الغاء نظام الكفالة في السعودية 2012
أثار القرار الذي أعلنته أمس السلطات السعودية عن طرح مشروع قانون يتضمن التخلي عن نظام الكفيل، ضجة في مجتمع الأعمال.. وترحيبا شديدا من الخبراء والعمالة المتواجدة في السعودية.. وتأييدا وقبولا كبيرين من الخبراء والمستثمرين.
بينما أوضح ممثلو شركات العمالة في السعودية حقيقة المشروع، وقالوا: إنه لا يعني الاستغناء عن نظام الكفيل بشكل تام، ولكن يٌعد تقنين الأوضاع والسماح بمرونة نسبية في وضع العمالة من حيث التنقل من عمل لآخر دون قيود وهو ما أسموه بـ "نقل الخدمات".
ووفقاً لآخر إحصائيات لوزارة العمل وصل حجم العمالة الوافدة بالسعودية نحو ثمانية ملايين وافد بينهم 6 ملايين يعملون في القطاع الخاص، تقدر تحويلاتهم السنوية بمائة مليار ريال (26.6 مليار دولار)، وهم يتقلدون وظائف تقنية مرتفعة الأجور، كما يعمل الوافدون أيضا في وظائف متدنية الأجور يراها السعوديون مهينة وأكثرهم من العمالة الآسيوية.
دينا موسى نائب الملحق الإعلامي بالسفارة السعودية في القاهرة رفضت التعليق على القرار، واكتفت بتصريح أن السفارة في انتظار قرار نهائي يصدره الوزير المختص بهذا الشأن، لأنها لم تخاطب بشكل رسمي بهذا القرار.
أضافت موسى أنه من المنتظر أن تصدر دراسة شاملة كبنود القانون التي تنتج نظام كفيل جديد معلن في غضون الأيام القليلة المقبلة، مشيرة إلى ما صرح به السفير السعودي في مصر أخيرا بأن الحكومة السعودية ستصدر قانون تراعي فيه حقوق العامل والمستثمر الأجنبى والسعودي على حد سواء، وعدم احتجاز الوثائق، فى مؤشر على أن وزارة العمل استبدلت الكثير من قوانين نظام الكفالة بتنظيمات جديدة تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد فى المملكة مع تجنب المساوئ التي عانى منها العامل والمستثمر الأجنبي سابقاً، ومنح الوافدين حرية التنقل من عمل لآخر.
الدكتور أحمد حمدونة خبير اقتصادي ورجل أعمال في مجال السياحة مصري مقيم بالسعودية، رحب بمشروع إلغاء الكفيل، وقال إنه طبقاً للمعايير الدولية فإن نظام الكفيل ضد حقوق الإنسان وطبقه عدد من الدول المحيطة بالسعودية مثل الكويت والبحرين، وأصبحت السعودية هي المتعامل الوحيد بهذا النظام، مشيراً إلى أن الدول التي اتخذت هذا القرار زادت فيها معدلات النمو وعجلة الإنتاج وارتفعت استثماراتها بشكل ملحوظ.
وتوقع حمدونة هجوما استثماريا كبيرا على السعودية وغير مسبوق بعد تطبيق هذا النظام لأن هناك رجال أعمال ومستثمرين أجانب ومصريين لديهم الرغبة في ذلك لكنهم مترددون في اتخاذ القرار لأن الاستثمار تحكمه قيود قد يعجز عنها الكثيرون، مثل أن تكون الشركة قائمة وميزانياتها العموميتان وغير مقيم في السعودية على مدار خمس سنوات، لأنه في النهاية يعمل تحت عباءة الكفيل الذي قد يستولي على استثماراته.
ويرى الدكتور أسامة عبد الخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، أن نظام الكفيل منتقد منذ فترات طويلة لأنه يؤدي إلى فرض قيود وأوضاع تعسفية على العمالة ويمثل نوع من الضغوط النفسية إلى جانب أن البعض كان يسيئ استخدام هذا الحق.
ونظراً لأن الدول الآسيوية تمثل أكثر من 90% من العمالة من الأجانب بدول الخليج والتي تقبل الخضوع لكل الأنظمة الرقابية الصارمة، وهذا يؤدي إلى أن المنافسة بينها والعمالة العربية صعبة جداً برغم أن السعودية تمثل 80% من حجم العمالة المصرية.
وقال: إن إلغاء نظام الكفيل يؤدي إلى شعور العمالة المصرية بعدم تعسف أو قيود على الأعمال المفروضة عليهم، وهو ما يؤدي إلى زيادة الإقبال على العمل بتلك الدول وإلي شعور العامل بالانتماء لمكان عمله.
تعارض معهم في الرأي المتحدث باسم شركات العمالة المصرية، حمدي إمام سكرتير عام شعبة إلحاق العمالة بالخارج بالغرفة التجارية، ويؤكد أن ما أشيع عن إلغاء نظام الكفيل خبر "كاذب" ولا يوجد ما يسمى بإلغاء نظام الكفيل وإنما هو تقنين أوضاع العمالة واستبدال بنظام "نقل الخدمات" وهو ما يتيح للعمالة التعامل بشي من المرونة وتقليل سيطرة وتحكم الكفيل.
وأوضح إمام أن الدول التي أعلنت عن إلغاءها للكفيل مثل البحرين والكويت لم تتعامل به ولم يتم إلغاؤه فعلياً، لأن هذه الدول مغلقة على نفسها ولا يوجد بها سياحة مثل فرنسا واسبانيا ومصر، والدخول لها يجب أن يكون بضوابط ومنحهم فرصا أكثر في حرية التعاقد من عمل لآخر بحدود وأنظمة مقننة.
أضاف أن وضع الاستثمار الأجنبي في دول الخليج له وضع خاص وامتيازات بخلاف وضع العمالة ولهم مبالغ مالية على شكل منح ودون شروط، وبالتالي لن تتأثر في حالة تقنين الأوضاع أو عدمها بالنسبة للكفيل.
وعن شركات العمالة وموقفها في حالة تقنين اوضاع الكفيل قال: إن شركات العمالة في كلتا الحالتين لن تتأثر لأنه مع افتراض إلغاء نظام الكفيل بشكل تام، سيكون هناك بديل.
كان وكيل وزارة العمل للشئون العمالية في السعودية أحمد الحميدان قد كشف أمس عن أن الوزارة بدأت فعليا في خطوات تنفيذية نحو الاستغناء عن "نظام الكفيل" في المملكة.
وكذلك منح الوافدين حرية التنقل وعدم احتجاز الوثائق، وذلك في مؤشر على أن وزارة العمل استبدلت تنظيمات جديدة تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد في المملكة بالكثير من قوانين نظام الكفالة.
وكانت الصحف السعودية أفادت في مارس الماضي بأن الوزارة تعد دراسة لاستبدال نظام الكفالة الفردي وينتظر أن تعرض على مجلس الوزراء للموافقة النهائية قبل نهاية 2012، وأوصت الدراسة بإنشاء هيئة حكومية ذات شخصية اعتبارية تتبع لوزارة العمل هدفها الإشراف على أوضاع العمالة الوافدة وإلغاء أي دور للكفيل التقليدي، مقترحة أن يسمى هذا الجهاز بهيئة شئون العمالة الوافدة وأن يكون مقرها الرياض ولها فروع في المناطق.