حتى يستطيع بلد مثل الأردن أن ينافس في بطولة العالم لكرة القدم، ويحصل على بطولة العالم، فإن ذلك يقتضي بداهة بيئة رياضية محيطة بعمل المنتخب الوطني والأندية الرياضية، ويقتضي على الأقل وجود ألف ناد رياضي حقيقي يملك ملاعب وصالات وعضوية فاعلة تصل إلى معظم شباب المنطقة التي يعمل فيها، وعشرة آلاف لاعب محترف ومتفرغ لكرة القدم، وبغير ذلك فإن كل جهود التدريب والإنفاق والإغداق والتشجيع واستقدام المدربين لا تختلف عن تقديم العليق للخيل يوم الغارة فقط، وهذا هو ببساطة حال المرأة في الانتخابات النيابية والبلدية (والنقابية أيضا، لماذا ليس للمرأة وجود في قيادة النقابات المهنية؟)
فحتى يكون لدينا 40 امرأة في البرلمان يجب أن يكون لدينا على الأقل خمسة آلاف امرأة يشغلن مواقع قيادية وتجارب اجتماعية وسياسية مهمة ومتقدمة، في الوزارات والأعيان والأحزاب والنقابات والبلديات والإعلام والعمل الاجتماعي، والوظائف الكبرى والمتقدمة في الشركات (القطاع الخاص هو العقبة الكبرى اليوم في وجه المرأة وانظروا إلى الاحصائيات والأرقام).
فالمرأة تنجح في بيئة من التجارب النسائية الواسعة والمعروفة للناخب، والناخب أو الناخبة يتطلع إلى تجارب سابقة ومعروفة وثقة راسخة ومتمكنة ومتراكمة عبر الزمن والتجارب والأزمات والأحداث، تماما كما أن جوائز نوبل والجوائز العالمية الكبرى تكتسحها بيئات من العلم والثقافة والإبداع، فكل حائز على جائزة عالمية ومهمة هو في الحقيقة يعبر عن آلاف في بلده ومجتمعه لا يقلون عنه إن لم يزيدوا تفوقا وإبداعا.وأما حملات ومقولات الهيمنة الأبوية والذكورية، وندوات الدفاع عن المرأة، والجهود المضنية في الفنادق والندوات في الدفاع عن المساواة بين الرجل والمرأة، وتبيان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عن تكريم المرأة، والشروحات والدراسات عن حقوق المرأة في الدين والدستور والقوانين والأعراف والتاريخ العظيم لأمتنا، وحض النساء على انتخاب مرشحات، ومهاجمة وانتقاد الأعداء الوهميين الذين يمنعون المرأة من ممارسة حقها الانتخابي، ويختبئون في صناديق الانتخابات ليراقبوا لمن صوتت نساء جامعيات ومتعلمات وعاملات يسافرن في أنحاء الوطن والعالم لأجل العلم والعمل، ولكنهن في غرفة الانتخابات يتحولن إلى تابعات خائفات مصابات بعقدة النقص والتبعية، فإنها لا تتجاوز كونها خرافات أنيقة ومستعلية، أو مقاولات وعمليات توريد تستقطب مساعدات مالية أجنبية، وتدغدغ رغبات وخرافات وأوهاما غربية عن واقع المرأة والمجتمع.
أخشى أن برامج دعم المرأة تسير في وجهة معاكسة لمعظم أهدافها وغاياتها المفترضة