سأكتب اليوم بمداد من دمي ...
وسأرسل أشوقي على جناح طائر المحبة الجريح ...
لعل لنافذة الآمل بزنزانة البعد صراعات وصراعات ...
لعل القيود أحكمت على أفواهنا وأرجلنا وأيادينا ...
لعل نزيف القلب كباطن بركان حارق ...
لعل مسحة الحزن وشوق الانتظار جففت نبع الدموع ...
غريبة هذه الدنيا بلحظات الكلام تتبخر الحروف ...
وبلحظة الصمت تدمع عيون القلب بدم حار حارق ...
هناك على تلك الشرفة كانت بسمتها...
وهناك بذلك المجلس كانت ضحكتها ...
الشرفات حزينة والمجالس رغم الجمع ... فارغة ...
وتلك الياسمينة كانت أكثر بياضا وعبيرا ...
حتى النجوم كانت أكثر اشعاعا ولمعانا ...
وحبيبات الندى احتبست حزنا ووجعا ...
وأه من شجرة الزيتون كانت تحمل حبات ناضجة ...
ولكنها تحولت لخشب لذلك الموقد على ذلك الجبل ...
وتغاريد الطيور تحولت لموشحات حزينة صامتة باكية ...
وغيوم الصيف البيضاء المتجمعة ... تفرقت بلون قاتم كئيب ...
كم أشتاق لبسمة عيون من نور عيوني ...
ولكن عيوني أتعبت من السهر والآنتظار ...
لا أرى بشرا ولا أناسا ... بل مجرد أطياف متحركة ... تحملها أكفان ماشية ...
طيفك ذلك النور ... هو رفيقي ...
وبقايا بسمتك بلسم لبقايا انسان ...
كان الصمت طبعي ... والترفع عادتي ...
وأصبح الصمت قهري ... والترفع قسري ...
كانت قلعتي من نجوم لامعة غير مرئية ...
وأصبحت أطلال من رمال شواطئ بلا نور ...
كانت الارض بلا جاذبية ... كنت أشعر بخفة حركتي ...
وأصبح لجاذبية الارض الف جاذبية منسية ...
كانت الساعات تمر كثواني ...
وأصبحت الدقائق تمر كدهر بدهر ...
الشوق هو تلك الكلمة بلهب بلا نيران ظاهرة ...
ولكنها تحرق القلب عشرات المرات على فوهة الانتظار المتأجج في الاعماق ...
سأضئ كل مساء شعلة الامل ... وأعانق ورود الذكريات ...
وسأبقى حافظا لعهد بكل الحب والامل والوفاء ...