رساله من مواطن الى المعلم ........... بقلم : عمر قديسات .
من مواطن مفعمٌ قلبه بحب الوطن ، ويعيش هم امته مع انفاسه، الى حامل لواء العلم وصاحب الرسالة السامية : "المعلم".
سيدي المعلم … سيدتي المعلمة …
انتم ترون كم تغربت ثقافتنا ، وانتُزعنا من جذورنا ، وكم نعيش التيه والضياع ، وتخلفنا عن ركب الامم، حتى اصبحنا في ذيل القائمة بعد ان كنّا السادة ، وخلاصنا من هذا التخلف والانحطاط منوط بقدرتنا على تذليل الصعاب وتخطيها ولن يكون ذلك الا برفع سوية الوعي عند الفرد والجماعة ، وتغليب العام على الخاص ، والتضحية من اجل نهضة الامة وتقدمها…
ولان اجيالنا قد عفى عليها الزمان؛ فهي غير قادرة على الرقي بهذا المرتقى ، ولا بدّ من ايجاد اجيال واعدة تؤمن بدينها وامتها وذات حس عالٍ بمسؤليتها ، تستصغر العظائم لتقود الامة للرقي والسيادة ، وايجاد هذه الاجيال منوط بقدراتكم وتفانيكم في العطاء ، لانكم سادة التعليم ورافعوا رايته.
سيدي المعلم … سيدتي المعلمة …
الامال معقودة عليكم ان تؤدوا دوركم على افضل وجه ، فان لم تنهضوا انتم بهذا الواجب العظيم فلن يستطيع غيركم النهوض به ، فانتم الفئة المثقفة الواعية والمدركة لمصيرنا إنِ استمر هذا التراخي ودفن الرؤوس بالرمال.
فمن يقول ان سفينتنا ستبحر امنة بربان غير المعلم فهو واهم ، وان اشرقت الشمس على الاوطان فهي شمس المعلم .
سيدي المعلم … سيدتي المعلمة …
اجيال المستقبل الذين نأمل بهم رفعة الامة وسيادتها هم طلاب اليوم ، هم فلذات اكبادنا ،دفعناهم بين اياديكم الامينة كي تغرسوا فيهم العلم غرسا ، يتفاعل في نفوسهم وينعكس على واقعهم تجديدا وبناءً ،لا نريدهم ان يتعلموا ظاهر العلم بل نريد العلم سارٍ بدمائهم ، فلا نريدهم حملة شهادات فقط ، بل نريد ان تشهد شهاداتهم على ولائهم وانتمائهم لامتهم وقدرتهم على ترجمة علمهم عملا ينهض بها ، فانتم أكفاء لذلك واهلا له.
نريد ان تتخرج من بين اياديكم الامينة اجيالاً، يكون حب الاوطان مجبولاً بدمائها، وتكون أجيالاً واعية لتاريخ امتها وواقعها ومدركة لمستقبلها ، تعرف كيف تدير امرها بنفسها ، رافضة للانقياد لغير ربها ودينها وموروثها ، نريدها اجيالا ذات خلق ودين تنأى عن السفاسف وتطمح للسمو ، فازرعوا في اعماقهم الفضيلة والامانة حتى اذا ما كانوا اسياد زمنهم عفت نفوسهم عن الباطل وامِنهم مجتمعهم على مقدراتهم ، فتجربة ايامنا المريرة تحتم علينا الاتعاظ بما يجري ، وعلموهم ان حريتهم اثمن ما يملكون فلا يفرطون بها كما فرطنا بها نحن.
سيدي المعلم … سيدتي المعلمة …
ان الجندي هو سياج الوطن المدافع عن حماه ، وانتم بناة الحمى وقادته ، ومنارات الثقافة في المجتمع ، عطاؤكم وانتمائكم لهذا البلد بقدر ما تعلو به الراية وتفلح الغاية ، فان تخلّف التعليم سنتخلف بكل مجال ، وسنُهزم اينما كانت مواجهة ، وما اكثرها ، فاضبطوا العملية التعليمية في هذا البلد قدر جهدكم وطاقتكم.
نحن نعلم ان معطيات التعليم واسباب نجاحه لم توفر لكم كاملة، وان المجتمع بثقافته واعلامه يهدم احيانا ما تبنون ، الا ان همتكم العالية واصراركم على النجاح سيتغلب على كل المعوقات.
كما أننا نعلم يقيننا ان عطاءكم لا يقدر بثمن مهما ارتفعت رواتبكم ، ولا تقاس التضحية من اجل بناء الوطن بما نأخذه من الوطن ، بل بقدركم العالي بيننا وعند كل من يعرف قيمة العلم والمعلم ، فاحتسبوا عملكم خالصا لله تعالى ليكون في ميزان حسناتكم يوم نلقاه … ولا نحملكم فوق طاقتكم، انما جهدكم الدؤوب واخلاصكم وتفانيكم.
سيدي المعلم … سيدتي المعلمة …
ليس لي ان اتدخل بما لا يعنيني الا ان الدين النصيحة ، فيا اخوتنا واخواتنا الكرام معلمين ومعلمات مع قرب موعد انتخابات نقابتكم المباركة، انتبهوا ان لا يكون اسلوب الانتخابات كما تعودنا في انتخابات البلديات والنيابة حيث العشائرية والجهوية وغيرها ، فنقابتكم مهنية فافرزوا الاقدر على الرقي بكم وبالعملية التعليمية برمتها.
هذا نداء ابن الوطن لابن الوطن..، فلنخلص النية جميعا لله
وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم