اقتصاد الولايات المتحدة في مرحلة الحروب العالمية .. وتبعات تلك الحروب .. وظهور أنظمة ومؤسسات اقتصادية
نبض الاقتصاد
مقدمة تاريخية ... نزيف الدم
شهد القرن الماضي (القرن العشرين) العديد من النزاعات والحروب والتوترات السياسية، بل ونزفت شعوب العالم أجمع الكثير من الدماء، وبالأخص في الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث فقدت البشرية ما ينوف عن ثمانية ملايين ونصف المليون انسان خلال الحرب العالمية الأولى، في حين فاق عدد القتلى 61 مليون انسان خلال النسخة الثانية من الحرب أي حوالي 2 بالمئة من سكان العالم آنذاك، علماً بأن الأسلحة النووية استخدمت لأول مرة في التاريخ خلال النسخة الثانية من الحرب.
ولم يكن الاقتصاد بمنأى عن تلك الخسائر، فقد أضحى العالم عقب تلك الحروب "عالم من الدمار"، وخرجت اقتصاديات الدول المشاركة في الحرب مثقلة بالأعباء المالية والاقتصادية وبالأخص الدول المهزومة، إلا أن تلك الاقتصاديات أضحت اليوم أحد أكبر اقتصاديات العالم، ودولاً صناعية من طراز فريد، في كافة أقطاب الأرض، من اليابان إلى ألمانيا وإيطاليا وصولاً لأكبر اقتصاد في العالم حالياً -اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية-.
ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً رئيساً في الحرب العالمية الأولى، تلك التي نشبت خلال الأعوام ما بين 1914 و 1918، وأسفرت عن انتصار دول الحلفاء بقيادة بريطانيا وفرنسا على دول المحور بقيادة ألمانيا والنمسا، في حين أفرزت الحرب انهياراً للدولة العثمانية والتي كانت تسمى آنذاك برجل أوروبا المريض، والتوقيع على معاهدة فرساي في العاصمة الفرنسية باريس لإنهاء الحرب، علماً بأن السبب الرئيس للحرب العالمية الأولى تمثل في قيام طالب صربي باغتيال ولي عهد النمسا.
وبالنظر إلى الوقائع التاريخية بتمحص، فلم تكن الحرب العالمية الأولى سوى مقدمة لحرب أخرى أشد ضراوة وفتكاً، حيث شعرت الدول المهزومة وعلى رأسها ألمانيا بالظلم والخذلان، نظراً للتعويضات المالية الكبيرة التي فرضت على ألمانيا للدول المنتصرة، ناهيك عن خسارة ألمانيا لبعض أراضيها ومستعمراتها، كما ووضعت معاهدة فرساي قيوداً صارمة على تسليح الجيش الألماني، وفرضت إلغاءً للتجنيد الإجباري في ألمانيا، وأن يكون قوام الجيش الألماني 100 ألف جندي فقط، علماً بأن الحرب العالمية الأولى أفرزت تأسيس عصبة الأمم، لفض النزاعات بين الدول.
ومع وصول أدولف هتلر إلى سدة الحكم في البلاد، كانت البلاد تسير فعلياً في طريق الحرب العالمية الثانية، وبالأخص في ظل حالة الاحتقان التي بقيت بين ألمانيا من جهة وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى، في حين شهد العالم قبيل الحرب العالمية الثانية أحداثاً رآها المؤرخون مقدمة لتلك الحرب، كغزو اليابان للصين، وانضمام إيطاليا في خطابها السياسي إلى ألمانيا -حيث كان موسوليني حليفاً رئيسياً لهتلر-، وقيام ألمانيا بغزو بولندا.
نشبت الحرب العالمية الثانية ما بين الأعوام 1939 و 1945 للميلاد، بين دول المحور بقيادة ألمانيا، إيطاليا واليابان من جهة، ودول الحلفاء بقيادة بريطانيا، فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في بادئ الأمر تمنح دعماً لوجستياً للحلفاء، إلا أنها تدخلت في الحرب بشكل مباشر عقب قيام اليابان بهجوم على ميناء بيرل هاربر الأمريكي في هاواي، وتدمير الأسطول البحري الأمريكي فيها.
تأثيرات الحرب على الاقتصاد الأمريكي .. وظهور الدولار في التعاملات المالية العالمية
بصفتنا هنا وفي هذا المقال ندرس وقائعاً اقتصادية وليست سياسية، فإن التركيز سيكون على تأثيرات الحرب على الاقتصاد، مع عدم إغفال الهدف الرئيس لهذه الدراسة، ألا وهو التعريف بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من حيث الوظائف والمهمات، وكيفية النشأة، والإدارات، .. الخ.
