استعان بعكازه ليوقف باص قريته الوحيد، فاستبشر خيراً بصباحه الموفق والمعطّر برائحة القرفة والفأل الحسن،ترى ماذا لو فاتته هذه الرحلة!! حتماً سيؤجل ذهابه الى مركز المدينة يوماً آخر..
احتل مقعداً منفرداً،لف «فروته» عليه واسند رأسه الى النافذة،صوت محرك الباص ونشرة الأخبار التي يتقطّع بثها كلما تعرجت الحافلة الصغيرة قرب انطواءة جبل او تسارعت في منحدر. بعد ساعة من الصعود والنزول، والنزول والصعود..تهادى الباص مخترقاً ببطء وحذر شوارع المدينة المزدحمة..
نزل «منصور العربي»، شق طريقه بين عربات السندويش، والعصير، والفستق المملح، ثم صعد درجاً طويلاً الى دائرة الأحوال الشخصية بعكازه المعوج، وكيسه القديم وقوامه المحني.
أخرج دفتر العائلة وبلاغ الولادة وفواتير الكهرباء وقوشان البيت، ونقر بإصبعه على نافذة الموظف العجوز: هيه يا سيّد..خذ.. لو سمحت!!
انتبه الموظّف...لم يصدّق ان ذات الرجل الثمانيني أمامه!! أنت..؟؟
منصور العربي - نعم انا.
الموظف- أعطني دفتر العائلة (وهو يقلب صفحاته)..ما شاء الله صاروا تسعة.
منصور العربي – بل ..صاروا عشرة ..
الموظف العجوز- اما زلت تنجب؟!
منصور العربي .. نعم !!
الموظف – لحظة ..دعني أسطر دفتراً جديداً ...نعم هكذا افضل..طيب!! ما الاسم الجديد..
منصور العربي- رجب طيب آردوغان..
الموظف- الجنس ذكر؟!!
منصور العربي- لا... الجنس بطل!!.