوقه لآخر رمق من حياته، فيعطوه الأمان الذي طلبه، وبعدها يحاكموه، فإذا أثبت أنه قام بما تمليه عليه واجبات الرجولة، فإنهم يقدرونه ويعفون عنه وإذا لم يتمكن من ذلك أهانوه وعذبوه وجعلوه عبرة لغيره من الشبان، ولأجل ذلك أدخل شباب الجركس بتمارينهم وألعابهم تمرين خاص يمثل خطف العروس وذلك بجمع الفرسان خارج القرية، وتقسيمهم إلى قسمين، يعطون القسم الأول علماً أو جلدا من النرو لينهزم به ويتبعهم القسم الثاني ليأخذ العلم أو الجلد من حامله، فيحمي وطيس المهاجمين ودفاع المنهزمين بشكل حماسي منقطع النظير. وفي بعض الأحيان يضطر حامل العلم أن يجازف بنفسه وحصانه، لكي لا يفرط بتسليم علمه، لأن العلم هذا يمثل العروس التي سيخطفها في يوم من الأيام.

مراسم الخطبة والزواج

تبدأ مراسم الزواج والخطبة بعد الفوز بالعروس، فيذهب الوجيه الذي استجارت به العروس التي تعتبر فيما بعد من عداد أولاده وبناته، مع وفد من القبيلة بشكل جاهة إلى والد الفتاة بمعاونة هيئة الاختيارية، يسترضونه ويصالحونه. ويعودون للبدء بمراسم الإفراج تمهيداً للزواج، وهكذا تنتهي مراسم الخطبة، ثم تؤخذ العروس بعد ذلك من دار الوجيه إلى دار البنت التي تكون فيما بعد ( شبينتها )أي كأخت لها، وكذلك يذهب العريس أيضاً إلى دار أصدقائه، ويكون هذا الصديق ( شبين ) أي كأخ له، وأن على هؤلاء ( الاشبينين ) نفقات الفرح مهما كان ولئلا يرهقوهم بنفقات العرس الباهظة، عمدوا إلى بعض التقاليد لمساعدة ( الاشبينين ) المضيفين لتلك الجموع الغفيرة التي تأتيهم من جميع القرى المجاورة لهم، إذ أن العادة تقضي بإرسال وفد مؤلف من شبان وشابات مع موسيقاهم الشعبية إلى القرى لدعوة الشبان والشابات الذين يعرفونهم، فكل دار تصدح أمام بابها الموسيقى، تعتبر مدعوة للفرح، وهذه الدعوة ليس لها مثيل في العالم، إذ المدعو لا يمكن أن يقول ما علمت أو ما دعيت، فيأتي المدعوون والمدعوات أفواجاً أفواجاً، ومعهم هداياهم حسب قدرتهم ليقدموها كمساعدة لدار الفرح. كما تجري المبارزات والمسابقات على جوائز مقدمة من الأصدقاء، كالخيل والبقر والغنم والشال والسجاد والبسط وما شابه ذلك، والفائزون بتك الجوائز يقدمونها لدار الفرح. وكذلك الحال في الليل، فإنهم يتبارون في حلبة الرقص، الذي يعدونه محكا لاخلاق وشهامة وكرم الشبان، إذا يتقدم الفارس ويطلب من رئيس ( التشريفات ) الذي كان له سلطة حفظ النظام من البنات ليراقصها. فيذهب هذا ويبلغ البنت. فإذا قبلت تقدم بأدب وحشمة للحلبة بين تصفيق وحماس الجميع لمراقصتها التي تدوم عادة من خمس إلى عشرة دقائق. فترجع لمكانها مشيا إلى الخلف لكي لا تدير ظهرها للشاب احتراما وأدبا، فيتبرع عندئذ الشاب بهدية قيمة للبنت بواسطة رئيس التشريفات وهذا بدوره يعلن للجمهور اسم الذي أهدى، واسم التي قدمت لها الهدية ونوع الهدية، ليتحمس غيره أيضاً ويرقص ويهدي هدية أثمن ممن سبقه، فيشتد حماس الشباب أحياناً ويهدون جميع ما يملكون، ولكن في اليوم التالي، يرد إليهم ما أهدوه مقابل مبلغ عن المال يتفق عليه، وهذا المال بطبيعة الحال يقدم مساعدة لدار الفرح. وفي أيام تلك الأفراح التي تدوم عادة لأسابيع، ولا يسمح للعريس حضور دار الفرح مدة من الزمن، وتكون هذه الفترة، للاشتياق والراحة، وبعد ذلك يأخذ الصديق المضيف العريس خفية في آخر هزيع من الليل إلى دار ( شبينة ) العروس التي هي والعروس بانتظارهما، ويجتمع العريس بعروسه ويخلو بها وقتا قصيرا، إذ ( الشباين ) لا يمكنوهم بالاستمتاع ببعضهما أكثر من ذلك الوقت القصير، وتلك حكمة صحية، إذ التفريط بأول يوم عاقبته وخيمة جداً ومن ثم وقبل طلوع الفجر يرجع العريس مع صديقه لدار الشبين، ويمنع من الاتصال بعروسه منعا باتا مدة لا تقل عن الأسبوع، وزيادة في المنع، يضعون على العروس حرسا من الأصدقاء، وإذا لفلت العريس منهم في إحدى الليالي، وعلم الشباب بذلك فتجازون الحراس الذين لم يحسنوا الرقابة بغارمة باهظة تقدم لدار الفرح ولتلك أيضاً حكمة صحية إذا الاتصال بالعروس بهذه المدة له عواقب اوخم من الأولى. وبعد انتهاء مدة الحراسة ينقلون العروس من دار ( شبينتها ) إلى دار العريس باحتفال خاص، ، ويبدأ اتصال العريس بعروسه خلية وعلى فترات قصيرة أيضاً مدة شهر تقريباً، إذا يبقى بدار الشبين، فيساهرونه ويتسامرون إلى ما بعد منتصف الليل، وبعد أن ينام الجميع، يذهب خلسة إلى عروسه، ويرجع من عندها قبل طلوع الفجر، لكي لا يراه، وذلك خجلا من أهله ومن الناس. ويكونون بهذه المدة قد عرفوا العروس بأهل عريسها، وهذا التعارف أيضاً يكون بمراسم خاصة، لها قيمتها الأخلاقية والاجتماعية وتدخل بعد ذلك في تقاليد وعادات السيدات من ربات البيوت المحترمات، فتعمل جاهدة على محبة وعطف أهل عريسها الذين أصبحوا بمثابة والديها وأهلها وهم أيضاً يجتهدون أن يكرموا البنت التي تركت أهلها حبا بولدهم، فيقدسونها ويحرمونها ويلاطفونها.
الزواج بالمال لا بالشجاعة

