قصة الفردوس المفقود
كانت السنوات الأولى من القرن الخامس الهجري " الحادي عشرالميلادي " تحمل في أحشائها وباء خطيرا على الأندلس الإسلامية .
لقد سقطت الدولة العامرية ، آخر حامية للدولة الأموية في الأندلس ،ولقد ظهر أن أحفاد عبد الرحمن الداخل الأمويين أقل من أن يقوموا بعبء حماية الإسلام الأندلسي
وكان البربر قد هاجر كثير منهم إلى الأندلس بحثا عن سلطة أو زعامة ،وكان الصقالبة وهم مجموعة من النازحين إلى الأندلس من طوائف مسيحية مختلفة ، كانهؤلاء الصقالبة يشكلون بدورهم عنصرا من عناصر الوجود في الحياة الإسبانية الإسلامية.
ومن هذه القوميات المتناطحة تشكل الوجود الأندلسي غرة القرن الخامس الهجري .. فلما سقطت خلافة الأمويين الإسلامية في الأندلس ، نتيجة امتصاصطاقتها في مشاحنات داخلية .. تحركت كل هذه الطوائف المقيمة فوق أرض الأندلسالإسلامية تبحث عن السلطة والامتلاك .
وبدلا من أن تتحد قواهم في وجه المسيحيين المجاورين لهم وبدلا من أنيرفعوا راية الإسلام والجهاد .. كأمل ينقذ أندلسهم من التحدي الصليبي المتربصبهم .. بدلا من هذا .. أعلنوا أحقاد القومية الطائفية.
وظهر في الأندلس أكثر من عشرين دولة يتقاسمها الأندلسيون والبربروالعرب والصقالبة .. ففي كل مدينة دولة ، بل ربما اقتسم المدينة أكثر من طامع ومنافس.
واستمر أمر هذه الدول أو هذه المدن المتنافسة التي عرف حكامها بملوك الطوائف .. استمر أمرها أكثر من خمسين سنة .. امتهن فيها الإسلام والمسلمون، وتوسل كل ملك منهم بالنصارى ضد إخوانه المسلمين ، ووقف ابن حيان " - مؤرخالأندلس - يستشف ما وراء الحجب ويقول لأبناء جنسه :
يا أهل أندلس شدوا رواحلكم ** فمـا المـقام بها إلا من الغلـط
الثوب ينسل من أطرافه وأرى ** ثوب الجزيرة منسولا من الوسط
من جاور الشر لا يأمن بوائقه ** كيف الحياة مع الحيات في سفط
لقد فشل ملوك الطوائف في أن يلموا شعثهم ، وأن يتكتلوا ضد النصارى.. ومن عجيب المقادير أن " ألفونسو السادس " ملك قشتالة وليون واستوريا ،كان يتظاهر بحماية هؤلاء الملوك المسلمين ، ويأخذ منهم الجزية والإتاوات التي يرفعمن قيمتها سنة بعد أخرى ، واستطاع أن يعد عدته من الإتاوات التي يفرضها عليهمليلتهمهم بها كلهم .. وكان آخر ما التهمه ألفونسو من أرض المسلمين تحت سمع وبصرهؤلاء الإسلاميين بل وبمساعدة بعضهم .. مدينة طليطلة سنة 478 هـ 1085م .
وعند هذه الموقعة تأكد لدى أكبر ملك من ملوك الطوائف " المعتمد بنعباد " أن ألفونسو يريد الالتهام .. ولا أقل من الالتهام الكامل .. وفكرالمعتمد في وسيلة الإنقاذ .. وضعته الأقدار أمام حل واحد لم يكن له خيار فيه.
لقد قرر أن يستنجد بالمرابطين المسلمين الموجودين في المغرب الأقصىكقوة إسلامية ناشئة ..