يحتفل الأردنيون غدا في الخامس والعشرين من أيار الحالي بالعيد السادس والستين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية, حيث تتجدد معاني الاعتزاز والفخر لدى الأردنيين بتحمل مسؤولياتهم تجاه وطنهم لحماية مكتسبات الاستقلال ومستقبل الوطن, ومتطلعين بعزم وثقة إلى المستقبل الأفضل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
ويأتي العيد الغالي على قلوب الأردنيين هذا العام في مرحلة دقيقة من مسيرة الوطن تكللت ايامها بربيع حمل للاردنيين اصلاحات دستورية وسياسية من المنتظر ان تعيد النضارة والاشراق لوجه الدولة وتبعث فيها من جديد امل الغد المشرق المتوج بروح الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية.
في ربيع العرب الذي أحال بعض المروج العربية إلى ساحات دم وحرائق يحتفل الاردنيون بعيد استقلالهم مواصلين مسيرة البناء والعطاء والإصرار على الانجاز والبقاء نموذجا للدولة الحضارية التي تستمد قوتها من تعاضد أبناء شعبها والثوابت الوطنية والمبادئ والقيم الراسخة التي حملتها الثورة العربية الكبرى.
ويستذكر الأردنيون يوم الخامس والعشرين من أيار عام 1946 ذلك اليوم الخالد في تاريخ الوطن المشرّف, عنوانا لحريتهم ومجدهم وفخرهم, حين كان العهد بان يكون وان يبقى التاج الهاشمي درة على جباههم العالية وشعارا للمملكة الأردنية الهاشمية, مستمدين عزيمتهم من الآباء والأجداد في رحلة الكفاح البطولية منذ انطلاقة الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران عام 1916 بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه.
وإذ أرسى المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين قواعد إنشاء دولة المؤسسات القوية وأسندها المغفور له جلالة الملك طلال بن عبد الله بدستور حضاري ورفع بنيانها وزاد من شأنها المغفور له جلالة الملك الحسين, ها هو المليك المفدى عبدالله الثاني ابن الحسين يعزز منعتها وصمودها ويدعم في عهد التطور والتقدم ركائزها لتبقى الدولة النموذج وليظل استقلالها تاريخا ناصعا مشرّفا للأجيال المقبلة.
ويؤرخ يوم الاستقلال في ذاكرة الوطن يوما مشرقا زاهيا توجت فيه مسيرة عطاء وكفاح, بدأت منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي مسيجة بالإيمان والوفاء والمحبة بين أبناء الوطن والإصرار على تنسم الحرية والتي لاحت بشائرها بقدوم الأمير العربي الهاشمي عبدالله بن الحسين حين التف الأردنيون حول قيادته لتكون البداية المؤزرة في بناء الدولة الأردنية الحديثة بإعلان قيام إمارة شرق الأردن ثم الاعتراف الدولي بها بعد إعلان استقلالها في الخامس والعشرين من أيار عام 1923 .
وخلال الفترة الممتدة من عام 1923 - 1946 نهض الأردنيون بمسؤولياتهم لتحقيق الاستقلال التام بثقة وإيمان عميق بزهو المستقبل, فكان النضال والكفاح في رحلة سلاحها الصدق والالتحام بين أبناء الشعب الأردني الواحد ليكون وضع أول قانون أساسي للبلاد في السادس عشر من نيسان عام 1928 والتي تناولت فصوله السبعة حقوق وواجبات الشعب والتشريع والقضاء والإدارة ونفاذ القوانين والأحكام, ولتجري أول انتخابات تشريعية تبعها افتتاح الدورة الأولى للمجلس التشريعي الأول المنعقد في شرق الأردن في الثاني من تشرين الثاني عام 1929 .
وشهدت ثلاثينيات القرن الماضي تأكيدا لنهج الديمقراطية الأردنية والتي رافقت بدايات تأسيس الدولة, من خلال انعقاد مؤتمرات وطنية تمسكت بحق الأردنيين في التخلص من الاستعمار الأجنبي وبناء الدولة بسواعد رجالاتها.
وشارك الجيش العربي الأردني في الحرب العالمية الثانية, وعقدت سلسلة من المعاهدات بين انجلترا وشرق الأردن كان آخرها المعاهدة البريطانية - الأردنية في الثاني والعشرين من آذار عام 1946 والتي أنهت الانتداب البريطاني ونصت على الاعتراف بالأردن دولة مستقلة ذات سيادة والأمير عبدالله ملكا عليها. ستة عقود ونصف العقد من الزمان يفصل يومنا هذا عن ذاك اليوم الأغر المكلل بالعز والمجد حين التأم المجلس التشريعي الأردني الخامس وتلي فيه نص القرار التاريخي الذي جاء فيه بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي, مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم) .