لا بد أن القارئ الكريم، شاهد في بعض المجلات الإنكليزية والأفلام السينمائية صورا لعروسين يمر فيها العريس وبين صفوف الضباط، وهم شاهرون سيوفهم أن هذه العادة هي من صميم العادات الجركسية لأن الفتى الثري إذا أراد أن يتزوج بماله وجاهه لا بفروسيته كما هي العادة الجركسية في اختطاف العروس التي يتدربون على إتقان عمليتها السنين الطويلة، ويظهرون فيها ضروب الشجاعة والفروسية ووضع الخطط الحربية لانجاحها، فعليها في هذه هذا الذي لا يتم. بالشجاعة والقدرة أن يخضع للتقاليد المرعية، التي منها أن يسترضي ذوي البأس من الشباب، بالهدايا التي بعث بها إليهم، ولكن الآخرين الذين ليس لهم نصيب من هذه الهدايا يحتجون، إذ كيف يجوز لواحد أن ينتقي العروس التي يريد بماله فقط، بدون جهد وعناء وماذا يصنعون هم وليس عندهم الا شجاعتهم، إذ فعلى العروسين أن يمرا من تحت سلاحهم على مرأى من الجمهور، الذي يقف متفرجا يضحك عندما يحني رأساهما تحت السيوف المتشابكة، التي تهبط قليلاً لتضطرهم على الانحناء ليذلوهم، وعلى هذا العريس أيضاً لا يذكر الفروسية هو وابنه وابن ابنه. وإذا ما تخاصم ابنه مع أحد من الناس ذكروه اباه حينما تزوج أمه مر من تحت عشرين ( قامة ). فإن لم يرتدع جاءوا إلى أبيه وعلى مسمع منه أعادوا على الولد ما عيروه، وطالبوه بالتزام حدوده، وأن لا يفتخر بالرجولة بعد الآن. إن هذه التقاليد تمنع الرجل من الاعتماد على جاهه بعد الآن. إن هذه التقاليد تمنع الرجل من الاعتماد على جاهه وغناه، ويهمل عادات وتقاليد الفروسية، لأن إهمالها يورثه وأبناءه عارا بين عشيرته، ويضر بمصلحة وطنه. وبعد أن علمنا الأسباب لداعية لعادة مرور العروسين من تحت السلاح المتشابك عند الجراكسة، فيا حبذا لو نعلم بأسبابها عند الإنكليز.

مدى تقديرهم للشجاعة

استولى أحد الفتيان القرويين، على قلب بنت أمير من أمراء الجراكسة، ورضيت أن تهرب معه، فلما تمت مراسم الخطف، ذهب وفد الوساطة المتعارف عليه لاسترضاء الأمير، ولذلك طلب منهم لا يستطيعوا الوفاء به كل العشيرة. فعاد الوفد وأعلم العشيرة بما طلبه الأمير من مهر لا قبل لهم به، فاحتاروا كيف يرضون الأمير الذي لا غنى لهم عنه، لما له في نفوسهم من المعزة والاحترام، وكيف يحافظون بذلك الوقت على تقاليدهم التي تجبرهم على ألا يتخلوا عن العروس مهما بلغ بهم الأمر وأخيرا أجمعت العشيرة نساء ورجالا أن يقدموا جميع ما يملكون من حلي ومال، وفوق هذا، استعدت الصبايا والسيدات لقص شعورهن وإرسالها إليه، إذا لم يرضى بهذه الحلي وهذا المال. فعاد وفد الوساطة ثانية وقدم للأمير أموال وحلي جميع العشيرة وأطلعوه على ما صممت عليه فتيات وسيدات العشيرة إذا لم ترضه هذه الحلي وهذا المال فاهتز ضمير الأمير وأقشعر جسده مما سمع وقال لعم: إلى هذا الحد نسبي فال عليكم، فقالوا: نعم ( نسبك والفتى الذي شرفنا بهذا النسب ) فسرّ الأمير هو وحاشيته سرورا عظيما، وأعاد أموالهم وحليهم ليعيدوها إلى أصحابها، وقال لهم: لقد غلبتموني مرتين، المرة الأولى بشجاعتكم، والثانية بكرمكم، فهنيئا لكم، وهنيئا لي بكم، ثم عاد الوفد لدياره فإنما ظافرا، وبالهدايا القيمة. فبهذه الأريحية والشهامة، كان الأمراء يملكون قلوب جماعاتهم. وبهذه الاحترامات والتضحيات كانت الجماعات تقابلهم وهذا مثال بسيط لتقدير الشجعان، من الخاص والعام من الرجال والنساء، على السواء عند الجراكسة.

