عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال قلتُ يا رسولَ اللهِ ما كانت صُحُفُ إبراهيم
قال كانت أمثالاً كُلَّها
أيها المَلِكُ المُسلّطُ المبتلى المغرورُ إنِّى لم أبعَثْكَ لِتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتُكَ لِتَرُدّ عنّي دعوةَ
المظلومِ فإني لا أرُدُّها وإن كانت من كافرٍ وعلى العاقل مالم يكن مغلوباً على عقليِ أن يكون لهُ ساعاتٌ فساعَةٌ
يناجي فيها رَبَّهُ وساعةٌ يُحاسِبُ فيها نفسَهُ وساعةٌ يتفكّرُ فيها في صُنْعِ اللهِ عزّ وجلّ وساعةٌ يخلو فيها لحاجتِهِ من
المطعم والمشرب
وعلى العقلِ أن لا يكونَ ظاعناً إلاّ لثلاث تَزَوُّدٍ لِمَعادٍ أو مَرَمَّةٍ لِمَعاشٍ أو لَذَّةٍ في غَيرِ مُحَرَّمٍ وعلى العاقِلِ أن يكونَ
بصيراً بزمانِهِ مُقبلاً على شأنِهِ وحافظاً للسانِهِ ومن حَسَبَ كلامَهُ من عملِهِ قَلّ كلامُهُ إلاّ فيما يَعنيهِ
قلتُ يا رسولَ اللهِ فما كانت صُحُفُ موسى عليهِ السلامُ
قال كانت عِبَراً كُلَّها
عَجِبتُ لِمَن أيقنَ بالمَوتِ ثُمّ هوَ يَفرحُ
عَجِبتُ لِمَن أيقنَ بالنارِ ثُمّ هوَ يضحَكُ
عَجِبتُ لِمَن أيقنَ بالقَدَرِ ثُمّ هوَ يَنصَبُ
عَجِبتُ لِمَن رأى الدُّنيا وتقَلُّبَها بأهلِها ثُمّ اطمأنّ إليها
عَجِبتُ لِمَن أيقنَ بالحِسابِ غداً ثُمّ لا يعملُ
قلتُ يا رسولَ اللهِ أوصِني
قال أُوصيكَ بتقوى اللهِ فإنّها رأسُ الأمرِ كلِّهِ
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال عليكَ بتلاوةِ القُرآنِ وذكر اللهِ عزَّ وجَلَّ فإنّهُ نورٌ لكَ في الأرضِ وذُخرٌ لكَ في السّماءِ
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال إياكَ وكَثرَةَ الضّحِكِ فإنّهُ يُميتُ القلبَ ويَذهَبُ بِنورِ الوَجهِ
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال عليكَ بالجِهادِ فإنَّهُ رَهبانِيَّةُ أُمَّتي
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال أَحِبَّ المساكينَ وجالِسهُم
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قالَ انظُرْ إلى من هُوَ تَحتَكَ ولا تنظُر إلى من هُوَ فَوقَكَ فإنّهُ أجدَرُ أن لا تَزدَرِيَ نِعمةَ الله عليك
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال قُلِ الحَقَّ وإن كانَ مُرّاً
قلتُ يا رسولَ اللهِ زِدني
قال لِيَرُدَّكَ عن النّاس ما تعلَمُهُ من نفسِكَ ولا تَجِدْ عليهِم فيما تأتي وكفى بِكَ عَيْباً أنْ تَعرِفَ منَ الناسِ ما تجهَلُهُ
منْ نفسِكَ وتَجِدَ عليهم فيما تأتي
ثُمّ ضَرَبَ بِيَدِهِ على صَدري فقال يا أبا ذَرٍّ لا عَقْلَ كالتدبيرِ ولا وَرَعَ كالكَفِّ ولا حَسَبَ كَحُسنِ الخُلُقِ