عندما كرم الله آدم وعلمه الأسماء كلها وجعله خليفة له في الأرض وكان ذا منزلة عظيمه في الجنة ولكن الله سبحانه وتعالى نصحة بعدم الإقتراب من تلك الشجرة ولكن الشيطان وسوس لآدم وحواء وحدثت الخطيئة وأُنزل أبونا آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض .
فكانت تلك بداية الخطيئة في خلق بنو آدم ..وتوالت الخطيئة بعدها ..من قتل قابيل لأخوه هابيل وهكذا حتى تكاثر بنو آدم
وأزدادت الخطايا البشرية منها الزنى، السرقة ،الكذب وكانت متداولة بكثرة حتى جاءت الديانات السماوية التي حرمت هذه الخطايا ولكنها لم تنتهي وذلك لأن بنو آدم يتبعون المعاصي وأهوائهم حتى جاء الإسلام وصحح ما كانت الجاهلية تعيش فيه من دمار وخراب وخطايا ..
فشرّع الإسلام الحلال من الحرام فمن كان يهوى النساء شرع له الزواج حتى بأربع بشرط العدل ومن كان يحب المال شرع له الأعمال المشروعة الحلال وهكذا دواليك ..
ولكن الإنسان بطبعه الخطاء لا زال من تحت الستار يرتكب أفحش الخطايا من قتل ٍ وسرقة وزنى والكثير الكثير ..
لقد كتبت هذة المقدمة الطويلة والعريضة من أجل أن أصل للموضوع المنشود وهو الخطيئة أو" الحب المحرم " ..
منذ إن كنت بالصف الأول الثانوي سمعت حكاية فتاة أستغربت منها كثيراً ولكن أصدقائي اللواتي كن معي قالوا لي بأن هذه الحكاية مجرد خيال من تلك الفتاة وان مستحيل أن يرتكب بنو البشر هكذا خطيئة وصدقتهم ولكن من داخلي لا زال يجري في دمي ذلك الفضول الإنساني ولكني لم أكترث للأمر كثيراً ولكني مع مرور الوقت وذهابي للجامعة رأيت بأن تلك الخطيئة ليست غريبه أبداً على بنو البشر أبداً .. وذلك لسماعي الكثير وقرائتي لتلك القصص في الكتب أو المجلات او الجرائد او حتى الأنترنت فصدقتها كلياً من غير أدنى شك ..
" الحب المحرم" : هو حب محرم شرعاً وشريعة ً وهو حب المحارم ..!!
أي أن يحب الأخ زوجة أخية ..!! أو أن يحب زوج الأخت أختها ..!! أو أن يحب زوج الأخت الأم ..!! وهكذا من أنماط لهذا الحب المزعوم ..
وأيضاً الحب الحاصل بين الذكر والأنثى من غير المحارم ولكن لا تطبق فيه قوانين الشريعة الإسلامية كالخلوة والتحدث وكل ما يفعله العشاق خلسةً ...ألخ
الحب ظاهرة إنسانية عظيمة وهي متأصلة في النفوس الإنسانية وقد اختلف البشر على أنواعهم عامة وخاصة في ماهية الحب وتعريفه التعريف الاسمى إذ انه يمثل حالة خاصة من حالات النفس الإنسانية, والثقافة العربية التراثية تحدثت كثيرا عن هذه الظاهرة وترك لنا التاريخ العربي الكثير من القصص الخالدة عن هذه الظاهرة الإنسانية والاجتماعية والروحية كذلك وربما يحتاج الخوض في حكايا وأحوال المحبين مسوغات إلا انه يظل امتداداً للعلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة ففي الأدب العربي الف كثيرون في موضوع الحب وماهيته مثل ابن حزم، وابن داود، وابن القيم الجوزية، وغيرهم كما تطرق لما هية الحب مفكرون عديدون كابن سيناء في رسالة العشق وسبقهم مفكرون امثال اوفيديوس فكتب عن فن الحب وتتسم هذه الكتابة بالطابع الفلسفي, وقد أشار الى هذه الظاهرة الإنسانية الراقية والتي هي اقرب الى الحالة العقلية في