احمد محمد العموش
من الطبيعيّ والمألوفِ أَنْ تشوبَ العمليّةَ الانتخابيَّةَ منذُ اللحظةِ الأُولى بعض الخلافاتِ سواءً أَكانَتْ ما بينَ أَبناءِ العشيرةِ الواحدَةِ أَوْ حتَّى بينَ مُمثلي الاتجاهات والتيارات الحزبيّة المختلفة، ولكن ما يثيرُ الاستهجانُ في هذِهِ القضيّةِ هو صورُ التّعبيرِ عن هذِهِ الخلافاتِ التي تَطوّرتْ وظَهرتْ بصورة مختلفة، صورةٍ سوداءَ تخلو من الألوان، صورة بعيدة كلَّ البعدِ عن تعاليمِ دينِنا الحنيفِ وعَنْ عاداتِ وتقاليدِ وشيَمِ مُجتمعنا الأردني.
في الأيامِ القليلةِ الماضيَةِ رصَدَتْ بعضُ وسائِلِ الإعلامِ عدداً مِن المُشاجراتِ التي وقَعَتْ في مَناطِقَ مختلفة مِن وطَننا العزيزِ على خلفيَّةِ التّرشُّحِ للانتخاباتِ النيابيَّةِ كانَ آخرُها ليلة أمس، ولا ننفي حدوث مثل هذِهِ المشاكلِ في السابقِ؛ إلّا أَنّها قَدْ بدأَتْ بالظهورِ بِشكلٍ كبيرٍ، وبالتّالي ترتَّبَ عليها خسائرَ أَكبر؛ إذْ وَصَلَ الأَمرُ في بعضِ هذِهِ المُشاجراتِ إلى استعمالِ الأَسلحةِ النّاريّةِ.
مشاجراتٌ يذهبُ ضحيّتها أُناسٌ أَبرياءٌ لا ذَنْبَ لهم، ممتلكاتٌ يتمُّ إِتْلافها سياراتٌ يتمُّ تَكْسيرها ومَحالٌ تُحطَّمُ أَبْوابها، فَمَنْ يَدْفعُ الثَّمَنْ؟؟
الانتخابات عرسٌ وطنيٌّ يستحقُّ مِنَّا أَنْ نُعدَّ لَهُ ونَحْتفلَ بهِ بطريقةٍ لائقةٍ وحضاريّةٍ تعكسُ صورةً مشرقةً للمجتمعِ الأردنيِّ، والانتخابُ حقٌّ كفلَهُ الدستورُ وطريقٌ مشروعٌ لاختيارِ مَن يمثلنا في مَجلسِ النُّوابِ، فلماذا نجعلُهُ سبباً في حدوثِ مثلِ هذِهِ الممارسات؟؟
ما يمكنْ قوْلُهُ هوَ أنَّهُ لا بُدَّ مِن تَكْريسِ الجهودِ ووضع السياسات بشكلٍ يضْمن ترسيخ الديمقراطية في أذهانِ أَبناءِ شَعبنا بحيث تُشكِّل قاعدةً ومَرْجعيَّةً تَضْبطُ سلوكَ أفرادِ المجتمعِ بما يضمنُ ممارسةً انتخابيَّةً ناجحَةً بِكُلّ مقاييسِهَا.
إنَّ اختيارَ المرشحِ الذي نريد يجبُ أنْ يكونَ على درجةٍ مِن الكفاءةِ والأمانَةِ والإخلاصِ، وأَنْ يكونَ موضِعَ ثقةٍ للجميعِ، وقادراً على تَمْثيلِنا في المجلسِ النيابيِّ القادمِ، ولا ننْكرُ أنّنا في أوقاتٍ كثيرةٍ نجدُ البعضَ مِنّا مُضْطرّاً _ إن جاز التعبير_ إلى انتخابِ شخصٍ معيّنٍ، لاعتباراتٍ عشائريّةٍ أو حزبيَّةٍ، إلا أَنَّ هذا لا يَعْني أَنْ نَتخذَ ذلكَ ذريعةً لممارسةِ مثلِ تلكَ الممارساتِ التي لا تُجدي نفعاً، فالصوتُ أمانةٌ في أَعناقِنا، ولا بُدّ مِنْ تأَديةِ الأَمانةِ على أَكْملِ وجْهٍ.
ستة وثلاثون يوماً تقريباً تَفصلُنا عَنْ مَوْعدِ إجراءِ الانتخاباتِ، فلا بدَّ منْ كلِّ واحدٍ منَّا أنْ يقوم بدورهِ للإسهامِ في نجاحِ العمليّةِ الانتخابيّةِ بعيداً عَنْ كُلِّ ما يُعكّرُ صفْوَها، ولنفرِزَ مجلساً نيابيّاً على قدرٍ مِن المسؤوليّةِ يحقّقُ آمالَنا وتَطلعاتِنا بما يَخْدمُ مصلحةَ الوطنِ والمواطنِ على حدٍّ سواء.