رمضان كريم
رأيتهم هنا وهناك يسابقون الأيام، لا حديث لهم إلا تأمين المؤن، ندرت بعض السلع، وارتفع سعر أخرى، والناس هيام وراء توفير كل مستلزمات الشهر الكريم من أساسيات مرتبطة بالعادات المجتمعية، تراهم يهيمون في الأسواق والمراكز بحثاً عما يملأ خزائن بيت كامل من المواد الرئيسية، والكمالية لوجبات رمضانية.
وحين تجوب بعض الأزقة تتحسسه قادماً بقوة، من خلال رائحة الحلويات التي تجهز بالبيوت تعلن استقباله قبل شهر كامل.
ويزداد الطلب على خدم المنازل اللاتي يسكن بعضهن المطبخ، ولا يغادرنه إلا في حالات مستعجلة وتحت ضغوط قصوى، والبعض يصر على اقتناء كل ما يلزم وما لا يلزم من أوان جديدة بمناسبة الشهر الفضيل، وتتسابق سيدات البيوت والخادمات في تجهيز ما لذ وطاب من الأطعمة والحلويات، وحالات استنفار نلاحظها في كل دروب هذا الشهر الفضيل. وترتبط عادات شهر الصبر والصيام في بعض البلدان بتجهيز ملابس وأزياء تقليدية ترتديها النساء والرجال على السواء طلباً للحشمة والوقار، بل تعدت ذلك لتصبح تفاخراً بين الناس تكشف المستوى الاجتماعي لصاحبها، انصرف الكل نحو تجهيز كماليات ارتبطت بالعادات الاجتماعية أكثر من التحليق في أجواء ملؤها الصفو والتسامي للنهل من فيض خيرات هذا الشهر الفضيل.
هذا هو رمضان في حالاته الطبيعية عند البعض، بل عند الكثير من الناس، أما رمضان هذه السنة فإن متطلباته مختلفة بعض الشيء، حيث ارتبط بفترة الإجازات والعطل وصيف أيامه حارة، هذه الفترة مرتبطة في أذهان الغالبية بضرورة التمتع بأيامها سواء من حيث تناول الأكل أو السفر أو الخروج في نزهات قصيرة، وغالبية الناس الذين يعملون في الدول الأوروبية إجازاتهم مرتبطة إجبارياً بشهر أغسطس الذي يزامن هذه السنة الشهر الكريم، إذ يرى البعض ضرورة استغلالها أحسن استغلال بزيارة الأهل والأحباب، في حين يرى البعض ضرورة التمتع بكل فصول العطلة الصيفية لغسل تعب أيام طويلة من العمل، فانصرف البعض لقضاء إجازته كما هو مقرر لها من قبل بالسفر لمدينة أخرى أو بلد آخر مع الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف بالصوم والصلاة وكثير من السهر واللهو.
ولكونه شهر الصبر، لماذا لا نرى بعض الناس صابرين في هذا الشهر الفضيل؟ لماذا نشهد حالات استثنائية في هذا الشهر العظيم؟ لماذا نرى الموائد تفرش بكل أنواع المأكولات التي يذهب أغلبها في جوف القمامات؟ لماذا نرى الأسواق والمراكز مسكناً للناس يقتنون ما يرغبون به، وبعض ما لا ينفعهم؟ لماذا يكثر السهر ليلاً، والنوم نهاراً؟ تقلب آية كل شيء طوال أيامه الثلاثين، وفي بعض الدول تنشط حركة المهرجانات وتكثر السهرات الليلية، وتفتح المقاهي أبوابها الليل كاملاً للتسامر والحديث.
سلوكيات استثنائية تشتد حالاتها في شهر أيامه معدودة يمكن استغلالها أحسن استغلال بتعلم الصبر والحلم والقناعة.
كل عام نفشل في تعلم وتطبيق أهم دروس رمضان، بتعلم الصبر الذي نفتقده في حياتنا؟