حال كونها ذات طابع روحي وتأملي اذ يلجأ المحب من خلالها الى الرقي بعواطفه عن الحب كظاهرة يقول ابن داود هو نوع من الاستلاب يتخلى فيه المحب عن التفكير والتخيل والاحساس بأي شيء سوى المحبوب, وفي ماهيته يحدثنا د مصطفى محمود في كتابه أناشيد الأثم والبراءة فيقول لو سألتم عن الحب أهو موجود وكيف نعثر عليه لقلت، نعم موجود، ولكنه نادر,, وهو ثمرة توفيق إلهي وليس ثمرة اجتهاد شخصي وشرط حدوثه ان تكون النفوس خيرة أصلا جميلة أصلا، والجمال النفسي والخير هما المشكاة التي يخرج منها هذا الحب, ويضيف أنه لا يوجد وهم يبدو كأنه حقيقة مثل الحب, أما في القرن الحادي عشر في الاندلس فقد اشتهر الشعر العربي بمضامين الحب المختلفة كما كان في الشعر الجاهلي وبعد الإسلام,, أما في العصر الاندلسي فقد نبغ كل من ابن حزم والمعتمد الاشبيلي بمذاهبهما الشعرية وعرفت على مستوى العالم العربي والإسلامي في ذلك العهد,, فابن حزم اول من اكسب الحب المعنيين العاطفة والهوى والتي أخذها شعراء التروبادور في الغرب, وفي ماهية الحب كتب الجاحظ فصور نوعاً من الوان الحب أطرافه طبقة معينة في مرحلة تاريخية ووسط اجتماعي من نوع خاص, كما اشار دارسو التراث العربي الى ان الحب على نوعين:
الأول وهو الحب والعشق فالحب ظاهرة إنسانية حدودها تعلق القلب بالمحبوب والألم عند هجره وفراقه! والعشق ميل الطبع الى الشيء الملذ,, فإن تأكد ذلك الميل وقوي سُمي عشقا, اما النوع الثاني: فهو ما ذهب إليه المتصوفة الذين يعتبرون ان حب الجمال المخلوق هو المرحلة الأولية الى محبة خالق الجمال ويعتبرونها المحبة الحقيقية او العشق الحقيقي, أما لو عدنا الى ابن حزم وهو الذي زود المكتبة العربية بمؤلفه الإلفة والآلاف طوق الحمامة فباب علامات الحب يثري حديثنا عن الحب اذ يقول:
للحب علامات يقفوها الفطن ويهتدي اليها الذكي فأولها إدمان النظر والعين باب النفس الشارع، وهي المنقبة عن سرائرها والمعبرة لضمائرها وبواطنها فترى الناظر لا يطرف يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزوائه ويميل حيث مال الحرباء مع الشمس, وفي لسان العرب اصطلاحات للحب وهي على سبيل المثال الحب هو نقيض البغض والصبابة والهوى وهو العشق والعلاقة وهي الحب والهوى الملازم للقلب والجوى شدة الوجد من عشق او حزن والخلة الصداقة المختصة ليس فيها خلل والكلف الولوع بالشيء مع شغل القلب ومشقته والعشق هو فرط الحب وسمي العاشق عاشقا لانه يذبل من شدة الهوى كما تذبل العشقة وهي شجرة تخضر فاذا قطفت تدق وتصغر, والشعف وشعفة رأس الجبل والشعف شدة الحب وقولهم شعف بفلان أي ارتفع حبه الى أعلى المواضع في قلبه,
اما الشغف فقد ترى في قوله تعالى في سورة يوسف قد شغفها حبا والشغاف غلاف القلب أو حبة القلب وسويداؤه التيم: ان يستعبده الهوى وهو ذهاب العقل من الهوى قال ابن الاعرابي تام، اذ عشق، وتام اذا تخلى من الناس،والتبل رجل متبول أي اسقمه الهوى وقلب متبول اذا غلبه الحب وهيمه, الدله ذهاب الفؤاد من هم او نحوه كما يدله عقل الانسان من عشق او غيره, الهيام كالجنون او كالجنون من العشق وهو يشارك التيم والتبل والدله في انعدام الايحاء السعيد في معناه, وقبل التحدث عن ماهية الحب الفلسفية لا بد من الاشارة الى ان تقسيم الحب الى عذري وحسي فيه تجاهل للتفاوت الطبيعي بين الاشخاص والمجتمعات على حد سواء، فالحب كظاهرة إنسانية علاقة بين ذكر وأنثى يجمع بينهما مؤثرات عدة تختلف في وصفها وتحديدها من شخص لآخر تحكمها طبائعهما وشعورهما الروحي,
