بسم الله الرحمن الرحيم
ما الدليل على وجوب زكاة الفطر ، ومن الذين يجب دفعها عنهم وما وقت أدائها وما مقدارها ( بالكيلو غرام ) عن كل شخص ؟
الجواب :
في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : فَرَض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ ، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين . وفي الحديث المتفق عليه أيضاً أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نُخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من أقطٍ أو صاعاً من زبيب .
وأكثر العلماء على أن قوله تعالى : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) نزل في زكاة الفطر وصلاة العيد .
ويجب إخراجها عن كل شخص مسلم أدرك جزءً من رمضان وجزءً من شوال . لذلك قالوا يجب دفعها عمن مات بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ، ولا تجب عمن مات قبل غروبها . لكن بعض المجتهدين اعتبروا البداية طلوع الفجر من يوم العيد ، لذلك قالوا لا تجب عمن مات قبل طلوع الفجر ، ولا عمن ولد بعد طلوعه .
أما وقت أدائها فالأفضل أن يكون بعد فجر اليوم الأول من شوال وقبل صلاة العيد . ففي الحديث المتفق عليه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة . لأن الأصل في مشروعيتها اغناء المحتاجين عن التكسب يوم العيد .
ويجوز مع الكراهة (1) أداؤها بعد صلاة العيد لكن في خلال اليوم الأول منه . أما تأخيرها عن أول يوم فحرام .
ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين . ففي صحيح البخاري عن ابن عمر : كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين . وأجاز بعض الأئمة دفعها في أثناء شهر رمضان كله .
وجمهور العلماء على أن مقدارها عن كل شخص صاع من غالب قوت البلد . من حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب أو غيرها .
والصاع مقدار كَيْلي . قال كثير من العلماء إن الصاع يساوي أربع حفنات بكفي الرجل المعتدل الكفين . فيكفي دفع هذا المقدار بالنسبة لمن يتيسر له أن يكيل أو يزن .
أما مقدار الصاع بالوزن فهو خمسة أرطال وثلث رطل بالبغدادي .
ومقدار الصاع بالكيلوغرام هو 2,400 من الحب الصافي أي الخالي عن التبن والتراب وغيرهما ، فإن لم يكن صافياً قدر من ذلك يساوي تلك الشوائب .
وعند الحنفية مقدار زكاة الفطر من الحنطة نصف صاع ومن غيرها صاع . والصاع عندهم يساوي 3,640 ( بالكيلوغرام ) قالوا يدفع عن كل شخص نصف هذا المقدار من الحنطة ، أو كل هذا المقدار من الشعير أو غيره .
وقد كان الناس يدفعون زكاة الفطر عيناً أي حنطة .
ذا أفضل في بعض الأماكن بأن كان أسهل على الدافعين وأنفع للمستحقين .
ومعلوم أن القيمة تختلف من وقت إلى آخر ، ومن بلد إلى آخر حسب سعر المادة التي يتعين الصرف منها . فإذا كان القوت الغالب هو الحنطة فالواجب دفع ما يقارب كيلوين ونصف كيلو منها أو قيمة هذا المقدار في ذلك البلد وذلك الوقت .
الفقهاءُ يذكرونَ ( الصاعَ ) في الزكاةِ والكفارةِ وصدقةِ الفِطْرِ وغيرِها، فما هو مقدارُ الصاعِ بالكيلوغرام؟
الجواب:
أكثرُ الفقهاءِ على أنَّ الصاعَ خمسةُ أرطالٍ وثُلْثُ رطلٍ بالبغداديِّ. وأصحُّ الأقوالِ أنَّ الرطلَ البغدادي مائةٌ وثمانيةُ وعشرون درهماً وأربعةُ أسباعَ الدرهمِ. فالصاعُ يساوي 7/5 685 بالدراهمِ. ومِنَ المتفقُ عليه أنَّ كلَّ عشرةُ دراهمٍ تساوي سبعةُ مثاقيلٍ، وعلى هذا يكونُ الصاعُ 480 مثقالاً.
وقد سَألْنا كثيراً من صاغةِ بغدادَ في ثلاثةٍ من أسواقِ الذهبِ فيها فاتفقوا على أنَّ المثقالَ يساوي خمسةُ غراماتٍ. وعليه يكونُ الصاعُ 480 ×5 = 2400 كيلوغرام .
والصاع عند الحنفية ثمانيةُ أرطالٍ، والرطلُ عندهم مائة وثلاثون درهماً. وعلى هذا يكون الصاع عندهم 3,640 كيلوغرام . والله سبحانه أعلم .
ــــــــ
(1) ولا يجوز تأخيرها بعد الصلاة ومن فعل ذلك فهو آثم، وعليه أن يدفعها للفقير، وتكون صدقة من الصدقات كما في حديث ابن عباس وعليه أن يستغفر ويتوب لتضييعه الوقت [ الناشر ].
القول الراجح
في مسألة دفع قيمة زكاة الفطر
العلامة عبد الكريم زيدان
يرجح جواز دفع القيمة في زكاة الفطر للحاجة
والمصلحة
والراجح في المسألة أن إخراج القيمة في زكاة الفطر للحاجة والمصلحة أمر جائز لا سيما إذا كانت القيمة بالنقود: دراهم دنانير، والمدفوعة إليهم يسكنون المدن، فإن إعطاءهم نقوداً عوضاً عن حنطة أو شعير هو الأنفع لهم، ويمكَّنهم من سد حاجتهم بهذه النقود بسهولة ويسر اذ يستطيعون ان يشتروا بها ما يحتاجونه من قوت وغيره.
أما بغير حاجة ولا مصلحة راجحة، بل المصلحة في اعطاءهم الأصناف الواردة في الحديث الشريف، فلا يجوز الدفع بالقيمة كما لو كان أداء زكاة الفطر في البوادي والقرى النائية حيث الانتفاع وسد الحاجة بالأقوات أيسر من الانتفاع بالنقود.
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية دفع القيمة في الزكاة للحاجة والمصلحة، وترجيحه هذا ينسحب على زكاة الأموال وزكاة الأبدان (زكاة الفطر) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ج25 ، ص82-83
فأساس جواز الأداء بالقيمة هو الحاجة والمصلحة، وهذا الأساس يختلف باختلاف الظروف والأماكن وأحوال الناس، فعلى المزكي ملاحظة ذلك لأن رعاية المصلحة المشروعة لها اعتبار في شرع الإسلام .
انتهى كلام العلامة الدكتور عبد الكريم زيدان حفظه الله
المفصل في أحكام المرأة وبيت المسلم في الشريعة الإسلامية ج1 ، ص468