اصابة مركز التنفس في الدماغ والمشيمة والرئة يسبب اختناق الجنين والوليد.. الأطباء ينصحون بمراقبة واجراء الفحوص المخبرية لهم
ينجم اختناق الجنين والوليد عن سبب مركزي يتمثل في إصابة مركز التنفس في الدماغ أو بسبب العضو الذي يتولى مهمة التبادل الغازي في الرحم أي المشيمة لدى الجنين أو لسبب يتعلق بالرئة لدى الوليد.
ويحدث الاختناق داخل الرحم نتيجة أسباب تتعلق بالأم مثل تثبيط المخ لدى الجنين بسبب مواد تخديرية أعطيت للأم في أثناء المخاض وطول مدة المخاض اضافة إلى عسر الولادة ونقص الأكسجة لديها كما هو الحال في أمراض القلب وقصور القلب الاحتقاني والقصور التنفسي وأسباب تتصل بانخفاض تدفق الدم عبر السرة من المشيمة مثل انخفاض ضغط الدم لدى الأم وانفصال المشيمة المبكر وأمراض المشيمة من تليف وتكلس واحتشاء وخمج.
وأوضح طبيب الاطفال احمد الياسين ان الاختناق داخل الرحم يحدث لاسباب تتعلق بالخداج ونقص تغذية الجنين أو عدم استكمال تشكل المادة المبطنة للأسناخ الرئوية التي تسهل عملية التهوية وتحول دون تمزق الأسناخ أثناء توسعها وانخماصها خلال الانكماش حيث ان هذه المادة تتشكل في الشهر الأخير من الحمل ولا تتوافر بشكل كامل في المواليد الخدج والأجنة المصابة بسوء التغذية كما أنها تتعرض للتلف إذا لم ينحسر السائل الذي يملأ رئتي الجنين في حال استنشاق الوليد كميات إضافية منه في حال الشهيق المبكر.
وأشار إلى ان ظاهرة الاختناق تعقبها تغيرات فيزيولوجية متلاحقة بحيث ينخفض ضغط الأوكسجين الشرياني لدى الوليد عن سويته الطبيعية ويزداد ضغط ثاني أكسيد الكربون بسرعة وينخفض دليل الحموضة بي اتش نتيجة الاستقلاب اللاهوائي الذي ينشط جراء نقص الأوكسجين وتراكم غاز الكربون.
وبين ان تشخيص اختناق الجنين داخل الرحم يتم على أسس سريرية ومخبرية بالإصغاء إلى ضربات القلب من جدار بطن الأم إما مباشرة بالسماعة التقليدية أو بجهاز إلكتروني يثبت على جدار بطن الأم ويراقب نبض الجنين أثناء تقلصات الرحم أو بين هذه التقلصات.
وأشار إلى ان التشخيص يستند أيضا إلى قياس دليل الحموضة في دم الجنين عن طريق نموذج يؤخذ من جلدة رأسه موضحا ان هذه الطريقة تمكن من تسجيل ضغط الأوكسجين في دم جلدة رأس الجنين باستخدام مسرى حراري ففي حال الانخفاض المستمر ال\بي اتش\ عن 7 باستمرار وهبوط ضغط الأكسجين إلى 5ر7/ 15/ ميلليمترا زئبقيا يكون هذا من علامات الاختناق المؤكدة.
ولفت الدكتور الياسين إلى ان تشخيص بوادر الاختناق في الوليد وتقدير مدى حاجته إلى الإنعاش واستفادته منه يستند إلى علامات معينة تجب مراقبتها بعد دقيقة من الولادة أولا ثم بعد خمس دقائق طبقا للوحة معروفة باسم معيارعلامات أبغار مبينا ان العلامات الواجب فحصها هي النشاط العضلي والنبض والاستجابة الانعكاسية للتنبيه واللون ومحاولات التنفس.
ويمكن الاستدلال على حالة الوليد او الجنين حسب الياسين من العلامات والتفريق بين الاختناق المعتدل والمتوسط الشدة والشديد لتعالج كل حالة بما يناسبها موضحا ان المعدات لمستخدمة لإنعاش الوليد يجب أن تكون لها بعض الصفات الخاصة ومنها خلوها من الصمامات وخفة الوزن وأن تكون عقيمة تستعمل مرة واحدة.
وأشار إلى عدم وجود علاقة مباشرة بين علامة ابغار وظهور ضرر دماغي في المستقبل موضحا ان من العلامات التي تشير إلى الضرر الدماغي المستقبلي نقص النبض عقب الانعاش الكامل خلال عشر دقائق ونقص بدلائل التنفس الذاتي بعد مرور نحو 30 دقيقة إلى جانب الخلل الحاد في تركيز الغاز بالدم ما يعد مؤشرا على الحامضية ونقص التاكسج المستمر.