عن العشق يقول ابن داود هو من فعل النفس وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد وفي الدماغ ثلاثة مساكن: التخييل وهو في مقدم الرأس، والفكر وهو في وسطه، اما ابن العتيم فيفسره بانه غليان القلب وثورانه عند الاهتياج الى لقاء المحبوب وعن تمكن الحب من النفس الإنسانية يمكن ان نعبر الى ابيات لعروة بن حزام وهي تصوير لتمكن الحب من الانسان,, يقول
بذلت لعراف اليمامة حكمه
وعراف نجد ان هما شفياني
فما تركا من سلوة يعرفانها
ولا رقية إلا بها رقياني
فقالا: شفاك الله! والله ما لنا
بما ضمنت منك الضلوع يدان
وعموما فإن الحب في تاريخه الانساني أثار جدلاً فلسفياً حول ماهيته فتناوله علم النفس، وعلم الاجتماع وغيرهما من العلوم التي تهتم بالحقول الفكرية والفلسفية ومن أشهر من تناول فلسفة الحب مفكرون امثال بروست وشوبنهاور, وكان أول من تعرض لنشأة الحب العذري هو المستشرق لوي وقد اشار الى انه مقتبس من الحب الافلاطوني عند اليونان, والفلسفة تذهب الى تعريف الحب بانه الارواح الاكر المقسومة والتي تظل تبحث عن جزئها المفقود حتى تتوحد معه في حالة حب أبدي وحقيقي, ففي رسائل اخوان الصفا جاءت رسالة عن ماهية العشق فعللوا محبة شخص لآخر دون سائر الاشخاص الى اتفاق فلكي بينهما في أصل مولدهما, واما تغير العشق بعد ثباته زمانا طويلا فهو نتيجة تغيير اشكال الفلك,
وللصوفية ايضا اهتمام كبير بالحب والجمال الحسي للمحبوب,
ولرابعة العدوية نظرتها الخاصة جدا للحب وللمعنى الحقيقي والكامل للحب, ابن الفارض ايضا عبر عن هذا الحب الحسي بالعديد من الصور المستعارة من شعراء الحب العذري وهو معروف بلقب سلطان العاشقين ،في روضة التعريف بالحب الشريف ل,,, لسان الدين بن الخطيب,,, يقول:
عن احدى قصائدهم التي انشدوها
تمنى المحب يرى علوة
وقد شاع في حبه وصفها
أعارته طرفا يراها به
فكان البصير لها طرفها
ولا يفوتنا ان نذكر ابرز من كتب نثرا فلسفيا عن الحب والمحبة وهو جبران خليل جبران اذ يقول, ولا يخطر لك البتة انك تستطيع ان تتسلط على مسالك المحبة لأن المحبة، ان رأت فيك استحقاقا لنعمتها,, تتسلط هي على مسالكك والمحبة لا رغبة لها إلا في ان
تكمل نفسها, ولكن اذا احببت، وكان لا بد من ان تكون لك رغبات خاصة بك فلتكن هذه رغباتك, ان تذوب وتكون كجدول متدفق يشق آذان الليل بأنغامه, ان تخبر الآلام التي في العطف المتناهي,
ان يجرحك ادراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك وان تنزف دماءك وانت راض مغتبط, ان تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق، فتؤدي واجب الشكر, ملتمسا يوم محبة آخر, ان تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة, ان تعود الى منزلك عند المساء شاكرا.