من الناحية الاقتصادية، كانت فواتير الحرب باهظة لاقتصاديات الدول المشاركة في الحرب، إلا أن تلك الحرب أدت إلى ظهور اقتصاديات عرفت بـ "طائر العنقاء"، وهي ألمانيا واليابان، حيث سميت تلك الاقتصاديات بهذه التسمية نظراً لكون طائر العنقاء يطير من الرماد ليحلق في الأعالي، حاله حال تلك الاقتصاديات التي ركزت جل اهتمامها على الصناعة والاقتصاد عقب الحرب، لتصبح أحد أكبر اقتصاديات العالم بلا منازع، علماً بأن الإنفاق الحكومي العسكري ارتفع بشكل كبير في اقتصاديات دول أوروبا المشاركة في الحرب، مما خلف مشاكل اقتصادية كبيرة.
وقد اضطرت الدول المشاركة في الحرب -المهزومة منها- وعلى رأسها دول أوروبا إلى الاقتراض لإعادة إعمار البلاد، التي أصابها دماراً عظيماً وهائلاً، في حين كانت اليابان غارقة في بحر من الدمار، عقب إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية عليها قنبلتين نوويتين في هيروشيما وناكازاكي، في حين برز نجم الولايات المتحدة الأمريكية عقب الحرب على رأس معسكر عرف بالمعسكر الغربي أو "الرأسمالي"، وبرز الاتحاد السوفياتي في الجهة المقابلة، أي على رأس المعسكر الشرقي أو "الاشتراكي".
وقادت تلك المعسكرات في وقت لاحق ما عرف بـ "الحرب الباردة"، والتي عانى فيها العالم الأمرين، إلا أنها انتهت بانهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1990، مما أدى إلى ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وحيدة في هذا العالم، مع الإشارة إلى أن الاختلاف بين المعسكرين كان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، أي أن الاختلاف كان جوهرياً بين المعسكرين، حيث رأى الرأسماليون في تلك الفترة النظام الاشتراكي على أنه "سرقة"، في حين كان يصر الاشتراكيون على أن النظام الاشتراكي هو "قمة العدالة"، وسط إيمان عميق من قبل المعسكر الاشتراكي بأن النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة يقوم من الناحية الاقتصادية على دماء وآلام الطبقة الكادحة والعمال والفلاحين.
عودة إلى نتائج الحرب العالمية الثانية، فقد كانت فواتير الحرب باهظة كما أسلفنا، بسبب الدمار الذي أصاب قطاعات المنازل، الصناعة، النقل والمواصلات، والقطاعات الزراعية، وبالأخص في أوروبا كما ذكرنا آنفاً، لتتحول دول أوروبا من دول منتجة ومصدرة إلى دول مستوردة، في حين صبت الولايات المتحدة جل اهتمامها على مصانعها وعملية الانتاج الصناعي، الأمر الذي ساعد في نجاحها في الخروج من أكبر أزمة اقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة "الكساد العظيم" بنجاح أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، مما أدى إلى ظهور الدولار الأمريكي كعملة صعبة، ليصبح عملة تبادل عالمية رئيسية، علماً بأن الولايات المتحدة امتلكت عقب الحرب أكثر من 80 بالمئة من الرصيد العالمي من الذهب.
ولتوضيح تلك الأزمة بشكل مختصر، فقد بدأت تلك الأزمة في العام 1929 للميلاد، وبالتحديد في 29 من تشرين الأول/أكتوبر من العام 1929، عندما انهارت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية، لتنخفض مستويات التجارة العالمية بشكل كبير، وسط انخفاض معدلات الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح، في حين توقفت المصانع وتوقفت حركة البناء في الولايات المتحدة، مما أدى إلى ظهور أزمة اقتصادية كبيرة في الولايات المتحدة عرفت بالكساد العظيم.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن السبب الرئيس القابع خلف ظهور تلك الأزمة تمثل في عدم استقرار الوضع الاقتصادي بشكل رئيس في الولايات المتحدة الأمريكية، وقيام الولايات المتحدة الأمريكية برفع مستويات الانتاج في مصانعها بشكل كبير، لتغطية مستويات الطلب العالمي على بضائعها، وبالأخص لتغطية الطلب الناشئ عن الاقتصاديات الأوروبية عقب الحرب العالمية الأولى، إلا أن اقتصاديات أوروبا استغنت عن المنتجات الأمريكية ما إن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، حتى تكدست البضائع الأمريكية في المصانع، مما أدى إلى إفلاس تلك المصانع وارتفاع مديونيتها، بل والعجز عن سداد تلك الديون، علماً بأن تلك المصانع لجأت قبيل افلاسها إلى الاستغناء عن قواها العاملة للسيطرة على ارتفاع التكاليف، لنشهد ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير في الولايات المتحدة، لتنخفض مستويات الإنفاق التي تشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة.
يذكر بأن الحرب العالمية الثانية خلفت تراجعاً كبيراً لقوة اقتصاديات أوروبا، الأمر الذي انعكس لصالح اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، مع الإشارة إلى أن عملات الدول الأوروبية المشاركة في الحرب انخفضت بشكل ملحوظ بمجرد انتهاء الحرب.
لذلك فإن الاقتصاد الأمريكي استفاد من الحرب العالمية الثانية، على عكس ما حدث في الحرب العالمية الأولى، في حين ضرب الاقتصاد الأمريكي موعداً مع حرب أخرى عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بعشرة أعوام تقريباً، كان لها تبعاتها الاقتصادية السلبية على الولايات المتحدة، وسنتناول ذلك في مقالات قادمة، إلا أن تبعات الحرب العالمية الثانية الاقتصادية لم تقف عند هذا الحد، بل كان في انتظارنا تحولات اقتصادية جذرية وجوهرية عقب الحرب!!!
انهيار عصبة الأمم .. وتأسيس هيئة الأمم المتحدة
بمجرد انتهاء الحرب العالمية الثانية، برزت الحاجة إلى إنشاء منظمة دولية عالمية تحل محل عصبة الأمم، التي انهارت عقب أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، على أن تكون هذه المنظمة فاعلة، وتتمتع بالقوة اللازمة لفض النزاعات بين الدول، ليكون شرط الانضمام إلى تلك المنظمة الأوحد القبول بميثاق الهئية، وإحلال السلام العالمي والمحافظة عليه من قبل الدول الأعضاء، علماً بأن عدد الدول الأعضاء في الوقت الحالي يبلغ 192 دولة.
أسباب انهيار عصبة الأمم عديدة، إلا أن أبرزها تمثل في فشل تلك العصبة في فض الحرب العالمية الثانية، نظراً لافتقارها لقوة عسكرية أو جيش، وعدم انضمام قوى عظمى إليها كالولايات المتحدة، وفصل الاتحاد السوفياتي آنذاك من عضويتها، وانسحاب دول كإيطاليا واليابان منها.
أما هيئة الأمم المتحدة فتضم في كنفاتها سبعة أجهزة رئيسية، كما وتضم سبعة عشر وكالة متخصصة. أحد تلك الأجهزة "المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة"، والذي يشرف على أنشطة الأمم المتحدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويضم في كنفاته 54 دولة من الأعضاء، ينتخبون بشكل دوري في كل ثلاثة أعوام.
أما الوكالات فهي عديدة كما أسفنا، إلا أن أهمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث يعد الصندوق بمثابة بنك مركزي عالمي، في حين يوصف البنك الدولي على أنه بنك تجاري عالمي، علماً بأن الحرب العالمية الثانية والتي أفرزت تلك الوكالات والمنظمات والأجهزة كانت كفيلة بسبب انتصار دول الحلفاء بأن يكون رئيس البنك الدولي دائماً أمريكي الجنسية، وأن يكون مدير عام صندوق النقد الدولي أوروبياً.
صندوق النقد الدولي ... بنك مركزي عالمي!!!
بداية مع صندوق النقد الدولي، والذي يقع مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن، فقد أنشئ في مسعى من الحلفاء لإقامة نظام اقتصادي دولي جديد، يكون مستقراً، بحيث يكون العمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي على رأس أولوياته، وبصفته بنكاً مركزياً، فإن تعزيز مستويات النمو في الاقتصاد العالمي يقبع ضمن واجباته.
وقد أخذ صندوق النقد الدولي وصف "الصندوق"، نظراً لاستفادة الدول الأعضاء من الموارد الخاصة به لتمويل مشكلاتهم في ميزان المدفوعات، علماً بأن أهداف الصندوق تتركز في تيسير التوسع والنمو في التجارة الدولية، وضمان استقرار أسعار صرف العملات، هذا إلى جانب تشجيع الدول الأعضاء على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة.
وفي لائحة أهداف ومسؤوليات الصندوق أيضاً، رفع مستويات المعيشة والحد من مستويات الفقر في الدول الأعضاء، وبصفته بنكاً مركزياً عالمياً كما أسلفنا، فإن الصندوق يقوم بإقراض الدول الأعضاء التي تواجه مشاكلاً اقتصادية كالعجز في ميزان المدفوعات، بل ويعمل الصندوق على توجيه تلك الدول لانتهاج سياسات إصلاحية تهدف إلى القضاء على المشكلة، في حين يقدم الصندوق برامج تدريب ومساعدات فنية للبنوك المركزية الخاصة بالدول الأعضاء.
