صدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أحد عشر بيانا عسكريا من الساعة السادسة صباح يوم الكرامة وحتى حوالي الساعة التاسعة من مسائه.
والبيانات إنما ترسم صورة المعركة والقارئ لها جملة يسير وفق سيناريو القتال في ذلك اليوم، ولعل هناك ما يمكن قراءته من تسلسل هذه البيانات، فالبيان رقم (1) يبدأ بالعبارة التالي: ((في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم قام العدو بشن هجوم على منطقة نهر الأردن الجنوبية .... )) والبيان رقم (11) وهو الأخير يبدأ بالعبارة التالية: (( تم تطهير أرضنا من فلول العدو في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء .... )).
فقد كانت تلك البداية بالهجوم وكانت تلك النهاية بالتطهير بعد التقهقر والتراجع وما بين البيانين هناك تسعة بيانات تتحدث عن مسار المعركة فقد تحدثت البيانات الأربعة الأولى عن التقدم الاسرائيلي وعبور قواته ونلاحظ نوعا من الحذر في سرد البيان، لكن بعد البيان الخامس بدأت ترد عبارة ((نحن نسيطر على الموقف)) ثم لتشتد لهجة البيانات لتتحدث عن الانتصارات الأردنية ومطارده فلول القوات الاسرائيلية وإعاقة إنسحابها ومحاولة تدمير وحداتها، وهذه الحالة هي التي دفعت القيادة العامة للقوات المسلحة لتشكيل فريق تدمير إنتحاري من مدرسة الهندسة العسكرية بقيادة النقيب ((حكم الروسان)) ليتحرك الفريق نحو ميدان القتال وقد أكمل الجيش الأردني سيطرته على الميدان وأكملت القوات الإسرائيلية إنسحابها وليتحول واجب فريق التدمير الى تطهير ميدان المعركة.
وتاليا نص البيانات العسكرية الأردنية:
بيانات الناطق العسكري عمان 21/3/1968
بيان رقم (1) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم قام العدو بشن هجوم على منطقة نهر الأردن الجنوبية، وعبرت قواته النهر الى الشرق في كل من منطقة جسر الأمير محمد (دامية) وجسر الملك حسينواشتبكت مع قواتنا. ولا تزال مشتبكة معها بجميع الأسلحة. كما إشتركت طائرات الهليوكبتر من قبل العدو في العملية، وقد دمر للعدو لغاية الآن أربع دبابات وأعداد من ناقلات الجنود المجنزرة والآلبات الأخرى. وما زالت المعركة قائمة بين قواتنا وقوات العدو حتى هذه اللحظة.))
بيان رقم (2) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((لا يزال الإشتباك على أشده مع قوات العدو التي قامت بالهجوم عبر المنطقة الجنوبية من نهر الأردن صباح اليوم الباكر، والموقف مسيطر عليه تماما من قبل قواتنا التي توقع بقوات العدو خسائر فادحة، وقد تم تدمير عدد إضافي من دباباته وناقلاته المجنزرة ومهماته العسكرية الأخرى، وقد أوقفت قوات العدو دون أن تتمكن من إحراز تقدم ملموس، وشوهد قسم من قوات العدو يرتد الى الخلف بمحاولة إعادة تنظيمه. هذا وقد استعمل العدو طائرات الهليو كبتر بمحاولة إنزال في منطقة الكرامة وهذه القوات معرضة الآن للرماية الشديدة من قبل قواتنا، وقد منيت بإصابات فادحة لغاية الآن.))
بيان رقم (3) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((لا تزال قواتنا مشتبكة مع قوات العدو على طول الواجهة الجنوبية لنهر الأردن، ونحن مسيطرون تماما على الموقف. دمر عدد آخر من دبابات العدو ولآالياته. وسنبين خسائر العدو بالتفصيل حين إنجلاء الموقف. وقد تدخل سلاح الجو الإسرائيلي في المعركة قبيل الساعة الثامنة صباحا، وهو يقصف الآن مواقع وحجاباتنا الأمامية، وتقوم مدفعيتنا المقاومة للطائرات بمشاغلته.))