الفروسية من الفارس

يدرب الجراكسة خيولهم على بعض الأعمال التي تلزم الفرسان، فهم لا يعدون الفارس فارس ما لم يعلم جواده بعض الاصطلاحات الصوتية، التي بها ينام ويقوم، أو يمشي خفيفا حذرا كاللص. وكذلك يعلمونه أن لا يجفل من صوت إطلاق النار، وأن يحرس صاحبه إذا نام، ويوقظه إذا أمس بأي حركة وينقض على أي إنسان أو حيوان إذا أمره صاحبه بذلك، كما أنه يحمل صاحبه إذا جرح مسافات بعيدة إذا اقتضى الأمر، وإذا كان المكان بعيدا وضعه في مكان أمي، وذهب إلى أهله ليعود بهم ويدلهم عليه. و يعرف بالفطرة العدو من الصاحب، وإذا سمع في الدار حركة مريبة، صهل بصوت خاص. ويرقص على أنغام الموسيقى. والأمثلة على ذلك كثيرة. ومما يدل على فرط اعتنائهم بتمرين خيولهم وتدريبها على ما أسلفنا، أن أحد الأمراء سئل عن أحسن فارس في عشيرته، ففكر ثم قال حصان فلان. وهو يعني بذلك أن رجال عشيرته كلهم فرسان، وإنما يتفاوتون بخيولهم، فحصان الذي أسماه الأمير يأتي من الأعمال والأفعال ما لا طاقة لغيره القيام بمثلها.

المرأة الشركسية

ان عملية الزواج المعقدة هذه، قد يخفى على الكثيرين فوائدها الاجتماعية والأخلاقية والفروسية،فهي ذات فوائد كثيرة، منها توثيق كيان العائلة الجركسية، وربط الفتى والفتاة برباط الزوجية الذي لا سبيل إلى انقصامه. لقد سبق ورأينا أن عائلة الفتاة، عمدت قبل عملية الخطف إلى قطع الصلة مع الفتى وأخذت تجاهر بذمه والعيب عليه، وغير أهل لمصاهرتها، وحرمت – بعد أن أباحت – على ابنتهم أن تلقاه أو تجتمع به وانتهت بخطف الفتاة وكأنه حادث تم رغم أنوفهم وخارج إرادتهم، إذا فالزواج هذا غير مسؤولين عن نتائجه، بل إنها هي وحدها المسؤولة عنه، مازال قد تم برضائها واختيارها، فعليها واجب العمل على صيانته، وبذل الجهد والتضحيات للاحتفاظ بهذا الرباط المقدس. وكذلك يفهم الزوج، أن فتاته اختارته من بين عشرات الفتيان، وأنها قارنت بين رضا أهلها ورضائه، وطاعة أهلها وطاعته فاختارت رضاءه هو، ورمت برغبة أهلها عرض الخائط أنها تعلم أن أهلها سيذكرونها بهذا، إذا جاءتهم مخاصمة زوجها، فهي تحرص أن تجيئهم كذلك، ويعطف أهل الزوج على وضع الفتاة إذ تزوجت بفتاهم على الكره من أهلها، فما أحراهم إذا أن ينزلوها من نفوسهم منزلة الابنة العزيزة ويبدلونها منهم أهل بأهل. وهي بهذا الشعور وذلك الإحساس، تقبل على بيتها وكأنهما خلقت خلقا جديدا، لتنفذ الخطط والمشاريع التي رسمتها مع حبيبها قبل الزواج لتنال رضى أهلها، الذين غضبوا منها، وأهل عريسها الذين احتضنوها وقدسوها، فتتحمل مسؤولية إدارة بيتها كما علمتها والدتها فلا تحوج الرجل أن يشتري من السوق حاجاتها. فهي تحيك له ولها الألبسة الداخلية والخارجية، من الصوف والحرير والقطن وتطرزها بالرسوم التي يتفق عها ذهنا، وتصنع للبيت ما يلزمه من فرش ومساند وأغطية ولباد وبسط وسجاد. وتصنع من الجلد القلابق أي لباس الرأس ونعال الفرسان. وهي التي تعمل السمن والجبن واللحم المقدد ولا يخفى عليها أي نوع من الطهي، وحتى أنها تدخر لزوجها أكلا خاصا يحتاجه زمن الحرب، وهذا الأكل مكون من خبز معجون بالحليب والعسل يبقى طريا لمدة اسبوعين أو ثلاثة، ولحما مقددا، وجبنا خاصا لا ينتن أبداً. وهي التي تبني الموقدة بغرفتها لتستفيد منها فوائد جمة، كالتدفئة والخبز والطهي وغلي الماء وتقديد شوى اللحم وما شابه ذلك، بشكل ليس له مثيل عند أكثر الأمم. وفوق كل هذه الأعمال هي التي تربي الأولاد وتلقنهم مبادئ الأخلاق، وطاعة الوالدين والأقارب، واحترام من هم أكبر سنا.
إن هذه الخلال والصفات هي التي مكنت للفتاة الجركسية كل هذا الاجلال والاحترام، فهي التي يتزاحم الفتيان في سن الشباب على كسب محبتها، والفوز بها، وهي التي ينظر إليها الرجال كسيدة لها مطلق الحرية بإدارة شؤون بيتها. وهي اتلي تلقاها( الحماه ) التي عرفت عند كل الشعوب وعلى مر العصور بأنها العدوة اللدود لها، بكل حب ومودة حتى قيل لاحدى الحموات. من أغلى من بنتك؟ أجابت: التي تنجب لي ولد الولد( أي العروس).

