لماذا أصبح الاردنييون ينتحرون ويحرق بعضهم بعضا
ضُرب الأمن الاجتماعي الأردني بالسنتين الأخيرتين بشكل كبير واهتز بعدة ظواهر خطيرة، واكتفت الحكومة بالتفرج على ما يحدث ، ولم تحرك وزاراتها لمعالجة هذا الانحدار الخطير الذي لم يكن يخطر على بالنا،أو نتوقع حدوث هذا، وهذا طبيعي في ظل حكومات تتعامل مع الوطن أنها حكومة سنتين فقط ، ولتأتي بعدها حكومة أخرى تعيد نفس الشكل، وتسير ما بين يدها من أوراق دون أن يفكر معالي الوزير بأن ينظر من نافذته إلى الشارع الأردني .
ما يحدث خطير جدا، ولم نعد نستطيع أن نتصور أما ترمي رضيعها القادم من علاقة آثمة في الحاوية، بين الكلاب والقطط، ولا أخ يقتل أخته لأجل رفضها إعطاءه النقود لشراء الحشيش ، ومن ثم يطعن بشرف أخته حتى تصنف جريمة شرف، ولا هذا العدد الكبير من الشباب والفتيات الذين ينتحرون في مقتبل أعمارهم وبعضهم لأجل حبيبة وآخر لأجل وظيفة، حتى صارت صورة مادة "الانيت السامة " التي كانت الأكثر استخداما للانتحار لا تغادر صحفنا، ووقفنا مدهوشين أمام حالات الحرق والقتل التي تتم بين أقارب جمعتهم الجيرة والسنين بطريقة غير متوقعة ولأجل أسباب لا تستحق القتل وما يبنى من ردود فعل وقتل .
لنعترف أن هناك خلل ، وتخلي من الحكومة عن هذا الشعب وفارق معيشي هائل، يقتل الأحلام ويدمر الطموح، وحينما قلنا أن البورصة هي قنبلة هيروشيما الأردن ، لم تسمعنا حكومة الذهبي وهاهي أعمال العنف والقتل تنتشر في معظم المناطق التي دمرت خسائر البورصة بيوتهم ، فالحكومة تتحدث دوما عن الميزانية والقروض ونسبة النمو ولكنها نادرا ما تتكلم أو تنتبه إلى خطر الضعف والتراجع الاقتصادي للمواطن الأردني الذي وخاصة الموظفين في الحكومة والشركات الخاصة المستغلة لم تعد رواتبهم تكفي لحوائج الحياة ، وهذا يخلق انهيار نفسي ، وكبت يومي يتجدد ويزداد بحيث أصبح المواطن العاجز واليائس قنبلة موقوتة تنتظر أي حدث لتفريغ هذه شحنات الكبت النفسي.
نحن في خطر ، فلم يعد السكوت ممكنا على ما يحدث والأكثر خطر عدم توجه الحكومة لقراءة هذه الظواهر الخطيرة ، فالأردن مليئ في المختصين في الأبحاث الاجتماع ولدينا مراجع على مستوى العالم، وسياسة الحكومة وخاصة الأمن العام بتقوية جهاز الأمن فقط وقوات الدرك ليس حلا، بل يجب أن يكون هذا العمل مشترك بين الحكومة ومجلس يضم خبراء من جامعات الاردن والعشائر والهيئات المجتمعية لعلاج وإحصاء كل هذه الظواهر ، وإطلاق برامج عمل وليس أوراق ومواثيق شرف ومدونات سلوك تنظيرية تنتهي مع تناول علب العصير والكعك في الصالات التي نسمع كلام دون فعل وندوات مكررة دون نتائج .
الخطر الأكبر هو الانهيار الاقتصادي والظلم الحكومي وسيادة الواسطة وتدخل الحكومة في كل شيء حسب أهواء مسؤوليها، وبصراحة لا أضع أي لوم على جهاز الأمن العام الذي يبدي كل تميز في الضبط ولكن الكارثة هو في نظام حكومات تصريف الأعمال .
منذ ثلاثة أعوام نرى مهزلة المدن الثقافية التي لم تطور أي مدينة لا ثقافيا ولا سياسيا، وما تزال الحكومات لا تضبط عمل المحافظات وقراءتها لواقع السكان وصناعة وسائل ترفيه وملاعب للشباب وتوزيع مستحقات الفقراء ومنح الجامعات على مستحقيها،وحكام دارين لا يعرفون من علاج المشاكل سوى الحجز الإداري ، وتغتصب الواسطة دوما حقوق الفقراء ، وتضعها في جيوب الأغنياء . وأين الدور الأهم لوازرة الأوقاف التي فقطي همها خطباء ليسو مسيسين مهما كان ضعفهم وأين دور وزارة التربية والتعليم ودائرة الإفتاء في نشر تعاليم الدين وتبيين أن من ينتحر أو يقتل نفسا فسيخلد في جهنم ونشر حقوق الناس وما هي أحوال الرشوة والفساد وسرقة حق الآخرين وبطشهم حتى يخشى الناس الله إن لم يخشوا الحكومات.
من حقنا اليوم بعد 50 عاما الأخيرة في عمر الدولة الأردنية أن نحصي نسبة ازدياد الفقر وعجز النسبة العظمى اليوم عن مساواة راتبه بمصروفه ، ومن حقنا أن نسال لماذا ظهرت هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة وكيف أصبح المواطن يستقوي على الدولة وينفذ حكمه بيده فيقتل بمسدسه يحرق ما يشاء من البيوت ، وعلى عين الحكومة ولهذا ولم نسمع من وزارة الصحة أو الثقافة أو الداخلية أو السياسية حلولا لإنقاذ شبابنا الشعب الأردني ليس رهنا لحكومة عقلها في زيادة الموازنة وملاحقة التعديل والتغير الوزاري فقط.