واجز الدنيا المستحيلة
في حياة البشر حواجز كثيرة لم (ولن) يتمكنوا من اجتيازها ؛ فقد أتيح لهم اقتحام حاجز الصوت والذرة والغلاف الجوي والمخلوقات المجهرية، ولكنهم لن يستطيعوا أبدا اختراق حاجز الضوء والموت والزمن وفضائهم الخاص
ففي حين يصعب اقتحام حاجز الزمن والعودة إلى الماضي أو السفر إلى المستقبل.. يصعب عليهم أيضا السفر بسرعة الضوء.. وحتى إن تحقق ذلك لن يتجاوزوا نطاق مجرتهم الخاصة بسبب بلايين السنين الضوئية التي تفصلنا عن بقية المجرات
أما (حاجز الموت) فأقصد به القدرة على الاطلاع على طبيعة البرزخ وما يدور بعد وفاتنا في العالم الآخر.. فرغم أن جميع الأديان تملك أفكارا خاصة عما يحدث لنا بعد الموت ولكن مامن إنسان نجح يوما في اختراق هذا الحاجز والعودة مجددا لإخبارنا بتجربته الخاصة
وبسبب عجز البشر عن اختراق هذا النوع من الحواجز تكررت عبر التاريخ ادعاءات التواصل مع الأموات أو خالق السموات أو الانتقال عبر الزمن لرؤية ما حدث في الماضي والمستقبل.. واستحالة تجاوز هذه الحواجز يضع ادعاءات القدرة على اختراقها في خانة الاحتيال والشعوذة.. فادعاءات النبوة مثلا تتضمن ادعاء التواصل مع السماء وأبعد نقطة في الكون .. والتنجيم وقراءة الطالع ادعاء باختراق حاجز الزمن ومعرفة الغيب.. وجلسات تحضير الأرواح إدعاء بالتواصل مع الموتى واختراق حاجز الوفاة
*********
وما يثير الاستغراب - أكثر من هذه الادعاءات - الأدوات والوسائل التي استعملت لاقتحام الحواجز المستحيلة ذاتها .. فقراءة الفنجان، وبخور الجان، وخطوط الكف، وورق البخت، وكرات الكريستال، وبندول الحظ، والكتابة التلقائية (ووو) جميعها أدوات استعملت منذ القدم لكشف غيب الزمان والمكان
ومن أغرب الوسائل التي سمعت عنها (وأكاد أجزم أن معظمكم لم يسمع بها) ما يعرف بلوحة ويجا أو
Ouija board
وهي أداة قديمة جدا استعملت في الهند والصين قبل أوربا وأمريكا تستخدم لاقتحام حاجزي الزمن والمكان والاتصال بالموتى.. وهي تصنع كلوح خشبي مسطح تكتب عليه كافة الأحرف والأعداد المستعملة في لغة المستخدم في صفين أو ثلاثة
وكي تتصور هذه اللوحة بشكل أفضل تخيلها بمساحة الشهادة الدراسية كتب عليها من اليمين لليسار
(أ ب ت ث)
أو من اليسار لليمين
(A B C D)
وتحت هذه الأحرف.. التي تكتب كصف مقوس إلى الأعلى.. يوجد صف مستقيم من الأعداد من 1إلى 10 أما زاويتها العليا يمين فتضم كلمة نعم، وزاويتها العليا اليسرى كلمة لا
وفوق اللوحة بأكملها تتحرك قطعة مسطحة صغيره ككف الطفل يوجد في وسطها ثقب.. بحيث يظهر من خلاله حرف أو رقم واحد فقط
*********
يفترض هنا أن يجلس حول اللوحة شخصان يمسكان بأطراف أصابعهما القطعة المثقوبة المتحركة.. ثم يعمدان إلى مناداة الروح المطلوبة - أو الشبح المقصود - لسؤاله عن غرض معين . وحين تبدأ الروح بالاتصال وإلقاء الجواب تتحرك القطعة المثقوبة فوق اللوحة كاشفة عن حرف أو رقم معين.. يظهر للعيان من خلال الثقب.. والأحرف التي تتوقف عليها يتم جمعها لتشكيل رسالة كاملة من روح المتلقي.. في حين قد لا يُظهر الثقب سوى كلمة نعم أو لا
ويفترض هنا أن تجيب الأرواح من خلال اختيارها للأحرف.. على أي سؤال يطرح عليها.. ولكن الحقيقة هي أن توتر الحاضرين.. ومحصلة دفع أصابعهم في اتجاهات متعارضة.. هو مايحرك القطعة المثقوبة بطريقة تجيب عن أسئلتهم الحائرة.. وبسبب حساسيتها العالية لا أستبعد قيامها بترجمة مشاعرهم الخاصة واللاواعية.. وربما توارد الخواطر فيما بينهم.. وليس أفكار ومشاعر الميت أو الروح المزعومة
إذا يمكن القول إنها محاولة أخرى فاشلة لاختراق حاجز المستحيل