الرجل الشركسي

ينصرف الرجل الجركسي بعد أن كفته زوجته شؤون البيت جميعها، إلى الجد والاجتهاد، إذ أن شعار البيئة التي يعيش فيها ( الإنسان بجده واجتهاد لا بماله وأجداده ) فرحم الله الأجداد الذين خلفوا هذا الشعار، ونفذوه بالقول والعمل، حتى صاروا قدوة صالحة لأحفاد أحفادهم، وحققوا لهم الحكمة التي سمعها على لسان أقارب زوجته، والتي جرحت كرامته ورجولته، ولا تندمل هذه الجروح ما لم يثبت لهم أنه عكس ما نعتوه مما وصفوه، ليعرفوا أنه أهل لمصاهرتهم، ومحترم بأخلاقه ورجولته عند عشيرته وبنى قومه. إذ جرح كرامة العروسين من قبل أهل العروس، كان لحكمة رأينا بعد الزواج فوائدها العديدة، ويمكن اعتبارها أساسا لبناء صرح العائلة والوطن. فقد جنت منها الروس حبا وبيتا، وعزا واحتراما ونى منها العريس، الهمة والرجولة والانفة. فسما لحرانا إذا أن تفتش على الخال قبل أن نفتش على الجمال كما كان يفعل أباؤنا وأجدادنا، وإليك بذلك حكاية لطيفة( فتش عن الخال قبل الجمال).
أوصى أحد الأغنياء ابنه الوحيد أن ( يفتش عن الخال قبل الجمال ) عندما يود الزواج، فلما كبر الولد وأراد تحقيق وصية والده، شرع يسأل عن العائلات المحترمة ذوات الصفات الحميدة، والسمعة الحسنة، ليتزوج منها، فأرشدوه إلى احداها، في بلد ما، فقصد إليها واتصل بها، فقالت له: لماذا تكبدت مشاق هذا السفر الطويل وأتيت تتطلب بنتا هي أقل منك شأنا ومالا؟ فقال: لما أوصاني المرحوم والدي أن أجد خالا لولدي لم يذكر الفقر أو الغنى، فسرت البت وأهلها بجوابه، وبعد الجهد تزوجها. ومضت عشرون عاما لم تر فيها والديها، حتى مرض والدها مرضا خطيرا، فأرسل بطلب صهره وابنته ليراهم، فجهزوا أنفسهم، وأخذوا أكبر أبنائهم معهم، وسافروا مع قافلة كما كانت العادة الأيام. وفي الطريق خرجت عليهم عصابة من الأشقياء وبدؤوا يفتشون النساء والرجال ويأخذون ما معهم من حالي ومالي إلى أن أتى دور عروسنا بالتفتيش، فلما رأى ابنها ذلك أخذته النخوة وهجم على الشقي وقتله، وارتد على باقي الأشقياء وشتتهم، فسر الوالد من أفعال ابنه. ولما وصلوا إلى بيت والد البنت، روى الأب شجاعة ابنه لجده المريض، فبكى الجد وقال: ليتني مت قبل أن أسمع هذا، وقام من فراشه وفتح دولابا، وأخرج منه صرة فيها المبلغ الذي أخذه مهرا لابنته قبل عشرين عاما وقدمه لصهره معتذر عن قبوله منه. فتعجب الصهر وسأل عن السبب، فقال له: لأني خدعتك يا ولدي فقال: بماذا خدعتني يا عمي؟ فقال: أني لم أعطك بأني لما تزوجت امرأتي لم أفكر بالخال كما فعلت أنت، وإلا لما كنت لبست هذا العار الذي ألبسني إياه ابن ابنتي، فقال له: وما هذا العار؟ أتريد أن يفعل أكثر مما فعل؟ فقال نعم كنت أريد أن أسمع بأن النخوة أخذته عندما بدأ الأشقياء بتفتيش أول امرأة بالقافلة، وفعل ما فعل، لأن نخوة المشرف لا تفرق الغريب والقريب.

