النذور
النذر هو التزام قربة غير لازمة من الشرع، كأن يقول: لله علىَّ صوم كذا. ولله أن أصلي كذا، والنذر عبادة من العبادات، وقد كان النذر موجودًا قديمًا، فقد حكى الله نذر أم مريم عندما نذرت ما في بطنها لله، فقال:{إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررًا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم} [ آل عمران: 35].
وقد أمر الله به مريم، حيث قال : {فكلي واشربي وقري عينًا فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًا} [ مريم :26].
وقد جاء الإسلام ووجد المشركين ينذرون لآلهتهم، ويقدمون لها القرابين، فنهى عن ذلك وحرمه، قال تعالى: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلي الله وما كان لله فهو يصل إلي شركائهم ساء ما يحكمون} [الأنعام: 136].
وقد شرع الإسلام النذر،وإن كان لا يستحب ؛ لما يقع فيه صاحب النذر أحيانًا من عدم استطاعة الوفاء بالنذر، فعن ابن عمر أن النبي ( نهى عن النذر،وقال : ( إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل) [ متفق عليه ].
ومدح الله أولئك الذين يوفون بنذرهم، فقال تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا} [الإنسان: 7].
والنذر قد يكون مبهمًا غير معين، وقد يكون معينًا، وهو على حالات: إما أن يكون قربة، فيجب الوفاء به، وإما أن يكون معصية، فيحرم الوفاء به. وإما أن يكون مكروهًا، فيكره أن يفي صاحبه به. وإما أن يكون مباحًا، فيستوي الوفاء به وعمده ؛ لأنه في الحقيقة ليس بنذر كما قال العلماء، واستدلوا على ذلك أن النبي ( نظر وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس، فقال : ما شأنك ؟ قال : نذرت أن لا أزال في الشمس حتى يفرغ رسول الله ( من الخطبة. فقال الرسول ( Sad ليس هذا بنذر، إنما النذر فيما ابتغى به وجه الله) [أحمد ].
النذر المطلق :
وهو النذر الذي ينذره صاحبه شكرًا لله على حدوث نعمة، أو نجاة من مكروه،كأن يقول لله على أن أصوم كذا. وهذا النذر يجب الوفاء به.
النذر المقيد :
وهو النذر التي يتعلق بحدوث شرط، كأن يقول : لله على صوم كذا إن شفى الله مرضي. فإن تحقق الشرط، وجب الوفاء بالنذر.
شروط النذر :
ويشترط للنذر العقل والبلوغ والإسلام، فلا يصح النذر من صبي أو مجنون أو غير مسلم، حتى لو نذر ثم أسلم، لا يجب عليه الوفاء بنذره، لأن نذره في حالة كونه فاقدًا لأهلية النذر، ولا يشترط في النذر الحرية، فيصح النذر من العبد .
ويشترط في الشيء المنذور ما يلي :
1- أن يكون مقصور الوجوه في نفسه شرعًا، فلا يصح النذور بصوم الليل، أو أيام الحيض للمرأة مثلا، لوجود المانع الشرعي .
2- أن يكون قربة لله. أما كونه قربة، لأنه لا يصح نذر المعصية، لما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ( قال Sad لا نذر، ولا يمين فيما لا تملك، ولا في معصية ) [ رواه النسائي أبو داود ].
ولقوله ( Sad من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعص الله ؛ فلا يعصه ) [البخاري وأحمد ].
أما كون النذر لله، لأن النذر قد يكون قربة لكي لا يبتغي به وجه الله، كالنذر للشيخ أو الولي، إذ لا يجوز النذر للمخلوق، لأن النذر عبادة، والله سبحانه هو الذي يستحق العبادة وحده، كما أن النذر لا يجوز لميت، لأن الميت لا عليه من أمره شيئًا، بل إن ظن الناذر أن المنذور له سينفعه من دون الله، فهو كفر بالله والعياذ بالله، أما إذا اعتقد الناذر أن النفع والضر بيد الله، وإنما ينذر أن يقرب شيئًا للفقراء الموجودين بباب الشيخ الفلاني ؛ فلا وجه للحرمة، وإن كان الأولى الابتعاد عن ذلك، وإن نذر إنسان التصدق على شيخ معين وهو حي، فالنذر جائز، لأن ذلك من باب الإحسان على المحتاجين،وهو أمر حث عليه الإسلام .
3- أن يكون المال المنذور به مملوكًا للناذر وقت النذر،لأنه لا يصح أن ينذر الإنسان شيئًا لا يملكه، لقول النبي (: (لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم)[مسلم وأبوداود والنسائي ].
4- ألا يكون المنذور به فرضًا سواء أكان ذلك الفرض عينيًا أم كفائيًا ؛لأن إيجاب ما هو واجب أمر لا يتصور.[b]