وأكد ان اختناق الوليد قد يؤدي الى تثبيط شامل لاجهزة الجسم وصولا إلى الموت وان فترة الشفاء تترافق احيانا باضرار بعيدة الامد وتحديدا في الجهاز العصبي لافتا إلى ان التراجع في الجهاز العصبي يصنف إلى ثلاث مراحل هي الاضطراب وفرط التفاعل مع الاثارات والنبض السريع والرجفة وتوسع البؤبؤ في المرحلة الأولى وتكون نتيجة تخطيط كهربائية الدماغ ايجابية وسليمة في حين يكون الوليد في المرحلة الثانية نعسا مرتخيا ويطرأ تراجع في درجة الوعي ويكون النبض بطيئا والاحداق ضيقة كما يسيل لعاب الوليد دون ان يستطيع بلع افرازاته وفي هذه المرحلة يحتمل حدوث نوبات ويمكن من خلال اجراء تخطيط كهربائية الدماغ ملاحظة خلل في عمله.
وعن المرحلة الثالثة يبين الطبيب ان الطفل يعاني خلالها من الهذيان او الغيبوبة ويستلقي دون حراك ولا يمكن تحفيزه على القيام باي ردة فعل ويمكن ملاحظة الخلل الدماغي مشيرا إلى ان وسائل التصوير لا تدل عند الولادة او بعدها على شدة التاثير لكنها تساهم في تقييم الخلل بعيد الامد بالمتابعة المتواصلة وتكون الوسائل المتبعة في هذه الحالة التصوير فائق الصوت والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالتردد المغناطيسي.
ورأى ان اداء الطفل مستقبلا يتعلق بالعوامل التي أدت إلى اختناقه قبل الولادة وبمدى خطورة الاصابة الحادة وبالضرر الثابت الذي حصل مشيرا الى ان العلاج المتواصل يهدف إلى تمكين الوليد المصاب من استغلال الحد الاقصى من قدرته للتعامل مع الاضرار الناتجة.
وفيما يخص اعراض اختناق الوليد لفت الياسين إلى ان الضائقة التي يمر بها الطفل تتضح بعد احساس الام بتضاؤل حركته وعندها يجب متابعة تصرف الطفل بالتصوير فائق الصوت وملاحظة خلل عند مراقبة نبض الجنين ودرجة حموضة غير سليمة عند وخز فروة الراس خلال عملية الولادة وحين يكون الجنين داخل الرحم يمكن ملاحظة انخفاض كمية السائل السلوي او تلوثه بالبراز.
وحول أسباب وعوامل الخطورة اوضح الياسين ان عوامل الخطورة لدى الام تتعلق بفقر الموارد المشيمية الناتجة اساسا عن خلل في الأوعية الدموية بالمشيمة بينما عوامل الخطورة المتعلقة بالوليد تشمل الاطفال صغار الحجم نسبة إلى عمر الحمل والأطفال الذين يعانون من فقر الدم الداخل رحمي او أمراض او عاهات ومضاعفات عند الولادة كالحمل المستمر لفترة تزيد عن 42 أسبوعا والولادة بالتحريض او بمساعدة الأجهزة ملقط الجنين او الوضعية غير الطبيعية للجنين فهذه العوامل كلها تؤدي الى خطر الاختناق.
ويبين الدكتور الياسين ان العلاج الفوري لاختناق الوليد يكمن في انعاش القلب والرئتين وفي العلاج الدوائي بهدف اعادة الاكسجة الناجعة للانسجة ولمنع الاضرار بعيدة الامد ويشمل موازنة تركيز الاملاح في الدم والسكر والتوازن الحمضي القاعدي في الدم ومن ثم العلاج الدوائي بحسب الاجهزة المصابة علما ان العلاج يكون لفترة محدودة عندما تكون اصابة الانسجة عند الاختناق حادة ويمكن خلالها تقديم العلاج لمنع المضاعفات المستقبلية.
ويوضح ان بعض المراكز الطبية تقوم مؤخرا بتجربة تبريد راس الوليد بهدف كبح العمليات الحاصلة عند نقص الاكسجة والتي تسبب دمارا ثابتا في خلايا الدماغ مشيرا إلى ان العلاج بواسطة الالوبرينول والستيرويد وحاصرات مضخات الكالسيوم وسولفات المغنيزيوم يعتبر حاليا جزءا من محاولات العلاج الدوائي.