الكاتب : ايهاب نورالدين عبيدات
تصيبك الدهشة و الحيرة و خيبة الأمل عندما تستمع للكثير من الأصوات التي تجرم الحق المشروع لأي ناخب بمقاطعة الانتخابات النيابية و كأنه ارتكب جرما أو كبيرة من الكبائر.
تهاجم و ترى الوجوه تعبس فيك لمجرد ذكرك فكرة المقاطعة للانتخابات و كأنك أصبحت خائنا للبلد و للنهج الديمقراطي و خارجا عن النهج و الإجماع الوطني ولكن فليعذرني كل السادة الديمقراطيين أليس مقاطعة الانتخابات خيرا و أكثر ديمقراطية من إفراز نائبا قد يسيء للعمل النيابي و للقبة المقدسة للمجلس النيابي أم أن الديمقراطية لا تنظر لفاعلية النائب و لأهليته لتمثيل المواطن و إنما تنظر فقط لملئ المقاعد الفارغة في المجلس و لنائب لا يصحو من نومه إلا عند التصفيق أو التصويت الذي لا يعرف حتى ماهيته أو حتى لماذا يتم هذا التصويت.
نحن نتسائل منذ بدايات العملية الديمقراطية في الأردن و حتى اليوم من هو النائب الذي نريده و ما هي مواصفات النائب -لن نقول المثالي- و لكن الأفضل لتمثيلنا تحت القبه؟
هل نريده نائب خدمات؟
هل نريده نائب تشريع و رقابه؟
أم نريده الاثنين معا ؟!
أعتقد و من خلال مشاهداتي و من خلال نظرتي المتواضعة أننا ما زلنا لليوم لا نعرف من النائب الذي نريده تماما,فالناس تعتب اشد العتب وتغضب و تعتبر أن النائب الذي لا يؤمن الوظائف و الخدمات لمنطقته هو نائب فاشل و من الجهة المقابل الكثيرين ينتقدون النائب لعدم قيامه بدوره التشريعي و الرقابي تحت القبة و مساعدته على تمرير الكثير من القوانين و القرارات التي تضر المواطن أكثر مما تخدمه فقط من اجل حسابات شخصيه و داخليه تحت القبة.
فليعذرني الكثيرين و لكن منذ أول مجلس نيابي بعد عودة العملية الديمقراطية و إلى آخر مجلس تم حله لم نجد مجلسا نيابيا يمثلنا تمثيلا حقيقيا و لم نفرز للأسف نائبا يعبر عن همنا و همومنا إلا ما ندر من النواب و الذين إما تم إسكاتهم أو حرقهم بمحرقة السياسة أو إعدامهم بمقصلة السنتنا وانتقاداتنا و تذمراتنا الكثيرة حتى أصبح النائب المنتخب لا يعرف دوره الحقيقي تحت قبة المجلس هل هو للتشريع و الرقابة أم لإرضاء رغبات الناس التي لا تنتهي .
في خضم هذا الجدل الدائر و في وجود الكثير من الأسماء المطروحة و التي يعلم الكثيرين بينهم و بين أنفسهم إنها لا تبحث عن تمثيلهم أو التعبير عن همهم و همومهم و إنما تبحث عن مصالح شخصيه و عن وجاهة اجتماعيه فان الخيانة الحقيقية هي إفراز مجلس نيابي ضعيف و هش لا يستطيع حتى إن يخدم نفسه و لهذا فان الخيانة بالمقاطعة للانتخابات خيرا من ديمقراطية منقوصة و هشة لا تفرز مجلسا رقابيا و تشريعيا يخدم البلد و يقود إلى تطورها و حل مشاكلها المتلاحقة و المتفاقمة يوما بعد يوم.
وفي الختام,فإما ديمقراطية تنتج مجلسا نيابيا يسير بنا إلى الأمام و يسير بالبلد إلى بر الأمان و حل المشاكل و الأزمات وإما خيانة مشروعه بالمقاطعة الشاملة لهذه الانتخابات.