كما بحث أمر تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس بمقتضى اختصاصه الدستوري, ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية (عبدالله بن الحسين المعظم) بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وبتحقيق الاستقلال التام أخذت المملكة الأردنية الهاشمية دورا متقدما وبارزا عربيا ودوليا لتتبوأ مكانة متقدمة موظفة استقلالها في الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية وقضاياها العادلة, وشاركت بعيد استقلالها بأيام في مؤتمر قمة انشاص بمصر في الثامن والعشرين من أيار عام 1946 ، تلك القمة التي أعلن ملوك ورؤساء الدول العربية أن القضية الفلسطينية تهم سائر العرب وليس الفلسطينيين العرب فحسب.
وتم وضع دستور جديد للدولة الأردنية وصادق عليها المجلس التشريعي بتاريخ الثامن والعشرين من تشرين الثاني من العام 1946 ، وبتاريخ الرابع من آذار عام 1947 تم تشكيل أول حكومة أردنية في عهد الاستقلال, وجرت في العشرين من تشرين الأول العام 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد. وفي حرب النكبة عام 1948 سطر الجيش العربي المصطفوي الذي لم يكن يتجاوز عدده أربعة آلاف وخمسمئة رجل, أروع بطولات التضحية والفداء في الدفاع عن فلسطين والقدس وقدم مئات الشهداء على أرضها, وفي إحدى المعارك على أبواب القدس القديمة صدت القوات الأردنية هجوما عنيفا شنته القوات الإسرائيلية مساء السادس عشر من تموز عام 1948 لتكون خسائر العدو في تلك المعركة نحو 225 قتيلا و145 جريحا.
اعتلى المغفور له جلالة الملك طلال طيب الله ثراه عرش المملكة الأردنية الهاشمية, وهو الابن الذي نشأ وترعرع في كنف والده المغفور له الملك عبد الله بن الحسين وكنف جده شريف مكة الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى, وهو الملك الذي أوصاه والده في أمسية من أمسيات حزيران عام 1948 مخاطبا اياه نائبا على عرشه أي بني سر في طريقك بمشيئة الله واعتصم بحبله المتين واسلك سبيل آبائك الأولين, وأجدادك الصالحين, واعلم بأننا معشر أهل البيت, مكلفون بحمل الأمانة وأداء الرسالة وتحمل كل أذى حتى نتمكن من إيصال هذه الأمة إلى محجة النصر والعلاء .
وكان المغفور له جلالة الملك طلال جندي المدفعية وجندي المشاة في حرب النكبة وهو أول ضابط عربي يتخرج في كلية ساند هيرست البريطانية, وأصبح جلالته وليا للعهد عام 1947 .
وخلال حقبة حكمه القصيرة التي امتدت من السادس من أيلول من العام 1951 وحتى الحادي عشر من آب من العام 1952 صدر الدستور الأردني الذي وضع بصيغة تناسبت مع وحدة الضفتين التي أبرمت في عهد والده الملك المؤسس وبما يعزز دعائم المجتمع ويبين الحقوق والواجبات والصلاحيات الممنوحة للسلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية.
وعمل طيب الله ثراه على ترسيخ وتجذير نهج ومبادئ الثورة العربية الكبرى التي قادها الحسين بن علي طيب الله ثراه من اجل وحدة العرب وحريتهم واستقلالهم والحياة الفضلى لهم. وفي عهد جلالته اتخذ الأردن قرارا يقضي بجعل التعليم إلزاميا ومجانيا حيث يعتبر هذا القرار الأول من نوعه في الأردن والوطن العربي وكان له الأثر الكبير في النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد فيما بعد, وتم في عهده طيب الله ثراه إبرام اتفاقية الضمان الجماعي العربي وتأليف مجلس الدفاع المشترك, وانشىء في عهده ديوان المحاسبة.
ولم يتريث المرض بإعطاء الفرصة الكافية للملك طلال رحمه الله, وبعد احد عشر شهرا وخمسة أيام من اعتلاء جلالته العرش نقل لتلقي العلاج إلى أن اختاره المولى عز وجل إلى جواره في السابع من تموز عام 1972 بعد أن سجل انجازات نوعية في تاريخ الحياة الأردنية السياسية والاجتماعية والتعليمية.
