كان الفأر الجبان جائعا , يعيش فقط على فتات بقايا المزابل بعد انسحاب الجرذان من المزبلة إلى جحورها , ويفضل الانزواء والسير محاذيا للجدار متخفيا بين ركام مطاط بعض عجلات الدراجات أو مقلدا " للسيكليس " في إصلاحها حيث يجد نفسه يقضمها . حدث صدفة أن أكل تركيبة من وجبة مزبلية أحدثت في جسده انتفاخا جعله في حجم القط , كأنه يرتدي فراء القط الرمادي . أعجب الفأر بنفسه وتخلى قليلا عن جبنه وانزوائه , وعاد للتركيبة طامعا أن يصبح له جسم من حجم الكلب حتى إذا كان له ما أراد فقد نمنمة الفئران ولم يحسن النباح ولكنه كسب تحاشي القطط لطريقه لا خوفا منه ولكن كرها لمنظره . داوم على التهام وجبته التي صارت مفضلته , فانتفخ أكثر وأصبح في حجم الفيل ولكنه بدون خرطوم , شكله. أضحوكة , في مشيته أضحوكة , وفيما يرتكبه من حماقات ويهدي به من تصريحات أضحوكة. حاول أن يهرب من ماضيه إلى حيث لا يعرفه أحد, يتصنع البناء وهو يهدم ويتصنع الإصلاح وهو يفسد , يبدر ولا يسترشد , يغتني ويفقر الآخر , بزهوه وانتفاخه تنكر لبني جلدته كما تنكر لولي نعمته , فثار عليه الجميع للتخلص من شروره . عن بعد شم رائحة الخطر يقترب منه فأخذ يجري لا يلوي على شيء . والجرذان تلاحقه لتلقنه الدرس اللائق , فوقع في مأزق الغراب الذي أراد أن يصبح نسرا فسقط في هاوية لم يقدرها , حاول التراجع ولكن الندم لم ينفعه والطوفان يزداد منه دنوا , أحس نهايته وجدد محاولة الهروب , واستمر في عناده المعهود يقاوم ويستجمع قواه مسخرا كل أدوات المكر والخداع . ومستغلا ممتلكات البلد وأموالها وجمع حوله كل من اقتدى به من الفئران الجائعة والقطط الشاردة والكلاب الضالة , ولكن وقد انتهت مزبلة الولائم وتركيبة " الزردة " هجرته عصابات المشردين , وأصبح كاليتيم في مأدبة اللئيم حتى نال منه الوهن وضعف حاله فقرر العودة إلى ركام المطاط الذي انحدر منه ليقنع بأصله وفصله , فصدمته حقيقة فعله وتذكر أنه خرب بيته الذي أواه زمانا وأنه من أمر بسطوته الزائلة , إحراقه
خرت قواه واعوجت ركبتاه ومال جهة الحائط متخفيا مستسلما لقدره المحتوم ولسان حاله يقول : إنها نهاية كل من طغى وتجبر