بالأمس ،
أعز صديق لدي ...رحلْ.
ترك لي رسالة من كلمتين :
" موعدنا .... زحلْ "
وترك لي أيضا غصّتين
وآهات كثيرة
ومرارة في الحلق
وطوفانا في المقلْ .
صديقي ربما كان
قد أصاب كبد الحقيقة
بالدقيقة
أو كان قد أصاب عقله خللْ.
فهو كان إذا دخل مأتما
أنشد أبياتا من غزلْ .
وإذا حضر زفافا
عزّى العريس كمن يواسي المعتقلْ .
وبما أنه كان مولعا بالشعر والزجلْ
فقد كتب آخر قصائده
وأسماها :" الحياة في زحلْ "
ومضى في رحلته الأخيرة
على عجلْ.
"...في زحل ،
كل البيوت تاج محل ْ
كل الدروب زهر وطيب
وكل الندى من عسلْ.
في زحل ،
لا ترى زعيما في الوحل ْ
لا إضرابات
ولا مسيرات
ولا نقابات تتاجر بعرق العملْ.
ولا أحزاب تزرع الكلام
وتحصد الجدل ْ .
في زحل ،
ليس هناك حكومات منتخبة
ليس هناك مشاعر ملتهبة
ليس فيه نماذج عربية تنتج الفشلْ.
ليس في زحل فلسطين
ولا "إسرائيل"
ولا أمريكا أصل العللْ.
في زحل ،
لا وجود لغزة المحاصَرَة
ولا للدول الشقيقة المحاصِرَة
لالالا ليس هناك وجود لهكذا ظلم
ولا لهكذا دولْ .
في زحل ،
ليس هناك سلطة وهم ٍ
ولا زمرة غم و همٍّ
ولا مفاوضات
ولا عناق للعدو ولا قُبل ْ.
ليس هناك وجود لهذا الدجلْ .
في زحل ،
المواطن حر أبيّ
لا يعرف الوجل ْ .
ليس هناك قمة أو مؤتمر
ليس هناك سفح أو منحذر
أو جبل ْ .
في زحل ،
الكل منصاع لسلطة القانون
والقانون وحده البطل ْ
في زحل ،
ليس هناك إعلام يبيض المللْ
يحضن الفجور
فيفقس السخافة
ويفرخ الكسلْ.
في زحل ،
ليس هناك أخطاء طبية
تُـفضي للشللْ.
وتدّعي زورا أن العيب في الوريد
والعضلْ.
في زحل
في زحل
في زحل
كثيرة هي الصور
وهذا فقط بعض المثل ْ .
صديقي الذي مات بالأمس
بداء الأمل ْ
وبعد كل هذا الذي قاله
لا أظنه
إلى هناك قد وصلْ .
فقد أثبتت تحاليل المختبر
في تقريرها المعتبر
أن " سيسائية " صديقي
لم تكن من فصيلة البصلْ.