عاداتهم في اللباس والسلاح

لباس الجر كسي مريح ومناسب للفارس، بل هو من هذه الناحية يتفوق على كل لباس. وهو أقدم لباس ( مدني ) في العالم، إذ لم يطرأ عليه أي تبديل أو تخيير ألا بعض الشيء القليل جداً، لأن القطن والكتان والصوف والجلد الذي يصنع منه هذا اللباس أشياء معروفة من آلاف السنين وتعمل الألبسة الداخلية من القطن أو الكتان، والخارجية من الصوف والفرو، ويتكون اللباس الداخلي من قميص طويل له كم طويل مزرر، و ( قبة ) عالية مزررة، وذلك منعا لتسرب الغبار إلى الجسم، ومن سروال طويل له رباط ( دكة) عند الخصر، وزر عند الكاحل، وأما اللباس الخارجي فيتكون من ( بنطلون ) واسع بثنيات عن الخصر، وساقاه دقيقان يمتدان من الفخذ إلى الكاحل، فهو بهذا عريض من فوق، دقيق من أسفل، ثم يخيط عند القدم لكي لا يثني ولا يرتفع البنطلون لفوق إذا ركب الجواد، وحذاء الجركسي في الشتاء ( الجزمة ) الطويلة إلى الركبة، بحيث إذا لبسها أثناء المطر لا يبتل بنطلونه، لأن المعطف يغطي رجليه لما تحت الركبة، فيكون قسم من الجزمة تحت المعطف الصوف، وأما في الصيف فيستعيضون عن الجزمة بحذاء خفيف من الجلد الطري وبدون نعل، وفوقه ( طماقات جلد ) تغطي رجل البنطلون من الكاحل إلى الركبة، فتجعله بذلك لباسا جميل المنظر، ويحفز اهتراء البنطلون من جراء ركوب الخيل، ويمنع أيضاً الغبار والبرد، وحرارة جسم الحصان. ويتكون اللباس الخارجي أيضاً من ( جاكيت ) طويل إلى ما تحت الركبة، وبعضه مزور من الخصر إلى العنق ومفتوح من الخصر حتى الركبة. وأكمامه طويلة واسعة، يستطيع ثنيها إذا شاء، حسب ما يتطلب الطقس. ومن هذه الجاكيتات ما هو لليف، ومنها للشتاء. فالذي للصيف يكون عادة من الصوف، وأما في الشتاء فيضاف إليه تحت الصوف الفرو الناعم المصنوع من جلد الخراف الصغيرة، أو الثعالب، أو الأرانب، وذلك بالنسبة إلى طبيعة البلاد الباردة. وله جيوب من الداخل يحفظ فيها لابسها الأشياء الضرورية والتي يخشى عليها التلف أو الضياع. وخاطوا عند الخصر حزاما من الجلد، ليشد خصرهم، وليعلقوا عليه الآلات والأدوات التي لا غنى لهم عنها، مثل السكين، والمسن، والقداحة والصوان والمخرز والمفك والمبرد والملقط وما شابه ذلك، بالإضافة إلى مواضع للمسدس والقامة ( السكين الطويل ذو الحدين والذخيرة. أما ذخيرة المسدس والبندقية، فقد جعلوا لها محل في صدر الجاكيت على هيئة جيوب متطيلة، هي على الغالب أربع عشرة جيبا، أما مضاعفة ( 82 جيبا) وفي كل جيب اصبع من البارود كاملاً، أما ما يقال له في اصطلاح الصيادين ( دكة) مثل فشكة خرطوش الصيد. ونصف هذه الذخيرة للمسدس والنصف الآخر للبندقية، يتبين من هذا، قد ثبت في ( الجاكيت) جميع ما يلزم الفارس من سلاح وذخيرة، ولا ينقصه أي شيء من مستلزماته وضرورياته فإذا لبسه فقد حمل جميع عتاده وسلاحه، الأمر الذي لا شبيه له عند أي فارس من شعوب العالم. وهو فوق ذلك لباس جميل وأنيق. وجميع هذا اللباس والسلاح يصنعونه هم أنفسهم، فلهم بذلك خبرة واسعة. ويجيء بعد ذلك لباس الرأس وهو ( القلبق) المعروف بشكله الجميل، يصنعونه من فرو الخروف الأسود، ويستعمله الواحد عند الحاجة، كمخدة يضعها الفارس تحت رأسه، بعد أن يملأه بالعشب الأخضر، أو ما شابهه. ويستعمله دلوا للماء يسقي منه جواده منه عند الضرورة. وفي أيام الشتاء القارس يلبس فوقه الكاكولية او ما يسمى بالجركسي ( شحرخون). مصنوعة من الصوف الأبيض السميك لتغطي القلبق والأذن والرقبة. ولهم لباس آخر لما ذكرناه، وهو العباءة، وشكلها ينسجم مع طبيعة حياتهم كفرسان، ومع طبيعة بلادهم المشهورة بطقسها البارد. تصنع العباءة واسمها بالجركسي ( صوحسني) من الباد السميكوتكون على شكل هرمي ضيق من فوق على قياس الرقبة، ثم تنسسحب عريضة إلى تحت لتغطي الفارس والفرس من امتداد رأسها حتى كلفها، لتيهم شر البرد القارص، ولتمنع المطر والثلج أن يبلل لباس وسلاح الفارس، وتستعمل أيضاً كخيمة وبساط وفراش وغطاء. فهي بهذا ليس لها مثيل عند فرسان جميع شعوب العالم. وأما عدة الخيل، فقد روعي فيها البساطة التي على السرعة، وأن تكون عونا للفارس، لا سببا في اعاقته وارباكه. فالسرج خفيف الوزن جداً، مصنوع من خيش وجلد، يرتفع قليلاً عن ظهر الجواد ليخفف ثقل الفارس عليه وقت الطراد، لا على الجواد. واللجام صغير لا يشعر به الجواد. اما الركاب فلا يتجاوز حجمه العشرة سنتمتر وثخانة حديده بعض الملمترات فلا يؤثر على الفرس بحال من الأحوال إذا وقع ولا يؤذى الفارس إذا سقط عن جواده وهو يمنع الفارس أيضاً من وضع كامل قدمه فيه، ليسحبها سريعاً إذا ما عثر فيه جواده