بيان رقم (4) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة التاسعة والنصف كما يلي: 1. ما زال القتال مستمرا بين قواتنا وقوات العدو، ونحن مسيطرون تماماً على الموقف بكامله. 2. بلغت خسائر العدو المنظورة والمقدرة حتى الآن كما يلي: - إسقاط ثلاث طائرات مقاتلة نفاثة من نوع (ميستر) حيث شوهدت واحدة تهوي وهي مشتعلة غربي جسر الأمير محمد (دامية) واثنتان سقطتا محترقتين في المنطقة الواقعة بين جسر الملك حسين وأريحا. - تدمير 25 دبابة ولآلية مجنزرة في منطقة الشونة الجنوبية. - أما خسائر العدو الأولية في الأرواح فتقدر بحوالي مائتين ما بين قتيل وجريح.))
بيان رقم (5) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة العاشرة كما يلي: مازال القتال على أشده، بين قواتنا وقوات العدو على طول الجبهة، ويدور القتال الآن بالسلاح الأبيض بين قواتنا وقوات العدو في منطقة الكرامة، وخسائر العدو في المعدات والأرواح فادحة.))
بيان رقم (6) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة الثانية عشرة كما يلي: ما زالت قواتنا مشتبكة مع قوات العدو في مناطق الشونة الجنوبية والكرامة والمثلث المصري ووادي عربة، وقواتنا تسيطر على الموقف في مناطق الإشتباك. حاول العدو بناء بعض الجسور على نهر الأردن بقصد العبور، إلا أن قصف مدفعيتنا ودروعنا المركز فوت عليه الفرصة. هذا وقد شوهد العدو يتقهقر الى الغرب تاركاً وراءه سبع عشرة آلية مجنزرة مدمرة وثماني دبابات في أرض المعركة، كما شوهدت طائرات الهليوكبتر تقوم بإجلاء خسائره ونقل المصابين، وهي تتعرض لنار كثيف من قواتنا.))
بيان رقم (7) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة الثانية بعد الظهر كما يلي: بدأت قوات العدو بالتقهقر على طول منطقة الإشتباك نتيجة للقصف الشديد المركز الذي قوبلت به من قبل قواتنا، ولعدد الخسائر الفادحة في المعدات والأرواح التي منيت بها، قواتنا تقوم الآن بتعقب فلوله المندحرة بإتجاه النهر.))
بيان رقم (8) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة الثالثة والنصف كما يلي: ما زالت قواتنا تتعقب فلول العدو المندحرة بإتجاه النهر على طول مسرح الإشتباكات، وهو يحاول تغطية إنسحابه تحت ستار كثيف من القصف الجوي ونيران المدفعية، إلا أن نيران دباباتنا ومدفعيتنا تشاغل الفلول المنسحبة بقصف مركز شديد. فقد العدو معظم آلياته التي إستخدمها في العدوان، وهو يحاول جاهدا إخلاءها، وقد ورد في إذاعة العدو باللغة العبرية الساعة الثالثة والرع من بعد الظهر أن إحدى طائراته المقاتلة سقطت غربي النهر.))
بيان رقم (9) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم كما يلي: ما تزال قواتنا المسلحة تعرقل بنيران دباباتها عملية إنسحاب القوات المعتدية، ويحاول العدو جاهدا سحب آلياته المعطوبة مستخدما القصف الجوي والمدفعي المركز على مواقع قواتنا الأمامية.
هذا وقد إعترف العدو في إشارة لاسلكية التقطت من إحدى محطاته الرئيسية بأنه تكبد حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم 73 قتيلا بالاضافة الى عدد كبير من الجرحى.))
بيان رقم (10) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((الموقف حتى الساعة السابعة من مساء اليوم كما يلي: لا يزال العدو يقصف مراكزنا بالمدفعية وسلاح الجو في محاولة يائسة لسحب آلياته المعطوبة، بينما تستمر قواته الأرضية في عملية تقهقر بإتجاه الضفة الغربية لنهر الأردن، تقوم قواتنا بتطهير بعض جيوب العدو في منطقة الشونة – جسر الملك حسين.))
بيان رقم (11) صرح ناطق عسكري أردني بما يلي: ((تم تطهير أرضنا من فلول العدو في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء، وقد توقفت الرماية من قبل العدو. إستمرت المعركة مدة خمس عشرة ساعة، قامت أثناءها قواتنا المسلحة بمعارك ضارية مع العدو مبدية من ضروب الشجاعة والتضحية ما يستحق التقدير والإعجاب.
بلغت خسائر العدو المنظورة بالمعدات كالتالي: - تدمير 45 دبابة، تدمير 25 مجنزرة، تدمير 27 آلية مختلفة، إسقاط خمس طائرات. - أما خسائره بالأرواح فتقدر بحوالي 200 قتيل ومجموعة كبيرة جداً من الجرحى.
- خسائرنا في الأرواح، إستشهاد عشرين منهم ستة ضباط، وإصابة خمسة وستين شخصا من 12 ضابطا بجراح. - خسائرنا في المعدات، تدمير عشر دبابات، تدمير عشر آليات مختلفة، تدمير مدفعين.))
معركة الكرامة
معركة الكرامة وقعت بين الجيش الأردني والجيش الأسرائيلي عام 1968 وتحديدا في 21 اذار. انتصر فيها الجيش الأردني تحت قيادة الرائد مشهور حديثة في هذه المعركة انتصارا مدويا حيث قتل من الأسرائليين 250 جنديا وجرح 450 في اقل من 15 ساعة.
بدأت معركة الكرامة عندما دخلت القوات الأسرائيلية الأراضي الأردنية للقضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال تلال البلقاء ولكنها صدمت بالمقاومة العنيفة من المدفعية الأردنية وبعد 10 ساعات من القتال طالب الأسرائيليون ولأول مره بالتاريخ بوقف اطلاق النار لكن الملك الحسين بن طلال رفض ذلك إلى حين خروج جميع القوات الغازية.
بعد انقضاء 12 ساعة اضطر الأسرائليون للأنسحاب مهزومين في اول انتصار لجيش عربي على اسرائيل وبعد عدة اشهر على الهزيمة النكراء في عام 1967.
وجد الجيش الأردني بعد انتهاء المعارك وثائق تدل ان الأسرائيلين كانو ينون احتلال مناطق واسعه في شرق الأردن كما افادت الوثائق ان وزير الدفاع الأسرائيلي موشية ديان كان ينوي دعوة الصحافة الأسرائيلية للأجتماع معه على احدى تلال البلقاء بعد انتهاء الأجتياح.
خسائر الطرفين
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً . (جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن .
خسائر القوات المسلحة الأردنية : (أ) عدد الشهداء 61 جندياً. (ب) عدد الجرحى 108 جريحاً. (جـ) تدمير 13 دبابة . (د) تدمير 39 آلية مختلفة
معركة الكرامة
بدأت معركة الكرامة الخالدة عند الساعة 5.30 من صباح يوم 21 آذار 1968، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة ، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد القوات المسلحة ،وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلطوعمانوالكرك .. وكانت المقتربات كالتالي: 1 مقترب العارضة. ويأتي من جسر الأمير محمد /داميا/ إلى مثلث المصري إلى طريق العارضة الرئيسي إلى السلط . 2 مقترب وادي شعيب . ويأتي من جسر الملك حسين / اللنبي سابقاً / إلى الشونة الجنوبية ، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب ثم السلط . 3 مقترب سويمة . ويأتي من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة إلى ناعور ثم إلى عمان . 4 محور غور الصافي . ويأتي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك. وقد استخدم الإسرائيليون على كل مقترب من هذه المقتربات مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف مجنزرات مدربة والدبابات تساندهم على كل مقترب من مدفعية الميدان و المدفعية الثقيلة ومع كل مجموعة أسلحتها المساندة من ألـ م د 106ملم والهاون مع إسناد جوي كثيف على كافة المقتربات .
