مضت ثمانية عشر سنة سنة وأنا أجلس على مقاعد الدراسة أتعلم التاريخ والجغرافيا والرياضيات وعلم الاجتماع...لكن العلم الذي لا ينضب والذي ان ظننت أنك تعلمته تكشف لك الأيام أنك جاهل فيه هو علم الحياة ، تعلمت رغم عمري القصير نوعا ما أن تجارب الحياة هي العلم الحقيقي والمعرفة التي نحتاجها كي تنمو شخصياتنا وتنضج ، فلا تقاس الأعمار بالأعداد وانما تقاس بالتجارب .
مررت في حياتي باناس سنهم العددي قليل لكن لسانهم ينطق بالحكمة وتنم سلوكاتهم على النضج ، كما مررت بآخرين سنهم العددي كثير لكن عقولهم فارغة من الحكمة و"لعقل" كما نقول .
علمنا أساتذنا على مر مراحلنا الدراسية كيف نحل المعادلات والمتفاوتات ، علمونا انواع الدارات الكهربائية ، علمونا كيفية تشكل الخلايا ، علمونا الفرق بين العقيدة والشريعة ،علمونا الكثير...
وايضا علمنا آباؤنا كيف نتحدث بالادب و "الصواب "، علمونا كيف نرتدي ملابسنا ،كيف نأكل ، كيف نحترم كل الكبار...
تعلمنا كل هذه العلوم وأصناف الأدب ، واظهرنا في مرات كثيرة التفوق والتميز. لكن ما لم يعلموه لنا هو اهم ما نحتاجه ، لم يعلمونا يوما كيف نعيش، لم يعلمونا ان الحياة قاسية وكما ان ضحكاتها مفرحة فإن صفعاتها مؤلمة ، لم يعلمونا أن البشر أصناف وانهم يرتدون الاقنعة .
لكننا لما نزلنا معترك الحياة تعلمنا رغم انوفنا ، انمحت من ذاكرتنا صورة الحياة الوردية وصورة الأصدقاء المثاليون وصورة العلاقات الانسانية الصادقة اللانفعية .
لقد أصبح العالم الآن في نظر ي يتلون بألوانه الحقيقية ، الوان الحياة الطبيعية الوان الواقع ، الوان تتمايز فيها خيانة الأصدقاء وغدرهم وكذبهم المقزز عن صدقهم وتسامحهم ، الوان تفضح من وثقنا بهم فخذلونا من أعطيناهم فبخلوا علينا و أيضا من احتضننا واغدق علينا بالحب والعطاء.
انها الوان متنافرة متناقظة لكنها في لوحة كبيرة اسمها الحياة تبدو منسجمة ومتعايشة .
نعم ....انها الحياة أكبر المعلمين.