من عادات الفرسان

ترامت الأخبار إلى عشيرة جركسية، ان بعض القبائل المعادية للجركس، عزمت على مهاجمتها. فرأى أمير العشيرة أن يأخذ الحيطة، وان يبعث إلى مناول القبائل من كشف له خبرها، ويطلعه على مدى استعدادها ليكون على بصيرة من الأمر، ويلقاها على تعبئة واستعداد، فكلف بعض الفرسان للقيام بهذا العمل، وأرسلهم لتلك الغاية ذهب أولئك الفرسان، وجاسوا خلال تلك الأمكنة وأطلعوا على ما مكنهم الإطلاع عليه من شؤون العدو، ومقدار استعداده. وعند عودتهم، اشتبه رئيسهم الذي هو ( العقيد ) ان في بعض الأمكنة يكمن نفر من الاعداء، فتطوع أحد جماعته بالذهاب إلى ذلك الكان، والكشف عليه. فما كاد يدنو منه حتى هجم عليه خمسة فرسان وانقضوا عليه كتلة واحدة، فلما رآهم على هذه الصورة تظاهر بالهزيمة منهم؛ فطاردوه، وعلى حسب سرعة الخيل، تفرقوا عن بعضهم وأصبحوا على مسافات متباعدة. فكر على أقربهم وقتله، ثم لحق به الثاني فجنده وهكذا استفردهم واحدا واحدا وأتى عليهم جميعا. وذلك عندما كان القتال بالسيف، وقبل ظهور الأسلحة النارية، فلما وصل العقيد إلى مكان الموقعة، ورأى ما صنع رفيقه، دهش من الطريقة التي اتبعها للقضاء على خصومه. فسأله من اين تعلمت هذا الاسلوب؟ فقال له: لقد تعلمته من كلبي عندما وقع بنفس المأزق الذي وقعت به أنا وذلك عندما هاجمته كلاب القرية الفلانية فانهزم منها، ثم عاد إليها عندما أصبح كل كلب على انفراد. وفي عودتهم لم يبق معهم شيء من النراد ما عدا صاحبنا الذي بقيت معه كمية لا بأس بها من الطعام وعندما قدمها لهم، قال له العقيد: ومن أين تعلمت هذه، أمن كديك أيضاً؟ قال: نعم من كلبي الذي رأيته مرارا يأكل اللحم، ويدفن العظام في الأرض، حتى إذا جاع يوما ما نبش عنها وأكلها. فلما وصلوا إلى ديارهم أطلعوا الأمير على المعلومات التي حصلوا عليها، وأخبروه بقوة العدو وعدده، ومدى استعداده. ثم أسر إليه العقيد بما رأى من فارسنا، وأنه أهل لأن يكون زعيم جماعته، وعقيد كوكبة من الفرسان. ولكن الأمير لم يود أن يقطع بهذا الأمر، قبل أن يختبره هو بنفسه، ويرى شجاعته وحسن استعداده للرئاسة وفي ليلة من الليالي، انتدب الأمير ثلاثة فرسان، من أمضى رجاله منهم أن يذهبوا إلى صاحبنا ويسرقوا حصانه. فذهبوا إلى داره، واستطاع أحدهم أن يتسلل إلى مهاده ويقف فوق رأسه شاهرا سلاحه، وكأنه مستعد للقضاء عليه إذا بدرت منه حركة. وتسلل الاثنان الآخران إلى الإسطبل، فحلوا وثاق الحصان وربطوا على رجليه وقدميه ( لباد) لئلا يسمع صوت مشيته، كما هي العادة عند سرقة الخيل، وقبل إتمام عملهم، وجدوا أنفسهم محاصرين فجأة برجال مسلحين، طلبوا إليهم أن يستأثروا، ففعلوا إذا لم يجدوا من ذلك بدا، فلما جيء بهم جميعا إلى الأمير قال له: أعلمني بأية حيلة قدرت عليهم ولم تمكنهم من سرقة حصانك، وكيف احتطت لذلك؟ فقال له فارسنا: إنها مسألة بسيطة يا سيدي الأمير فالقادم في الليل، إذا لم يكن من سكان القرية فإنه يمشي بحذر مخافة الاصطدام بحجر، والوقوع في حفرة لعدم خبرته بالطريق. فيدرك الكلب بحاسة السمع، إن هذا المشي غير طبيعي وإن القادم ليس من أهل القرية. فينته هو وكلاب القرية جميعها لتلك المشية العربية وعند ظهور أية بادرة تؤيد ما هجس في نفوسها، يعوى أحدها، فتعوى جميعها دلالة على صحة ظنونها من ناحية القادم بأنه غريب ولا يعرف الطريق. وإن أمره لذلك مريب. وحاسة السمع هذه في الكلب إنها تعادل حاسة الشم، تؤيدها هروب الكلاب من البيوت لخارج القرية، عندما تشعر بالزلازل قبل حدوثها بقليل، ويكون ذلك بمثابة إنذار لأهل القرية، ويعرف ذلك من يسكن في المناطق البركانية. ففي حالتي هذه، سمعت عواء الكلب، وتنجح بعد ذلك الحصان كعادته عندما يشعر بقدون اناس نحوه، ويتوجب في مثل هذه الحالة أن يطل أحد سكان البيت من فرجة الشباك، ولا يجوز له ان يفتح الباب، او يشعل السراج، أو يتكلم بكلمة، إذ على القادم أن ينبه هو أهل البيت ويعرفهم بنفسه. فإذا لم يفعل أو يفعلوا ذلك فهو ولا شك قد جاؤا لغاية مريبة، وعلى أصحاب أن يأخذوا حذرهم. وأنا قد صحوت عند دخولهم من عواء الكلب الخافت النحيل. ومن حمحمة الحصان المتعارف عليها، وعلمت أن القادمين أمرهم مريب. فتصنعت النوم لكشف مآربهم، فتسلل أحدهم شاهرا سلاحه، ووقف عند رأسي، وكأنه يهم بالقضاء علي فسعلت سعلة مصطنعة، متفق عليها بيني وبين أهلي لتدلهم على أني في مركز خرج للغاية، ناهلي الذين استيقظوا على عواء الكلب، وحمحمة الحصان، أنبأتهم سعلتي بحراجة موقفي، فتسلل أحدهم حالا من شباك خلف الدار، وأيقظ الجيران الذين هبوا مسرعين لنجدتي بدون ضوضاء أو جلبة وداهموا اللصوص فجأة وأجبروهم على الاستسلام. فتعجب الأمير غاية العجب، وأكرم هذا الفارس، ونوه بشجاعته وحسن فطنته ودرايته. ونصبه عقيدا على جماعته.

