كان يحلم بجديلة سوداء طويلة تكون بابا للوطن ، وعالما سريا يضيف للفصول الأربعة فصلا خامسا اسمه فصل النور، رسم خارطة على جدران غرفته تشبه جسد محبوبته، كتب عناوين الأرض ونثر في الزوايا وردة حمراء شقية ،حلّق العصفور في الحكاية وغرد للسلام ، أثقل الخطوط بباقة من الشموس ، بكأس من الخمور بسيجارة بقبلة مجنونة ، ومسح الحدود كي تغدو الخارطة رحيبة … جد رحيبة .
كانت تبغي حرية معلقة كالتميمة على صدرها ، منذ طفولتها وهي بلا مأوى ، تغادر مقهى لتستقر في آخر ، ودوما ما تكون الضحية تمدد الجفاف رداء على جسدها قبل الأوان ، وانطفأت عيناها فما عاد يبصرها سوى الألم .
هل جربت يوما أن تكون مثقلا بالاغلال؟
هل جربت الخوف؟
هل شعرت بالأمان وبلا أي مقدمات فقدته وكأنه ما كان إلا ضربا من الخيال؟ هل انتزعت منك الحياة كل شيء بلا استئذان؟
متعبة أنا و أنت تريدني خامة صنعت للتو تتقن الفرح والرقص والغناء ، و لا تعرف الحزن أو الدموع ذاكرتها صفحة بيضاء رغباتها مجنونة، أنثى متمردة في كل شيء ولكنها تعود لشرقها بمجرد أن يغلق عليكما باب غرفتكما ، هكذا تريدها ولكنها ليست كما تريد ، مغسولة هي بالموت منذ خلْقِها
شيعها الشيطان وتخلى عنها ، ونسيها الله فأشاح بوجهه عنها ، اعتنقت الحب مذهبا فخانها الحب ككل شيء ، نبتت في عينيها حقول من الصبار ، نحل جسدها وتدلى ثدياها ، تجعدت صفحة وجهها ، وما زالت تبحث !!!
ما زالت تؤمن أن الفرح ينتظرها ، ما زالت تفتح نوافذها للشمس كل صباح ، وللقمر كل مساء ، ما زالت ترهف السمع علها تجد ونيس غربتها ، تنهمر مع كل قطرة مطر ، وتزهر مع كل إطلالة ثم ما زالت تنتظر ذاك الرجل الذي يستوعب مواتها فيحييها ، ويفتح أحضانه لها يجفف دمعاتها ويحتمل سقطاتها ، هي واثقة أنها ستمنحه الشيء الكثير ، ولكن عليه أن يزيل الضباب ، ويسكب النور كي تضاء روحها من جديد .