الفرنسي "دومينيك ستراوس كان" هو مدير صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي، علماً بأنه يشغل منصبه منذ أيلول/سبتمبر من العام 2007، خلفاً للأسباني رودريغو راتو، ويعد كان محامي واقتصادي فرنسي بارز، حيث تلقى علومه في معهد الدراسات العليا للتجارة، ومعهد الدراسات السياسية، في العاصمة الفرنسية باريس.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن آخر أنشطة الصندوق حتى وقت الإعداد لهذا التقرير كان موجهاً نحو اليونان، حيث تواجه هذه الأخيرة أزمة اقتصادية خانقة بسبب ارتفاع مديونيتها وارتفاع العجز في ميزانيتها، الأمر الذي قادها لتطبيق نظام تقشف شامل، وبصفتها أحد دول الاتحاد الأوروبي، لم يقف الاتحاد مكتوف الأيدي حيال الأزمة، بل قام بتقديم قروض لليونان بواقع 110 مليار يورو في أيار/مايو من العام المنصرم 2010 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وتستمر النقاشات والمداولات في الغرف المغلقة -حتى يومنا هذا- بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي من جهة، وبين صناع القرار في اليونان من جهة أخرى حول الأزمة اليونانية، مع الإشارة إلى أن تلك المداولات تتركز على البرامج الاقتصادية التي تتبناها اليونان في الوقت الحالي في سبيل الحصول على الدعم المالي من تلك الأطراف، حيث تتيح القروض المقدمة لليونان تغطية سندات ديونها المالية.
ولتوضيح مدى الضرر الذي أصاب اليونان، فإن مجموع ديونها الخارجية إذا ما أضفنا له القروض التي تحدثنا عنها في الأسطر القليلة الماضية، والتي تقدر بـ 110 مليار يورو، يبلغ حوالي 330 مليار يورو، إي ما ينوف عن 140 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين تصر اليونان حتى هذه اللحظة على عدم إعادة جدولة ديونها، مما يشكل شبحاً قد يخرج اليونان من الاتحاد الأوروبي!!!
موارد الصندوق المالية تتمثل وبشكل رئيس في اشتراكات الدول الأعضاء، والتي تدفع عند انضمام الدولة إلى الصندوق، علماً بأن الصندوق يتبع نظام "الحصص" في تلك الاشتراكات، حيث تعد الحصة الأكبر من نصيب الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمتلك أكبر اقتصاد في العالم وبحصة 17.6 بالمئة، أما أصغر الحصص فتعود إلى دولة سيشل الأفريقية والتي تمتلك أصغر اقتصاد في العالم وبحصة 0.004 بالمئة.
ويقوم صندوق النقد الدولي بإصدار نشرات تعرف بـ "الاحصاءات المالية الدولية"، أو باللغة الانجليزية (International Financial Statistics)، لتغطي بيانات تلك النشرات أكثر من 200 دولة حول العالم، علماً بأنها تصدر بشكل دوري شهري.
البنك الدولي ... بنك تجاري عالمي!!
يعنى البنك الدولي وبشكل رئيس بعملية التنمية ضمن اقتصاديات الدول الأعضاء، ويقدم البنك مساعدات مالية وفنية للبلدان النامية في العالم، علماً بأن البنك وصندوق النقد تأسسا عقب الحرب العالمية الثانية كما أسلفنا لإعادة بناء أوروبا، ويقبع موضوع "مكافحة الفقر" على رأس أولويات كليهما.
يقع مقر البنك في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبتألف من خمس دوائر رئيسية، هي: البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، مؤسسة التمويل الدولي، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، والمركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية، مع الإشارة إلى أن الأمريكي روبرت زوليك هو الرئيس الحالي للبنك الدولي.
وتقدم مؤسسات البنك الدولي قروضاً بأسعار فائدة مخفضة للدول النامية، كما وتقدم لتلك الدول اعتمادات بدون فوائد ومنح مالية، مع الإشارة إلى أن مؤسسات البنك المتخصصة في ذلك المجال وبشكل رئيس هي: البنك الدولي للإنشاء والتعمير، والمؤسسة الدولية للتنمية.
يذكر بأن آخر منحة قدمها البنك الدولي في وقت إعداد هذه الدراسة كانت موجهة لتونس، وذلك عقب قيام الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي مطلع العام 2011، وبلغت قيمة المنحة آنذاك مليار دولار أمريكي، قدمت بالتعاون مع البنك الأفريقي للتنمية، على أن يقدم كل منهما نصف مليار دولار.
وبذلك نكون قد أشرنا في هذه الدراسة الواجبات الأساسية لكل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عقب التعريف بتلك المؤسسات، وفي النهاية .. لا بد لنا من التأكيد على أن الوضع الاقتصادي يتأثر بالوضع السياسي، حيث بات الارتباط بين السياسة والاقتصاد من أبجديات العصر الحديث، وأي فصل بينهما يعد بعيداً عن المنطق، فأحياناً ترى السياسة تسهم في تكوين السياسات الاقتصادية، وأحياناً أخرى ترى العكس...
منقول للمعرفة