امتلأ قلب إبليس لعنه الله حسداً وحقداً على آدم عليه السلام عندما أكرمه الله تعالى
وطرد إبليس...من الجنة..طرداً أبدياً... لذلك أخذ على نفسه عهداً وأقسم بعزة الله أن
يغوي آدم وذريته... ولا يزال هذا الخبيث كذلك.. يبذل جهده ..ويوزع جنده.. ويكلفهم بمهام
إغواء.. بني آدم.... لكن هل تدرون أحبتي ماهو أحب عمل يفرح به أبليس بل ويكرم
الجندي الذي يستطيع أي يغوي المسلم ويوقعه في هذا العمل ..؟؟ لن أجيب أنا ولكن
.. أرعوني أسماعكم وقلوبكم لنستمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقص علينا
هذا المشهد روى مسلم.... عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة
يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا ثم يجيء أحدهم فيقول ما
تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول نعم أنت فيلتزمه..) ليست القضية
أنه فرق بينه وبين زوجته .. بل القضية أحبتي أنه فرق بين قلبين محابين... قد يكون
الشخصان أخوين وقد يكونان أخ وأب وقد يكونان أخوين في الإسلام وحسب... ولهذا لا
حظ إلى قوله في أول الحديث. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة.... ولعمر الله ماظفر
الشيطان من المسلم بمثل هذا ... أن يملأ قلبه غلاً وحسداً وحقداً على أخيه المسلم.
..
هذا هو ما بقي من أماني الشيطان...الذي يئس من عبادة المسلمين له روى مسلم
عن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الشيطان قد
يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم) ..
فيا أيها الأحبة أما آن الأوان أن نزرع الحب بدلاً من الحقد.. وأن نزرع الود بدلاً من الحسد.
. وأن نطهر قلوبنا من الغل والكراهية لبعضنا البعض.. حتى وإن لقيت من أخيك إساءه أو
عداوة فليكن للعفو والسماحة التجاوز مكاناً في القلب... ألم ترى إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ... يمكنه الله يوم الفتح.. ممن آذاه وعذبه وسخر منه واستهزأ به
وقاتله وحاربه ومع هذا .. يقول لهم في عفو وسماحة وصفح وتجاوز لم يشهد التاريخ
مثله.. إذهبوا فأنتم الطلقاء.... .. ألم يكونوا يرجمونه بالحجارة حتى تسيل منه الدماء
وهو يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).... هذا هو قدوتنا أيها الأخوة...قدوتنا في
العبادة وكذلك قدوتنا في الأخلاق بل وفي كل شي.. وما فائدة أن تتأسى به في عبادتك
ثم تتنكف عن هديه في أخلاقك...وانظر إلى موقف إمام السنة الإمام أحمد ابن حنبل
رحمه الله وقد أوذي وسجن وعذِّب عذابًا شديدًا، لكنه بعد تلك المحنة يصفَح عن كلِّ من
أساء إليه إبَّان سجنه فيقول لأحدهم: "أنت في حلٍّ، وكل من ذكرني في حلّ، إلا مبتدع،
وقد جعلت أبا إسحاق في حلّ ـ يعني المعتصم أمير المؤمنين ـ رأيتُ الله يقول: وَلْيَعْفُواْ
وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وما ينفعك أن يعذَّب أخوك المسلم بسببك؟". وله
موقفٌ آخر رحمه الله حين قيل له: نكتُب عن محمد بن منصور الطوسي؟ قال: "إذا لم
تكتب عنه فعمّن يكون ذلك؟!" قالها مرارًا، فقيل له: إنه يتكلّم فيك، قال: "رجل صالح،
ابتلي فينا فما نعمل؟! الله أكبر يا لها من أخلاق رجل يتكلم في أحمد ويحذر الناس من
أحمد ويضلل أحمد ... ومع هذا لم يمنعه ذلك من تزكيته لماذا؟؟ لأن قلبه قد سلم من
الغلّ والبغضاء والشحناء.....اللهم طهر قلوبنا منها يا رب العالمين..
ختاماً لا أملك إلا أن أدعو بتلك الدعوة العظيمة التي سطرها لنا القرآن الكريم(رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإيمَـٰنِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ربنا إنك رؤوف رحيم )