إذا ً ما هو الحب المحرم .؟؟
كما أن كثيراً من الطاعات تبدأ من الحركة القلبية - التي هي في رتبة أشرف من رتبة العمل - كالجهاد الذي يبدأ من حب الإيثار في سبيل المبدأ ، والخشوع في الصلاة ، الذي يبدأ من حب اللقاء الإلهي .. فكذلك كثير من المحرمات الخارجية ، تبدأ من انحراف محور القلب نحو الحرام ، فما نراه من صور الانحراف الأخلاقي منشؤه هو العشق المحرم .
- العشق المحرم هو الانجذاب القلبي الشديد نحو شخصٍ ما ، مع الميل للوصول إليه بأي شكل كان ، ولو على حساب العقل والعرف والشرع... ومن هنا عدّه الحكماء مرضاً (ماليخوليا) لأختلال في السلوك ، يتولد من الطمع ، وينقطع بالوصل ، ومن هنا قالوا بان الوصل مدفن العشق! وبعبارة أخرى منشؤه حب الشمائل ، ومن المعلوم أن بهجة الشمائل تزول بتكرار النظر.
- إن السبب الأساس للعشق الباطل هو: الفراغ القلبي والبطالة... والقلب في كل حال يحتاج إلى ما يتعلق به لضرورة في طبيعته ، فإذا لم يملأ فراغه بالحق ، فلا بد من الملىء بالباطل... وخير ما يصور هذه الحالة من الخواء الباطني الذي يؤول إلى عشق الفانيات ، هو قول الصادق (ع) : تلك قلوب خلت من محبة الله ، فأذاقها الله حلاوة غيره.
- إن علينا أن نراقب سلوك المراهقين... ففي هذا السن ، يبحث كل من الجنسين عن أنيس يسد فراغه ، ومن المعلوم أن الذي يتقدم لملئ هذا الفراغ لا يريد - غالبا - إلا الإنس الجسدي الذي لا يزيد الروح إلا تحقيراً وازدراء... والذي سلم جسده لصاحب الهوى مرة ، اعتاد على التسليم في كل مرة ، وان ادعى صاحبها المحبة البريئة... والدليل عليه قصر العلاقة ، وتبدل ذوي العلاقة ، وتبخر الغرام المزعوم عند اول خصام.
- من الغريب حقا تفريغ الفؤاد - الذي خلق ليكون حرما لله تعالى – لكل من ادعى المحبة ، وذلك بمجرد الحديث وراء الأثير ، او إرسال صورة عبر البريد... فأين المحك الصادق الذي على أساسه ، يربط الانسان عروة فؤاده بمن يستحق ذلك ، من ذوي الكفاءة والأمانة؟! إن البحث عن شريك العمر من خلال مواقع المحادثة سراب لا يركن إليه.. فان الذي يعرض نفسه العلن ، له امر مريب وغير سوى في الباطن .. فأين نهي القرآن عن الخضوع في القول ، وخاصة في زمان كثر من في قلبه مرض ؟!.
- من عشق شيئاً أو شخصا ، ليسأل نفسه عن المبررات الموضوعية لذلك من دون أن يخادع نفسه! ويسأل عن إمكانية الوصول لما عشقه بحسب مقتضيات الواقع !.. وليسأل نفسه عن السبب في الاصرار على شيئ لا يقطع جزما بجدواه !.. وليبحث أخيرا عن البدائل الأخرى ، مع عدم اليقين الحقيقي بانحصار تحقيق الهدف فيما عشقه وفيمن عشقه ، فإن الإصرار فرع اليقين دائماً.
- القرآن الكريم يهدد بوضوح بقوله: {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} الذين يقدمون حب الآباء والأبناء والأخوان والعشيرة والأموال والمساكن والتجارة على حب الله ورسوله... أولا يكفي هذا التهديد لأن نراجع زوايا قلوبنا لنرى الحب المتسلل الذي دخل غير مملكته... ولنعلم أن حب خالق الحب ، يبدأ تكلفا ليتحول إلى ولهٍ وشغفٍ ، يجعل الإنسان يحتقر كل شيء يصده عن ربه... أولم يقل الصديق يوسف: {رب السجن احب الي} فالخلوة مع الحبيب أحب إليه من الخلوة مع الفاني ، ولو كانت أميرة في قصرها