كان عدد المدارس في المملكة 141 مدرسة في السنة الدراسية 1950 - ,1951 مجموع طلابها وطالباتها نحو خمسة وعشرين ألفا, وفي العام الدراسي 2010-2011 وصل عدد مدارس المملكة إلى نحو أربعة آلاف وعدد الطلبة إلى نحو مليون ونصف المليون طالب وطالبة.
هي إحدى المقارنات الرقمية عن واقع البلاد بين خمسينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي, وهي مثال واحد من أمثلة النهضة الشاملة التي شهدتها المملكة منذ أن تسلم المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية في الثاني من أيار العام 1953 .
كان وجه الأردن قد تغير منذ عام 1948 وخلال بضعة أشهر فقط, إذ استقبل الأردنيون نحو مليون لاجئ فلسطيني ليتضخم عدد السكان بشكل كبير, ليكون توفير سبل الحياة الكريمة لمن أصبح حالهم كحال المهاجرين والأنصار, أولوية تصدرت أولويات الملك الحسين في ظل ظروف قاهرة وقلق عميق اثر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وضبابية موقف دولي بات يهدد الأمة العربية جمعاء إضافة إلى الخطر المتجدد الذي كان يهدد الحدود الأردنية بشكل خاص كونها أطول حدود مشتركة بين سائر الأقطار العربية مع الكيان الإسرائيلي.
وفي لحظات حاسمة من تاريخ الأردن الحديث اتخذ الحسين الذي وصف بالملك الشجاع قرارا تاريخيا عام 1956 بتعريب قيادة الجيش العربي وعزل الجنرال كلوب بعد تكوّن قناعة أكيدة لجلالته بان بقاء قائد انجليزي للجيش العربي الأردني سيحد من دور الضباط العرب ويؤثر على الإستراتيجية الدفاعية للبلاد, وقد كانت ثقة الحسين طيب الله ثراه كبيرة في قدرة الأردنيين على تحمل المزيد من المسؤوليات وتمكينهم من تدبير وإدارة شؤون بلادهم بأنفسهم لا سيما في واحدة من المؤسسات العريقة التي أثبتت وطنيتها وقدرتها وتفوقها على مدار سنوات تأسيس وتطور الدولة الأردنية ليتبع ذلك إلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية عام 1957 .
ضمن أحاديث ملكية سطرت في كتاب مهنتي كملك قال الحسين لقد كانت تقاليد وتاريخ الشعب الأردني تمنح دوما الجندي المقاتل نظاما تفضيليا, وقد كان الانخراط في سلك الجندية عندنا من قديم الزمان, مدعاة للسعادة, كان لرجالي دوما إحساس رفيع بالكرامة والعزة, ولم يستطع جندي في العالم العربي أن يطاول جنود جيشي كبرياء وأنفة .
خلال الأعوام 1961 وقبيل حرب حزيران عام 1967 وبعد أن تجاوز الأردن فترة بالغة الاضطراب داخليا وعربيا بدأ الاقتصاد الأردني يشق طريقه بتطور لافت ضمن خطط تنموية مدروسة, فكان إنشاء مصفاة البترول في الزرقاء عام 1961 وإنشاء قناة الغور الشرقية عام 1966 بموازاة نهر الأردن وبطول نحو 65 كيلومترا.
وبلغت صادرات الأردن من الفوسفات عام 1961 نحو 320 ألف طن فيما تضاعفت في عام 1964 ورأت النور صناعات كان لها تأثير بتأمين العمل لعشرات الآلاف من العمال وظهر جيل جديد من الأردنيين من رجال الأعمال والتجار وأصحاب المهن الحرة, كما وضع حجر الأساس للجامعة الأردنية وضاعف ميناء العقبة على البحر الأحمر من شحناته الصادرة والواردة وتطور قطاع النقل الجوي والسياحة, وفي بدايات عام 1967 تضاعف الدخل القومي ثلاثة أضعاف عما كان عليه في العام .1954 وفي عام 1967 شنت إسرائيل حربها ضد العرب وتمكنت من احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن وتعرض الجيش الأردني إلى خسارة كبيرة في الأرواح والمعدات بعد هجوم جوي إسرائيلي مباغت حيث دافع الجنود الأردنيون باستبسال عن القدس والضفة الغربية, فاستشهد منهم سبعمئة شهيد وكبدوا العدو خسائر في الأرواح على الجبهة الأردنية قدرت بخمسمئة قتيل.
وفي العام 1968 سجل الجيش الأردني أروع البطولات وأسمى معاني الفداء والذود عن ارض الوطن إذ تمكن هذا الجيش الذي لم يكن قد استعاد قوته بعد هزيمة عام 1967 من إلحاق أول هزيمة بالجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة التي رفض الحسين وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي الأردنية.