طبيعة المعركة
تعتبر معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة ، وذلك نظراً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة ، حيث شارك فيها من الجانبين أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها إلى جانب سلاح الجو، ولعبت خلالها كافة الأسلحة الأردنية وعلى رأسها سلاح المدفعية الملكي أدواراً فاعلة طيلة المعركة .. وبالنظر لتوقيت المعركة نجد ان لتوقيت الهجوم / ساعة الصفر/ دلالة أكيدة على أن الأهداف التي خطط للاستيلاء عليها هي أهداف حاسمة بالنسبة للمهاجم ، وتحتاج القوات المنفذة لفترة من الوقت للعمل قبل الوصول إليها واحتلالها .. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن طبيعة الأسلحة المشاركة في تلك المعركة من الجانب الإسرائيلي / جميع أسلحة المناورة المسندة بأسلحة الإسناد والمدعومة بسلاح الجو / تؤكد أن المخطط لتلك المعركة كان قد بني خطته على معلومات استخبارية وأمنية اتضح من خلال تقييمها حجم القوات الأردنية المقابلة وتسليحها وطبيعة دفاعها ،الأمر الذي حدا بذلك المخطط لزج هذا الحجم الهائل من القوات لتحقيق المفاجأة وإدامة الاستحواذ على عنصر المبادأة أو المبادرة لتأسيس رأس جسر يسمح باستيعاب باقي القوات المخصصة للهجوم شرقي النهر من اجل الوصول إلى الأهداف النهائية المرسومة .. وهذا يؤكد حقيقة لا مراء فيها أن التخطيط تم لمعركة بين جيشين بهدف تحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية إذ أن زخم الهجوم ما كان ليكسر لولا أن القوة المقابلة لها في الجانب الأردني كانت كبيرة ومنظمة وتعمل من مواقع دفاعية منظمة ومخططة وفقاً لأسلوب الدفاع الثابت ، حيث أن القوات التي عبرت النهر شرقاً قد تم التماس معها منذ البداية ثم تم استدراجها ما بين الخطوط الدفاعية الأردنية على جبهة المعركة إلى أن تم امتصاص زخم هجومها في عمق المواقع الدفاعية التي تعتبر جهد الموقع الدفاعي الرئيسي حيث خاضت القوات الأردنية المدافعة بما هو متاح لها معركة كبيرة في ذلك اليوم التاريخي .
اتساع جبهة المعركة
أن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً . هذا في الأغوار الوسطى ، وفي الجنوب كان هناك هجوم تضليلي على منطقة غور الصافيوغور المزرعة ومن خلال دراسة جبهة المعركة نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على اكثر من مقترب . وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المقتربات لاستيعاب القوات المهاجمة وبشكل يسمح بإيصال اكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية لأحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة ،بالإضافة إلى ضرورة أحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقا ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن جبهة المعركة تؤكد أن تعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليله عن الهجوم الرئيسي ، وهذا يؤكد إن القوات المتواجدة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءاً من النهر وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر الذي لن يجعل اختراقها سهلاً أمام المهاجم . وكما كان يتصور. لاسيما وأن المعركة قد جاءت مباشرة بعد حرب عام 1967.
أهداف المعركة
لم تكن بداية معركة الكرامة كما هو معلوم الساعة5.30 في 21 آذار 1968 فقد سبق ذلك قيام إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة من قصف جوي ومدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة ومهدت لذلك باستعداد واسع النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تغيير الحال العام بالمنطقة.. من حال الصمود الأردني العنيد ضد أرادتها إلى حال تحقق له الهدف الذي أراد الحصول عليه من حرب حزيران العدوانية وأراد العدو من المعركة تحطيم القيادة الأردنية وقواتها وزعزعة الثقة بنفسها حيث بقي الأردن يرفض نتائج حرب حزيران وبقى صامداً ثابتاً بحيويته ونشاطه وتصميمه على الكفاح من اجل إزالة أثار العدوان حيث اعتقدت القيادة الإسرائيلية خاطئة أن الجيش الأردني يعيش الهزيمة ومشتت الصف بعد حزيران لكنها أخطأت التقدير فبقيت القيادة العسكرية الأردنية قادرة على إعادة تنظيم القوات وبسرعة فائقة وتمكنت من ذلك بوقت قياسي ،واحتلت مواقعها العسكرية على الضفة الشرقية من النهر وبقيت روح القتال والتصميم على خوض المعركة أعلى ما تكون عليه روح القتال والتصميم في صمود أردني رائع.
أعلن العدو أنه قام بالهجوم لتدمير قوة المقاومين العرب إلا أن الهدف لم يكن كذلك فقبل أيام من معركة الكرامة حشد العدو الصهيوني وقواته لاحتلال مرتفعات البلقاء والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل والعمل على ضم أجزاء جديدة من الأردن لتحقيق أحلامه المنشودة التي تتلخص فيما يلي. 1- ارغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها وكما تفرضها من مركز القوة. 2- محاولة وضع ولو موضع قدم على ارض شرقي نهر الأردن بقصد المساومة عليها لتحقيق أهدافها وتوسيع حدودها. 3- ضمان الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار مع الأردن. 4- توجيه ضربات قوية ومؤثرة إلى القوات الأردنية. 5- زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وإرغامهم على النزوح من أراضيهم ليشكلوا أعباء جديدة وحرمان المقاومة من وجود قواعد لها بين السكان وبالتالي المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد المكاسب التي حققها على الجبهات العربية في حزيران 1967م.
السيطرة على الجسور
لقد لعب سلاحا الدروع والمدفعية الملكي وقناصو الدروع دوراً كبيراً في معركة الكرامة وعلى طول الجبهة وخاصة في السيطرة على جسور العبور ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه ، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة على الجسور خلال ساعات المعركة ، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة ، وبالتالي المبادرة ، وساهم بشكل كبير في تخفيف زخم الهجوم وعزل القوات المهاجمة شرقي النهر وبشكل سهل التعامل معها واستيعابها وتدميرها ،وقد استمر دور سلاح الدروع والمدفعية الملكي بشكل حاسم طيلة المعركة من خلال حرمان الإسرائيليين من التجسير أو محاولة إعادة البناء على الجسور القديمة وحتى نهاية المعركة ، وهذا يؤكد أن معركة الكرامة قد خاضها الجيش العربي وهو واثق من نفسه ، وان الجهد الذي بذل خلالها ما كان جهداً ارتجالياً بل كان جهداً دفاعياً شرسا ومخططا بتركيز على أهم نقاط القتل للقوات المهاجمة لكسـر حدة زخمها وإبطاء سرعة هجومها .
توقيت بدء معركة الجيش العربي
بدأ الجيش العربي قتاله في معركة الكرامة منذ اندلاع شرارتها الأولى وتقدم القوات المهاجمة ،حيث يقول اللواءمشهور حديثة / في الساعة5.25 ابلغني الركن المناوب أن العدو يحاول اجتياز جسر الملك حسين فأبلغته أن يصدر الأمر بفتح النار المدمرة على حشود العدو . لذلك كسب الجيش العربي مفاجأة النار عند بدء الهجوم من القوات الإسرائيلية ولو تأخر في ذلك لأتاح للقوات المهاجمة الوصول إلى أهدافها بالنظر إلى قصر مقتربات الهجوم التي تقود وبسرعة إلى أهداف حاسمة وهامة / مركز الثقل / في ظل حجم القوات التي تم دفعها وطبيعتها وسرعة وزخم هجومها بالإضافة إلى سهولة الحركة فوق الجسور القائمة . لقد استطاعت القوات الأردنية وخاصة سلاح المدفعية حرمان القوات الإسرائيلية من حرية العبور حسب المقتربات المخصصة لها. ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي تكاملت شرقي النهر كانت بحجم فرقة وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت .