خطبة الجمعة 19/3/2010
عبدالرحمن أبوعوض
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك
، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ؛
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لتتبعن
سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم
قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ؟ "
إن الله لما بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأوحى إليه ما أوحى ، قام النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أوحي إليه من ربه كما أمر وكما طلب منه ، ونشر هذا الدين بفضل الله عز وجل ، ولما توفي صلى الله عليه وسلم ، قام أصحابه بأمر هذا الدين ، بعد مبايعة أبي بكر رضي الله عنه بالخلافة ، ثم عمر فعثمان فعلي ، رضي الله عن الصحابة أجمعين ، ومع مرور الوقت وتقادم الزمان أخذ الناس بالابتعاد عن دين الله عز وجل شيئاً فشيئاً ؛ بل اعتدوا علينا ، واحتلوا بعضاً من بلادنا ، فأفسدوا في البلاد ، وعذبوا العباد ، وسفكوا الدماء ، وهتكوا الأعراض ، ودنسوا المقدسات ، وهدموا المساجد ، ومزقوا المصاحف ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصدق فيهم قول الله جل وعلا :
{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ {8}اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{9} لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ{10}}التوبة8 ،
ومع ذلك تجد أن هناك من شباب المسلمين من يتابعهم وينبهر بحضارتهم الزائفة ، فقلدوهم ، وفعلوا مثلهم ، فقصوا شعورهم مثل الغرب ، ولبسوا مثلهم ، وساروا على نهجهم ، بل حتى أعيادهم صاروا يقلدونهم فيها ، مثل عيد الحب ، وعيد الأم ، وعيد الزواج ، وعيد الميلاد ، وغيرها من أعياد المشركين التي أمرنا بمخالفتها ، لذلك حين قدم النبي المدينة وجد لأهلها يومين يلعبون فيهما ، فسألهم : " ما هذان اليومان ؟ " قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال - صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر" .
لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم رفض من أهل المدينة ما ابتكروه بأنفسهم ، فكيف بنا نستورد ما فعله اليهود والنصارى ، ثم إن الباحث في أصل هذا العيد يجد أن هذا العيد كان موجوداً عند اليونان والرومان ، وذلك أنهم كانوا يعبدون آلهة من دون الله – والعياذ بالله – ومن جهلهم كانوا يجعلون لآلهتهم أماً ، ثم يجعلون لها يوماً في السنة يحتفلون فيه ، وفي الوقت الحاضر انبعثت فكرة هذا العيد من عند أهل الكفر والبغي ، فصاروا يحتفلون بالأم يوماً واحداً في السنة ، ويعقونها طوال العام ، وذلك لأن المرأة في الغرب لها مطلق الحرية في الزنا ، بل هو حق من حقوقها ، فإذا أنجبت هذه الأم ، وجد ابنها أنه ابن زانية ، سواءً تزوجت أم لا ، فإن تزوجت ، قلا ترتفع عنها صفة الزانية ، وإن لم تتزوج فإنه قد جاء إلى هذه الدنيا بصورة غير مشروعة ، وربما لا يعرف من هو أبوه ، لذلك إذا كبرت هذه الأم كان ملجأ العجزة هو المأوى المناسب لها ، ثم يحتفلون بها ساعة من نهار ،!!!!
بكلمة وهدية ، ثم انتهى ،
ثم إن هذا العيد الناقص يحتفل بالأم دون الأب ، وينسى أن هناك أيتاماً قد فقدوا أمهاتهم ، فيكون هذا العيد مأساوياً بالنسبة لهم ، وهذا ما صرح به أحد كتاب الغرب ، حين كتب بأن هذا العيد يجلب الحزن والأسى للبعض الذين لا أم عندهم ، واقترح أن يكون اسم هذا العيد عيد الأسرة ،
ثم أكمل بأن الشريعة الإسلامية لا يوجد فيها عيد الأم ، لأن السنة كلها بر للوالدين ، لذلك ما أعظم شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، تحترم الوالدين ، طوال السنة ، وهم يكرمون الأم دون الأب ساعة من نهار ، ثم يعونها طوال السنة ، فأيهما أحق بالاحترام ، بر الوالدين ، أم ما يسمى بعيد الأم ؟؟
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، أما بعد :
إنه من المعلوم أن الله عز وجل افترض علينا خمس صلوات كل يوم ، فنتوضأ ثم نذهب إلى أداء الصلاة ، ولكن اللافت للنظر وجود أبناء المسلمين خارج المسجد ، لم يذهبوا للصلاة ، الناس يصلون وأبناء المسلمين في الخارج والصلاة لا تعنيهم ، بل أشد من ذلك تسمع هذا يقذف هذا ، وهذا يرد عليه بالمثل ، وهذا يخوض في عرض هذا فيقذف أمه ، وهذا يرد عليه بمثل ما سمع أو أشد ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكبر الكبائر: يسب الرجل والديه، قالوا: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه " ، وهذا الأمر ربما حصل على مرأى ومسمع من الأب أو الأم ، لذلك أيها الأب الفاضل ؟، وأيتها الأم الفاضلة ، علموا أولادكم على حب هذا الدين ، وعلى تعلم الصلاة ، والتمسك بكتاب الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " مروهم عليها لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " ، حتى يخرج جيل محب لدين الله ، جيل يعتمد عليه في تبليغ هذه الدعوة للناس ، ويحمل همها ، ويكون نافعاً لنفسه ولأمته .