شدد باحث في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي ماثيو تشيكو، على الآثار البعيدة المدى لهذه المشكلة. فالمشيمة مثلاً لا تعمل بشكل صحيح لدى المصابات بالملاريا، ما يؤدي إلى ولادة الطفل بوزن منخفض جداً، وهو العامل الوحيد الأكثر شيوعاً الذي يؤدي إلى وفاة حديثي الولادة. كما أنه يؤدي إلى عواقب مدى الحياة، لأن انخفاض الوزن عند الولادة يضعف أداء الأطفال المدرسي فينتهي بهم المطاف بدخل أقل، والغريب في الأمر أنهم يعانون حتى من مشاكل في القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق من حياتهم.
ويضيف تشيكو، أنه ثمة عواقب عديدة تتمثل مثلاً في إنجاب الفتيات اللواتي عانين من ضعف الوزن عند الولادة لأطفال يعانون بدورهم من ضعف الوزن، وهكذا تنتقل الحالة إلى الجيل التالي. لذلك، يجب كسر هذه الحلقة.
وقد قام تشيكو وزملاؤه بتقسيم القارة إلى منطقتي: شرق وجنوب إفريقيا من جهة وغرب ووسط إفريقيا من جهة أخرى، بسبب تأثير عدد حالات فيروس نقص المناعة البشرية في جنوب إفريقيا على النتائج.
كذلك، قاموا باستبعاد جنوب إفريقيا لأن مرض الملاريا شكل جزءاً كبيراً من هذه الدراسة، وقد تم الحد من حالات الملاريا هناك لدرجة لم تعد تشكل معها أية مشكلة.
ويبدو أن ما توصل إليه الباحثون في هذا السياق ينذر بالخطر. ففي الوقت الذي انخفضت فيه نسبة حدوث مرض الزهري والسيلان نسبياً، أي أقل من 5 في المئة وفي انخفاض مستمر، حسب الأرقام الأخيرة، وجد أن أكثر من نصف نساء شرق وجنوب إفريقيا، اللواتي يترددن على العيادات قبل الولادة يعانين من التهاب المهبل البكتيري، وأكثر من ربعهن يعانين من التهابات طفيلية ومن مرض المشعرات المهبلية.
وقد جاءت هذه الأرقام أقل بقليل في غرب ووسط إفريقيا، ولكن معدل الإصابة بالملاريا في تلك المناطق كان مرتفعاً، حيث يصل إلى نحو 40 في المئة. ويشار هنا إلى أن دراسات حديثة بيّنت أن هذا المعدل قد انخفض، ما يدل على أن ترويج الناموسيات للنساء الحوامل كان له تأثير جيد. وتخفي المعدّلات اختلافات كبيرة من مكان إلى آخر. فتأتي الأرقام موحدة في بلانتير وملاوي، حيث أكثر من 85 في المئة من النساء يعانين من التهابات بكتيرية مهبلية، أمّا في نغالي في الكاميرون، فتظهر الأرقام أن نحو 95 في المئة من النساء يعانين من الملاريا.
إذاً ما العمل؟ يمكن لعلاج فعال أن يحدث تأثيراً كبيراً في معدل وفيات حديثي الولادة. ويضيف تشيكو، أنه تمّ إثبات أن التغطية الشاملة مع العلاج الوقائي لمكافحة الملاريا قد يخفضان معدلات وفيات الأطفال الحديثي الولادة بنسبة الثلث. وإن أضفنا إلى ذلك عنصر الأمراض المنقولة جنسياً والتهابات الجهاز التناسلي، لابدّ أن تنخفض هذه المعدلات أكثر.