فجّر محلل قناة الهيئة البريطانية «بي.بي.سي» إيدي جوردان مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعلن يوم الأربعاء الماضي وقبل يومين من إنطلاق سباق جائزة إيطاليا الكبرى، أنّ السائق البريطاني لويس هاميلتون بات على مشارف الإنتقال للفريق الفضيّ منهياً بذلك حقبة طويلة من العمل مع فريق مكلارن. البعض لم يأخذ جوردان على محمل الجدّ، ولكن العجوز الإيرلندي إن صحّ التعبير والذي باع فريقه الأصفر الى مجموعة ميدلند (فورس إنديا حالياً) ترطبه علاقة وثيقة مع فريق مرسيدس كونه كان أوّل من أعلن عن عودة الألماني مايكل شوماخر من غيبوبة الإعتزال في 2010.
جميع هذه المعطيات والرسائل الدفينة تجعل من إنتقال هاميلتون الى مرسيدس أمر معقول وإن كان سيكون صعباً على عشاق فريق «ووكينغ». ولكن لماذا قد يخرج الفهد الأسمر من فريقه الحالي المنافس الدائم على البطولة ويتوجه الى فريق لم يفز سوى بسباق يتيم مع نيكو روزبرغ في الموسم الحالي؟
نقلت بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أنّ فريق مرسيدس سيغادر البطولة في الأعوام القليلة المقبلة لأنه لم يتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منه فالشركة الأم «دايملر» تضّخ أموالاً من دون نتائج تذكر إن على صعيد المنصات أو الإنتصارات – بالإضافة الى مشكلة إتفاقية «الكونكورد» مع بيرني إيكلستون الذي لا يودّ الإعتراف بتاريخية فريق مرسيدس وبالتالي عدم منحه رتبة مميزة كالفيراري أو المكلارن. ولكن على ما يبدو أنّ إيكلستون وجد الحلّ فهو كشف في الصباح الباكر من جائزة بلجيكا الكبرى أنّ الموسم الحالي سيكون الأخير لشوماخر، على الرغم من نفي الأخير لهذا الأمر. الحلّ الذي وجده الداهية لإبقاء فريق مرسيدس في البطولة هو تعاقده مع بطل عالم مازال في أوّج عطائه، فهذا الأمر سيحفز المرسيدس على البقاء في البطولة مع ثنائي مثير للإهتمام. قد لا تكون تصريحات جوردان أتت من أروقة فريق مرسيدس بل من عرّاب الفورمولا واحد إيكلستون الذي تربطه علاقة طويلة معه في محاولة منه لإطلاق العنان للضربة القاضية التي ستنهي هذه المسألة.
ولكن دعونا نأخذ منظور هاميلتون ونرى لماذا يوّد الرحيل عن عائلته. قد يكون السبب الرئيسي لذلك هو هدفه في بناء شخصية جديدة في الفورمولا واحد، فهاميلتون تعاقد مع شركة سايمون فولر لإدارة أعماله، هذه الشركة واسعة السيط عالمياً فهي التي تدير علاقات دايفيد بيكهام ولاعب التنس أندي موراي والمغنية جينيفر لوبيز والكثير من الشخصيات المؤثّرة في العالم. وبالتالي فإنّ هذه الإدارة ترغب في جعل لويس هاميلتون صورة عالمية وليست بريطانية فحسب وأكثر فريق قادر على تلبية إحتياجات هذه المتطلبات هو الفريق الذي يحمل علامة مرسيدس التجارية على سيارته. هذه الصفقة ستتيح لهاميلتون أن يخرج عن إطار الفورمولا1 وينتقل للعالمية – ليس هذا فقط بل سيبدأ هاميلتون مسيرة جديدة كلياً ستدفعه لتقديم الأفضل مع نمط مختلف والمزيد من الحرية. جميع هذه الخصائص بالتأكيد ستكسبه خبرة على المدى الطويل. ففهي نهاية الأمر نجد أفضل السائقين إنتقلوا من فريق لآخر فسينا من مكلارن الى ويليامز، وشوماخر إنتقل من بينيتوف الى فيراري، وألونسو من رينو الى مكلارن ثم بعدها بسنوات الى فيراري.
كما لا يجب أن ننسى أنّ سائقي مكلارن لديهم إلتزامات كبيرة تجاه فريقهم، وهذا ما دفع الفنلندي كيمي رايكونن الى المغادرة، فالمعروف عن المدير السابق للفريق رون دينيس (وهو الذي لا يزال يملك الكلمة النهائية في جميع القرارات) أنه يحب التحكم بسائقيه. فهاميلتون لديه إلتزامات إعلامية، نشاطات متعلقة بالراعي فودافون، وجلسات تصوير بين الفينة والأخرى..الخ جميعها تجعل من السائق مكبّل بسلسلة من النشاطات التي لا تتعلق بالفورمولا1 ولا تعطيه مردوداً مالياً (إلاّ في حال كان للسائق داعم شخصي وهذا ما قد يجنيه من إنتقاله لمرسيدس – أيّ بمعنى آخر الحصول على المزيد من المال).
الأمر الآخر الذي قد يدفع هاميلتون للإنتقال الى مرسيدس هو تغيّر القوانين في موسم 2014، فكما يعلم الجميع أنّ محركات التوربو ستدخل على البطولة ووفقاً للمدير التقني في ريدبول أندريان نيوي فإنّ المحركات ستكون العامل الأساسي للفوز – وهذا ما سيجعل مدير الفريق روس براون يصّب كامل إهتمامه على موسم 2014 من أجل العودة الى المقدمة تحت المثل الشائع الذي يقول ’’الآخرون هم الأولون‘‘. فروس براون عمل طوال السنوات الماضية على جلب أفضل المهندسين الى فريقه من أجل إحداث طفرة نوعية في النتائج..وربما لن تطول كثيراً.
ربما قد يكون العقد قد وقّع فعلاً في جائزة مونزا الكبرى فبعد السباق وفي الصورة الجماعية لم يبتسم لويس هاميلتون ولم يحتفل كفائز في السباق، ناهيك عن نشره لصورة سرّية من بيانات الفريق على موقع تويتر وكأنّ لسان حاله يقول ’’لم أعد أكترث‘‘، كما أنّ مقابلة رون دينيس مع قناة «سكاي سبورت» كانت مليئة بالمرارة وكأنه تلقى طعنة من الخلف. ولكن من المؤكّد وإن حدث هذا الأمر فعلاً وأعلن عن الإنتقال لمرسيدس في القريب العاجل فذلك قد يشكل خطراً على حظوظه في المنافسة على البطولة كونه وإن فاز فإنه سيأخذ الرقم واحد معه الى المرسيدس (أذكر أنه في موسم 2005 ذكر معلق للآي.آر.أتي آنذاك مروان الراسي أنه تحدث مع عضوة في مكلارن وأعلمته أنّ فريقها لن يساعد كيمي رايكونن بكامل طاقته في المنافسة على البطولة في حال قرر الذهاب لفيراري في الموسم القادم).
البعض سيقول ولكن فريق مكلارن ساعد هاميلتون كثيراً، فلماذا يقبل البريطاني على تركه؟ بكل صراحة لا أعلم ماذا ينبغي على هاميلتون فعله ليقرر مصيره الخاص ألا يكفي أنه أحرز بطولة العالم للسائقين (2008) لفريقه منذ موسم 1999؟ وسجّل له 20 فوز و48 منصة؟ إن لم تكن هذه الأرقام كفيلة بإعطاء هاميلتون حريته فلا أعلم حينها ماذا يجب تقديمه أكثر لينالها.
في النهاية، علينا أن ننتظر لنرى إذا كان سيتمكن هاميلتون من إعادة أمجاد روس براون – مايكل شوماخر مع فيراري الى فريق مرسيدس مع شعور وإدارة مختلفة كلياً..المستقبل وحده كفيل بالإجابة عن ذلك!