عاداتهم في الأكل

الجراكسة بالنسبة لأكثر الأمم لا يعدون أكولين، إذ أنهم مغرمين بالمحافظة على رشاقة واعتدال قامة أجسامهم، بصفتهم رياضيين من الطراز الأول، ولذلك نجد أكثرهم يأكل ليعيش فقط. ولا يتجاوز مقدار أكل الواحد عن النصف كيلو غرام في اليوم الواحد، اعتقادا منهم بأن الضرر الذي يحصل من زيادة الأكل، أكثر بكثير من فائدته، وكذلك يفضلون أكل النواشف، على أكل الخضار، إذ ان طقس بلادهم البارد يتطلب منهم ذلك، فأكثر غذائهم الرئيسي مكون من الخبز والحليب ومشتقاته، والبيض واللحوم والبطاطا والعسل. ويضيفون على مأكولاتهم السوائل والتوابل، الجوز واللوز والزبيب والبهارات لفوائدها الحرارية. وأما المعجنات فإنهم يتقنون في صنعها، منها الفطائر، ومنها البغاجا، ومنها الحلويات وما شابه ذلك، ولكن لا يعلوا أي صنف من الطعام على أكلتهم المفضلة المعروفة بالعالم باسم( جركس طاووق) أي الدجاج الجركسي، التي تصنع عادة من أصناف متعددة منها للصيف، ومنها لتؤكل ساخنة، ومنه لتؤكل باردة. ولا ننسى ذكر سماور الشاي الذي هو بمثابة أمام المائدة الطعام ان كان بالفطور أو الغذاء أو العشاء، ليستعيضوا به عن شرب الماء. كما لا ننسى ذكر تعليمات شرب اللبن عند الجراكسة، فاللبن الخاثر مغذي وحامي في الجسم فيشربه الجراكسة للتغذية والتدفئة، ويضيفون إلى اللبن والعسل في الأيام الشديد البرودة، ويسعفون المنهوكين من البرد والثلج ( المكروزين) بسقيهم السمن والعسل لينقذوهم. كما أنهم يشربون اللبن المأخوذة خيراته، ليبردوا أحشاءهم بأيام الصيف، ويستعملون من مصل اللبن الماء الذي يقطر من كيس اللبن المصفى شرابا لتداوي حمى المصارين. واما الخضاء فأكله نادر جداً

شرب الشاي

وعلى ذكر شرب الشاي، فإن بعض الناس يتندرون على الجركسي ويقولون أن عليه أن يشرب ثلاث كاسات من الشاي بشكل ( إجباري ). على أن لعادة شرب إلى ما يبررها. إذ أن الجركسي يحافظ جداً على صحته ورشاقة قامته، فهو قلما يشرب الماء البارد الذي لا يخلوا من المكروبات، ويستعيض بالماء المغلي المعقم ممزوجا ببعض الحشائش المفيدة، كما استعاضت أمم أخرى عن الماء بشرابها الخاص .
ولكي لا يستعلموا مادة الكسر أكثر مما يلزم الجسم، فإنهم استعملوا بوجبة الفطور الشاي أو بعض الأعشاب ممزوجة بالحليب والفلفل والملح واسمه( قالموق جاي) والبعض يضيف البيض على هذا المزيج والبعض الآخر يضع الزبدة والعسل بدلاً عن الفلفل والملح أيام البرد القارص لفائدته الحرارية. وبعد الغذاء يشربون الشاي أو خليط بعض الأعشاب بدون سكر، بحبة زبيب أو تينة يابسة ليلحوا بها أفواههم بعد جرعة الماء الصحي، وبعد العشاء أي أثناء سهرهم، يشربون ثلاث كاسات شاي لأنه يحتمل ان يكون الجسم لم يتناول في أثناء النهار كفايته من الماء، لأن سماور الشاي في سهراتهم كإبريق القهوة عند العرب. وقد أكسبتهم هذه العادة، وهي عدم شرب الماء قوة احتمال على العطش، فالذي يعتاد عدم شرب الماء لا يعطش نفسانيا، فيصبرا أحدهم عن الماء يوما أو أكثر. وهم يحتاجون إلى هذا الصبر، لأنهم رجال غزوات وحرب. وقد اعتادوا أن يعيروا يقولوا لمن له كرش، أأنت آدمي أم كبشر؟ إشارة إلى أن الغنم التي تكرش من شرب الماء ولقد صادفت أنا بعض هؤلاء الجراكسة الذين لم يشربوا الماء في حياتهم، واذكر منهم المرحوم القائد( حسن حسني الشيشاني) من سكان بلدة الزرقاء، وقد عاش تسعون عاما في قد مثل عود الخزيران، ساتقامة وصلابة. واننا لا نخالي إذا قلنا أنهم في جميع عاداتهم كانوا محقين، ولخلق الرجل الكامل مجدين.

الشراب – البوظة ( باخسمة )

يتناول الجراكسة في احتفالاتهم شرابا خاصا، يصنعونه ويسمونه ( باخسمة ) وهذا الشراب خاص بالرجال، يشربونه وقت الأفراح. فتشرخ وتبتهج صدورهم فيجيدون الرقص والغناء، ويتحمسون لأعمال الرياضة والفروسية والكرم والنخوة، ولكمن مهما أخذتهم الحماسة، فيجب أن يتم ضمن دائرة الأدب الجم، والوعي الكامل، لأن البنات والسيدات ينتقدن من يخرج عن طوره، وينحرف عن جادة الصواب. ويعتمدون بعض الأحيان، أن يجعلوا هذا الشراب مسكرا، ولكن الأغلبية لا تتناوله. وأمر تعاطيه يترك لحرية الإنسان لأن يعرف ما هو ضار وما هو مفيد له. وأين يجب أن يقف لئلا يهان ويفقد احترام الناس، وهو ما يحرص عليه أشد الحرص.
النظافة
في زمن حرب الجراكسة، هاجم العدو قرية، واستشهد رجل أثناء دفاعه، فأحضروه لداره، فجاء والد زوجة الشهيد ليساعدهم على دفنه، فشاهد منظرا خدش كرامته، فخرج من الدار وهو يبكي، فأنبه أحد أصحابه على بكائه، فقال له: هل تظن أني أبكي الشهيد؟ سود الله وجه امرأتي التي لم تحسن تربية ابنتها، حتى تسببت بسواد وجهنا تجاه كل من رأى قذارة قميص زوجها الشهيد بهذا اليوم العصيب.

تعدد الزوجات

تقل في المجتمع الجركسي، عادة الزوجات، حتى تكاد تصبح أمرا نادرا، ألا في بعض الظروف القاهرة التي لا سلطان للإنسان عليها كأن تكون الزوجة عاقرا، أو مريضة يضعها المرض من القيام بأعبائها وواجباتها الزوجية فبحث الزوجة مع زوجها عن امرأة ثانية لتسد فراغها في بيتها، وقلما بهذه الحال أن يحصل شقاق بينهما، لأنه تم برضاء ثلاثتهم، وكل من يعرف ويحافظ على واجباته في مثل هذه الحالات الاضطرارية. والزواج الثاني على كل حال، وأشرف، وأخف وطأة من الطلاق، الذي هو عندهم أندر من النادر، لأن الرجل الذي يطلق زوجته ناقص العقل والرجولة، ويحقتره أهله وأصحابه، لأنه لم يقم بما يتطلبه العقل والمنطق لحفظ كيان الرباط المقدس، وقد جعل أهل زوجته لأنهم كانوا يذمونه قبل الزواج فأثبت لهم بتصرفه، إن ادعائهم كان صحيحا، بينما التقاليد المتبعة، تجبره على عكس ما كانوا يدعون من أسلفنا سابقا بهذا الموضوع. وكذا الحال مع المطلق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Free Butterfly

Free Butterfly



الشراكسة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشراكسة   الشراكسة Icon-new-badge24/10/2010, 07:08

يسلموا سام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
theredrose

theredrose



الشراكسة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشراكسة   الشراكسة Icon-new-badge14/6/2011, 03:38

معلومات رائعة وجميلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشراكسة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: المنتدى العلمي :: منتدى التاريخ :: العشائر العربية-
انتقل الى: