طير خارج السرب!!
طير خارج السرب!!
طير خارج السرب!!
ذات مساءٍ شتوي طويل وصلت رحلة البشر معه إلى منتصفه,
القوم فيه ما بين واقع في أحضان سريره يتلفعه الدفء غاطاً في نومه العميق,
وما بين من تشقيهم عذابات!
فغادر النوم مدرجات أجفاني في طائرة
ملؤها معذبي الضمير والعاشقين والمحبين والقائمين ليلهم!!
فاستدعيت على الفور فكري
ذلك السائح الذي لا أراه وما أن أريده يأتي على متن طائرة خاصة!!
وحالما انتظر عودته في صالات الانتظار
كنت كمن يبحث عن أرض خصبة يُنبت فيها بذوره
أو كطيرٍ تائه يبحث عن سربه .
أغادر الدور الأول إلى الثاني!!
أفكر أن أذهب إلى أخي وزوجته ولكن ما لي أنا الطير التائه أشارك العريسين في عشهم الجديد,
فغيرت رحلة سيري حيث أخوتي النيام ولكن فيما يخدم النيام!!
فاقتنصت أختي تمارس حرفتها
فوقفت أمامها ملياً كالمتسابق الراغب في الفوز ينتظر الأذن لينطلق بمجرد أن يُسمح له
لأبث شجوني ولكنها الآن في لحظة إلهام أمام لوحتها!!
فتركتها لإلهامها, وانتظرت عودة ( فكري )!!
وبلحظة رأيت فكري العائد من بعيد يلوح في صالات القدوم
وليبدأ هنا عناقي وفكري!!
وتبع فكري في القدوم نصيحة صديقة لي:
( طز في الدنيا, توكلي على الله وخليها على ربنا!! ... )
كنت دائماً ما أظن ذلك استهتاراً وخاصة بأسلوبها الذي لا يبالي بشيء,
تنام ليلها وصبحها وضحاها وأملها بعد ذلك النجاح لأن شعارها هو ما نصحتني به!!
فهل أفعل مثلها في موقفي الذي جعلني طيراً تائهاً؟!
فأنا في موقف علي بشكل أو بآخر الخروج منه
فدعوت الله بل ناجيت وابتهلت فلم يُستجب لي!!
وكنت أظن نفسي طيراً كلما ذهبت صباحاً قلت: ( توكلت على الله ), فما لي أعود خماصاً كما خرجت!!
لا أنكر أنه تبادرني شيء من الأسى
ولكن لا تظنوا أنني يئست من ربي إنما يئست من نفسي فهي تلوم:
نريد دعوة من ربنا تُستجاب ونحن لا نعرفه إلا وقت شدة أما إذا استقلت سفينة الحياة على الشط لهونا ولعبنا!!
نريد أن نكون كالطيور في رزقها والطيور لا تذنب
وذنوبنا ومعاصينا طالت وجاءت كحية تسعى ترينا نابها القبيح وفحيحها المؤلم الصريح!!
الطيور مخلوق حق له التكريم حين يمتعنا بجماله وصوته وهدؤوه وحبه للحياة!!
أما ما نعرفه عن أنفسنا أننا لسنا أهل كرامات
فما نحن قوامين ليل ولا صوامين نهار وزللنا كثير وتقصيرنا كبير.
فنحن بذنوبنا لسنا أهل كرامات أيها البشر!!
لا أعلم لماذا أقول لكم ذلك ولا تظنوها مجاملة
لأنني الآن أصارح نفسي لا أحكي لكم حكايتي, فهل أجامل نفسي!!
فإلى متى نغالط أنفسنا ونجاملها ونحاول أن نعودها على نمطٍ لا يتغير,
إلى متى لا ندخل إلى أعماقها لنجدد الأشياء العتيقة في أركانها المظلمة!!
لا أعلم سادتي
قد يكون وصل بي الأمر تلك اللحظة إلى طرق خطيرة
فأنا في أقصى حدود الصراحة مع الذات
حتى ظننت أن علي أن أتوقف لأنني قيد أنملة من فقد بعض الإيمان أو كله,
فلا أعلم إن كانت تلك الأفكار هي أفكار شيطانية أو أفكار تبحث عن الحقيقة؟!
فإلى ماذا وصلت تلك الباحثة التي لا تمل؟!
فقد وجدتْ أنني أواجه لحظة فيها خطراً محدقاً فأردتُ فيها أن أريح نفسي وأتوكل!!
فتذكرتُ أنني أذنبتُ وعصيتُ فدعوتُ ولم يُستجب لي
فتوكلتُ ولكني ما زلت في القاع أعوم ابحث عن نجاة!!
إلى أن وصلتُ إلى شط الأمان والأفكار الإيمانية,
فالذنب والعصيان يحتاج إلى توبة تمحيه وتطهره لتصبحَ كيوم ولدتك أمك!!
والدعاء يحتاج إلى إخلاص ونسائم تتصاعد مع كل دعوة ليست كلمات تُنطق فلا تَفهم لها مغزى ولا معنى!!
والتوكل يحتاج إلى عمل فالطيور لا تُرزق بمكثها في أعشاشها فهي [تغدو]و[تروح] فهي إذن [تعمل وتفعل] فلا توكل بلا عمل!!
لأن هناك فرق بين أن أدخل معركة وأحمل معي أدوات اللهو وأقول ( توكلت على الله ),
وبين أن أدخل معركة بعدتي وعتادي وأقول ( توكلت على الله )!!
فالاعتقاد يا سادة ليكون صحيح يحتاج إلى أن يتغلغل إلى داخل النفس فهماً وعملاً, فلا تقتنع طالما لم تتضح لديك صورة!!
وأخيراً بين أفكار وأفكار وجدت سر لحظة ( حق توكله )!!
هذه جلسة من جلسات مصارحة ضياء الفجر - التي لا تنتهي - لنفسها
لا أعلم تاريخ كتابتها على وجه الدقة إلا أنها كانت ذات مساء شتوي !!
[b]