عَنْ أَبِيْ حَمْزَة أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)[104] رواه البخاري ومسلم.
الشرح:
قوله: "لاَيُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" أي لا يتم إيمان أحدنا، فالنفي هنا للكمال والتمام، وليس نفياً لأصل الإيمان. فإن قال قائل: ما دليلكم على هذا التأويل الذي فيه صرف الكلام عن ظاهره؟ قلنا: دليلنا على هذا أن ذلك العمل لا يخرج به الإنسان من الإيمان، ولا يعتبر مرتدّاً، وإنما هو من باب النصيحة، فيكون النفي هنا نفياً لكمال الإيمان. فإن قال قائل: ألستم تنكرون على أهل التأويل تأويلهم؟ فالجواب: نحن لاننكر على أهل التأويل تأويلهم، إنما ننكر على أهل التأويل تأويلهم الذي لادليل عليه، لأنه إذا لم يكن عليه دليلٌ صار تحريفاً وليس تأويلاً، أما التأويل الذي دلّ عليه الدليل فإنه يعتبر من تفسير الكلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "اللَّهُمَّ فَقِّههُ فِي الدِّيْنِ وَعَلِّمْهُ التَّأوِيْلَ"[105]. فإن قال قائل: في قول الله تعالى: ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل:98) المراد به: إذا أردت قراءة القرآن، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو تأويلاً صحيحاً؟ والجواب: هذا تأويل صحيح، لأنه دلّ عليه الدليل من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ عند القراءة لا في آخر القراءة . وإذا قال قائل: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(المائدة: الآية6) إن المراد إذا أردتم القيام إليها، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو صحيحاً ؟ والجواب: هذا تأويل صحيح. وعليه فلا ننكر التأويل مطلقاً، إنما ننكر التأويل الذي لا دليل عليه ونسميه تحريفاً. "لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" الإيمان في اللغة هو: الإقرار المستلزم للقبول والإذعان والإيمان وهو مطابق للشرع وقيل: هو التصديق وفيه نظر؛ لأنه يقال: آمنت بكذا وصدقت فلاناً ولايقال: آمنت فلاناً. وقيل الإيمان في اللغة الإقرار واستدل القائل لذلك أنه يقال: آمن به وأقرّ به، ولا يقال: آمنه بمعنى صدقه، فلمّا لم يتوافق الفعلان في التعدّي واللزوم عُلم أنهما ليسا بمعنى واحد. فالإيمان في اللغة حقيقة : إقرار القلب بما يرد عليه، وليس التصديق. وقد يرد الإيمان بمعنى التصديق بقرينة مثل قوله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ )(العنكبوت: الآية26) على أحد القولين مع أنه يمكن أن يقال: فآمن له لوط أي انقاد له - أي إبراهيم - وصدّق دعوته. أما الإيمان في الشرع فهوكما سبق في تعريفه في اللغة. فمن أقرّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن، وعلى هذا فاليهود والنصارى اليوم ليسوا بمؤمنين لأنهم لم يقبلوا دين الإسلام ولم يذعنوا. وأبو طالب كان مقرّاً بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعلن بذلك، ويقول:
لقدْ عَلموا أَنَّ ابننا لا مكذّب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل ويقول: ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمّدٍ من خير أديانِ البريّة ديناً لولا الملامة أو حذار مسبّةٍ لرأيتني سمْحَاً بذاكَ مبيناً وهذا إقرار واضح ودفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ليس بمؤمن، لفقده القبول والانقياد، فلم يقبل الدعوة ولم ينقد لها فمات على الكفر - والعياذ بالله -
احمد بشيري
موضوع: رد: شرح حديث (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ) الأربعون النوويه لابن عثيمين 14/8/2010, 23:13
جزاكي الله الجنه يا ام امين
ام امين
موضوع: رد: شرح حديث (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ) الأربعون النوويه لابن عثيمين 16/8/2010, 06:24
يارب ...احنا واياكم احمد
نورت
شرح حديث (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ) الأربعون النوويه لابن عثيمين