بعد حرب حزيران أدت الجهود الأردنية الدبلوماسية بقيادة المغفور له جلالة الملك الحسين إلى استصدار القرار الاممي رقم 242 في تشرين الثاني عام 1967 الذي اشتمل على معادلة انسحاب شامل مقابل سلام شامل والاعتراف بحق الجميع العيش بسلام في المنطقة. وفي عام 1988 اتخذ الأردن قرارا بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية بعد أن كان قد اعترف في عام 1974 وبناء على توصيات القمة العربية في الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وفي الوقت ذاته, استمر الأردن بواجباته القومية استنادا إلى ثوابته ورؤى قيادته الهاشمية خاصة في رعاية المقدسات التي هي في الوجدان الهاشمي.
وشهد عام 1989 أول انتخابات نيابية بعد قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية واستؤنفت المسيرة الديمقراطية بعد أن كانت قد تأسست منذ عشرينيات القرن الماضي, وتعطلت اثر حرب حزيران عام1967. وفي عام ,1991 قام المغفور له الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام, وفي توفير مظلة تمكن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد أردني - فلسطيني مشترك, ووقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل عام ,1994 والتي تضمنت الاعتراف بدور الأردن في محادثات المرحلة النهائية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل خاصة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والنازحين والعلاقة المستقبلية بين الأردن والدولة الفلسطينية كما عززت هذه المعاهدة موقف الجانب الفلسطيني في تفاوضه مع إسرائيل لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام .1967 وفي السابع من شباط عام 1999 انتقلت الراية الهاشمية إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بعد رحيل المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه, ولتبدأ مرحلة جديدة من البناء والإنجاز.
وقد بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني عهده الميمون على خطى القادة الهاشميين في بناء الدولة العصرية الحديثة, والتقدم في مجالات التنمية الشاملة والمستدامة وإرساء أسس العلاقات المتينة مع الدول العربية والإسلامية والصديقة, ودعم وتعزيز مسيرة السلام العالمية. وبشكل لافت كان التطور الكبير في مجال التنمية الاقتصادية والذي تمثل في انتقال الأردن لمرحلة تحرير التجارة واقتصاد السوق, بالانضمام لمنظمة التجارة العالمية والتكتلات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية, وزيادة حجم الاستثمار والتطوير الصناعي والتكنولوجي وتوقيع العديد من الاتفاقيات.
وكان التطور في مجالات التنمية السياسية ملحوظا, والتركيز على إحداث الإصلاح الشامل جانبا مهما احتل أولوية متقدمة في عمل الحكومات الأردنية بتوجيهات ملكية سامية ظهرت واضحة المعالم في كتب التكليف السامية وخطب العرش والخطابات والرسائل والمبادرات الملكية المتتالية.
وجلالة الملك الذي يقود مسيرة الإصلاح الشامل بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية, يحرص على تعزيز المسيرة الديمقراطية وبناء الأردن الجديد, وصولا إلى مرحلة متميزة من الأداء السياسي لحماية الانجاز الوطني, والدفاع عن قيم الحرية والعدل والمساواة والتسامح واحترام حقوق الإنسان.
وكانت كرامة المواطن الأردني عند جلالته خط احمر وهي أهم وأغلى عنده من أي شيء, ففي خطبة العرش السامي في افتتاح مجلس الأمة السادس عشر قال جلالته إن الإنسان الأردني هو ثروتنا الأولى, وهو غاية التنمية وهو وسيلتها, ولذلك يجب أن تضمن الدولة تحقيق العدالة والمساواة الاقتصادية والاجتماعية, وتكافؤ الفرص, وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى, وحماية الطبقة الفقيرة.
وفي زيارات جلالته المتكررة لجميع محافظات وألوية المملكة كان اللقاء بين القائد والشعب نموذجا نبيلا في علاقة متميزة يؤطرها الحرص على تحقيق الأهداف الوطنية والمحافظة على مصالح الوطن العليا, ويحكمها الاتفاق على كل ما من شأنه أن يزيد من منعة الأردن ورفعته ويعزز ويزيد الانجاز الذي تحقق بجهد الأردنيين وبفضل قيادتهم الهاشمية الحكيمة. وفي مجال تعزيز دور المرأة في المجتمع الأردني, ازدادت نسبة مشاركتها في صنع القرار الذي جاء نتيجة لتوفر الإرادة السياسية العليا, كما أولى جلالة الملك عبدالله الثاني اهتماما بقضايا الأسرة والطفل وعمل الأردن وبتوجيهات من جلالته على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين في التعليم.
وشهدت محافظات المملكة جميعها منذ تولي جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية نهضة تنموية شملت جميع القطاعات لمس أثرها المواطن من خلال تحسن مستوى معيشته والخدمات المقدمة له, وأوعز جلالته ضمن الخطط الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة المنشودة, بإنشاء مناطق تنموية في كل من معان واربد والمفرق وعجلون والبحر الميت.
كما شهد الإعلام الأردني في عهد جلالته دعما ملموسا في مجال الحريات الصحافية المسؤولة وفي لقاء لجلالته مع نقيب الصحافيين ومديري الإعلام الرسمي ورؤساء تحرير الصحف الشهر الجاري وصف جلالته الإعلام بأنه السلاح الذي يدافع عن الوطن ومقدراته قائلا: إن على الصحافة ووسائل الإعلام حماية منجزات وصورة وسمعة الوطن, ومحاربة من يستهدف إرباك عمل المؤسسات العامة وقدرتها على اتخاذ القرار وخدمة المواطن وتوفير الأفضل له .
واهتم جلالته في تطوير القوات المسلحة الأردنية تدريبا وتسليحا وتأهيلا لتبقى كما كانت على الدوام سياجا تحمي الوطن وليتعدى دورها خارج حدوده من خلال المشاركة في قوات حفظ السلام في العديد من دول العالم والمناطق المنكوبة, وعمدت القوات المسلحة على تطوير وتحديث معداتها باستغلال الإمكانات المتوفرة لديها بالتعاون مع مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير وإدخال أحدث الأسلحة من مختلف المصادر المتاحة كما اتبعت احدث الأسس لتدريب منتسبيها بحيث يتم التركيز على التأهيل الفردي وصقل الشخصية العسكرية معتمدة على الطرق الحديثة في مجالات التدريب المختلفة.
وكان للقوات المسلحة الأردنية في عهد جلالته دور بارز في عمليات حفظ السلام الدولية نظراً للسمعة الممتازة التي تميز الجندي الأردني من حيث الاقتدار والانضباطية في السلوك والمعاملة الإنسانية وفي سبيل هذه الرسالة الإنسانية السامية قدمت القوات المسلحة خبرتها ومعرفتها في خدمة الأمن والسلم الدوليين وفي قيادات الأمم المتحدة وكمراقبين عسكريين كما جادت بخيرة أبنائها ممن استشهدوا في مواقع عدة من أرجاء المعمورة.
أما القضية الفلسطينية, فهي في صلب اهتمامات جلالة الملك وأولوياته, باعتبارها القضية المركزية في الشرق الأوسط وجوهر الصراع العربي الإسرائيلي, وعمل جلالته على توظيف علاقات الأردن مع مختلف دول العالم من اجل إيجاد حل عادل وشامل يكفل للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة على ترابهم الوطني ونيل حقوقهم الوطنية المشروعة, على أساس حل الدولتين الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويقدم الأردن للأشقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة مساعدات بشكل دائم ومتواصل, وتشمل هذه المساعدات المواد الغذائية والدوائية والمستلزمات الطبية, فضلا عن دور المستشفيات الميدانية في الضفة والقطاع.
ويواصل الأردن بقيادة جلالته دوره في حماية المقدسات ورعايتها في مدينة القدس الشريف, إضافة إلى دعم صمود المقدسيين والتصدي لكل الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف تغيير هوية المدينة وعروبتها.
وتعززت في عهد جلالته العلاقات الأخوية التي تربط الأردن بجميع الدول العربية, والارتقاء بها في مختلف المجالات. ويحرص جلالة الملك عبدالله الثاني, على إدامة التنسيق والتشاور مع إخوانه القادة والزعماء العرب, وعمل على تقوية علاقات التعاون وتمتينها في مختلف المجالات, خدمة للمصالح المشتركة, وتعزيز دور الأردن الإيجابي والمعتدل في العالم العربي.
وترتكز سياسة الأردن العربية على أساس المواقف المبدئية والثابتة النابعة من التزام الأردن التاريخي والقومي للدفاع عن مصالح الأمة وخدمة قضاياها العادلة, وما توانى الأردن بقيادته الهاشمية عن المشاركة في جميع القمم العربية التي عقدت. وكانت عمان محطة مهمة للقادة والزعماء العرب للتشاور والتحاور في مختلف القضايا التي تمس الأمة, كما أن الأردن شارك في كل الجهود الرامية إلى توحيد الصف العربي ونبذ الفرقة والخلاف بين الأشقاء, ومأسسة العمل العربي المشترك, وبلورة مواقف عربية موحدة للتصدي للتحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية.