بورصة الاسهم السعودية
قصة الاسهم السعودية
الحلقة رقم(1)
يقولون بأنه قبل سنوات إذا أردت أن تبيع أسهمك فإنه يجب عليك أن تأخذ معك شهادة الأسهم التي تثبت ملكيتك لها ثم تقوم بالبحث عن المشتري حتى تجده ثم تذهبان للبنك وهناك تتنازل عنها وتكتب ورقة وتوقع عليها ويوقع عليها المشتري ويوقع عليها موظف البنك ، ولا بد من إبراز بطاقتك الشخصية حتى يعرف الموظف بأنك المالك الحقيقي لها ،ثم تستلم المبلغ نقدا ، ثم ترفع الشهادة للشركة وتنزل الشهادة باسم المكتتب الثاني ، ومن البنك الاجتهاد وعلى المشتري الصبر والسلوان ! ( الشغلة طويلة ) لكنها أرحم من حالات الذل الآن التي يكابدها المتعامل في السوق وهو ينتظر ورقته الأخيرة من بين تلك الأوراق المتكدسة أمام سوق يتغير في ثوان لا يدري هل تنفذ عمليته في وقتها المناسب فيكون من الفائزين أم يغلق السوق قبل تنفيذ العملية فيكون من الهالكين !!
وكان الناس قديما يبيعون أسهمهم في الشركة التي اكتتبوا فيها في حالات نادرة وذلك إذا حلت بهم أزمة مالية أو أرادوا أن يشتروا عقارا أو سيارة ذلك لأن أغلب الناس في ذلك الوقت كانوا يحتفظون بأسهمهم وينتظرون أرباح الشركة السنوية حيث كانت تنزل على حسابهم في البنك أو تأتيهم شيكات الأرباح في البريد فيأخذونها قانعين مغتبطين ، و أما المضاربين في سوق الأسهم في ذلك الوقت فكانوا قلة قليلة جدا لم يتعدوا عشرين ألف مضارب في أبعد الحدود ، وهم لا يتواجدون في كل يوم ،ولو قارنت بين تلك الحقبة الجميلة الهادئة وبين حال السوق اليوم فأنت تبيع سيارتك وعقارك وربما ملابسك الداخلية في حراج بن قاسم و أولادك في حراج الصواريخ لتشتري أسهما . والسؤال هو كيف حصل هذا التغير المفاجئ ولماذا ؟
في هذا الموضوع المختصر سأبدأ معكم بالحديث عن قصة الأسهم السعودية ، وأعتقد أن فهم أي شيء لا يتم إلا بمعرفة تاريخه من بدايته وحتى النهاية ، وكما قيل (فهم الشيء فرع عن تصوره )..
تعالوا لنعرف القصة من بدايتها
متى بدأت الشركات المساهمة ؟
تعتبر الشركة العربية للسيارات هي أول شركة مساهمة سعودية ، وقد بدأت نشاطها في أواسط الثلاثينات الميلادية ، ومنذ ذلك العهد بدأ تأسيس الشركات حتى بلغت 14 شركة مساهمة في عام 1975 م الموافق 1395 هـ ، ومنذ ذلك التاريخ وهو بداية الطفرة الأولى تأسس عدد كبير من الشركات والبنوك المحلية ، وتم طرح كمية كبيرة من أسهمها للمواطنين
متى بدأ سوق الأسهم ؟
وهنا أنقل بالنص من موقع سوق الأسهم السعودية وفيه ( بقي السوق غير رسمي حتى أوائل الثمانينات عندما باشرت الحكومة النظر في إيجاد سوق منظم للتداول وإيجاد الأنظمة اللازمة لذلك. وفي عام 1984 تم تشكيل لجنة وزارية تتألف من وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة التجارة ومؤسسة النقد بهدف تنظيم وتطوير السوق. وقد عهدوا إلى مؤسسة النقد، بعد ذلك، بمهمة التنظيم اليومي للسوق )
( وقد تم حصر الوساطة في تداول الأسهم عن طريق البنوك التجارية بهدف تحسين الإطار التنظيمي للتداول. وفي عام 1984 تم تأسيس الشركة السعودية لتسجيل الأسهم عن طريق البنوك التجارية. وتقدم هذه الشركة تسهيلات للتسجيل المركزي للشركات المساهمة، وتقوم بتسوية وتقاص جميع عمليات الأسهم. وقد أدخل نظام التسوية الآلية والتقاص في عام 1989. وتم تطوير النظام الآلي لمعلومات الأسهم، وتشغيله من قبل المؤسسة في عام 1990. كما قد تم تشغيل نظام تداول ابتداء من اكتوبر 2001م وهو النظام الجديد لتداول الأوراق المالية والتقاص والتسوية )
( وفي تاريخ 2 / 6 / 1424 هـ ، الموافق 31 / 7 / 2003 م ، تأسست هيئة السوق المالية بموجب " نظام السوق المالية " الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م/ 30 ). وتمثل الجهاز الحكومي المسؤول عن إدارة وتنظيم السوق المالية السعودية ، وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء . وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ، وتهدف الهيئة لتنظيم وتطوير السوق المالية في المملكة ، ولها وضع وفرض اللوائح والقواعد الهادفة إلى حماية المستثمرين ، وضمان العدالة والكفاءة في سوق الأوراق المالية )
الحلقة رقم 2
بين يدي ورقة أثرية ، تعود لأكثر من أربع سنوات ، إنها تحكي قصة يوم من قصص سوق أيام زمان ، فيها جدول أسعار الأسهم وقد صنف على النحو التالي ( اسم الشركة - الافتتاح - أعلى سعر - أدنى سعر - الإغلاق - الكمية ) وما كان فيه أفضل عرض ولا أفضل طلب ، هل تصدقون يا جيل أسهم اليوم أن المؤشر كان 2600 نقطة في أوائل العام 2000 م العام 1420 هـ ومع أسفي لعدم العثور على التاريخ الدقيق لأسعار هذه النشرة التي سأعرضها الآن ، إلا أنها كانت قبل تاريخ 20 / 12 / 1420 هـ الموافق 5/ 4 /2000م وهذا التاريخ هو التاريخ الذي تم فيه تأسيس الشركة الموحدة للكهرباء حيث كانت في السابق عشر شركات وفي النشرة التي بين يدي عشر شركات للكهرباء ،والأسعار التالية هي قطعا كانت ما بين أوائل عام 1999 م وتاريخ 5 / 4 / 2000 م حيث كانت على النحو التالي :
الراجحي 685 ريالا _ سابك 159 ريالا _ الغذائية 42 ريالا
صدق 18 ريالا _ اللجين 24 ريالا _ سيسكو 73 ريالا
نماء 32 ريالا _ طيبة 35 ريالا - مكة 243 ريالا
المواشي 11 ريالا - مبرد 43 ريالا - الجماعي 33 ريالا
كهرباء الوسطى 77 ريالا - كهرباء الغربية 76 ريالا
أسعار في منتهى التدني لما تشوفها الآن لا تملك إلا أن تقول ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) ، مع ملاحظة أن بعض الشركات أعلاه كانت قبل التجزئة التي قامت بها الكثير من الشركات أي قبل ما تصير العشرة أسهم عشرين سهما ..
ونشرة الأسعار التي بين يدي كان الفرق بين أعلى سعر وأدنى سعر في جميع الشركات هو ما بين ربع ريال وحتى ثلاث ريالات ، إلا ما شذ وندر كسهم الراجحي الذي افتتح عند سعر 685.5 ويرتفع إلى 690 ريالا ويغلق منخفضا عند سعر 660 ريالا .
وأما كمية الأسهم المتداولة فهي 2.267.914 سهما في ذلك اليوم لجميع الشركات والقيمة السوقية لها هي 295.437.000 ريال ، يعني ممكن هامور من هوامير اليوم يشتري سوق زمان كله في يوم واحد ..
ولو تأملنا في كمية الأسهم المتداولة لكل شركة لوجدنا مثلا أن شركة سابك كانت أعلى شركة متداولة 94.614 سهما ، وقد بلغت كمية التداول في سهم الغذائية 30 سهما في ذلك اليوم يبدو لي أنها صفقة واحدة لم تتم إلا بعد أن نشفت ريق صاحبها ..
ونجد أن الكثير من الشركات لا يتم فيها أي تداول حيث تفتتح على سعر معين ولا يطلبها أحد كاللجين ، وسيسكو ، وفتيحي ، والأسماك ، وبيشة ، لأنهم كانوا يعتقدون أيام زمان أن الشركة التي قلت قيمتها عن قيمة الاكتتاب والتي لا توزع أرباحا شركة خسرانة لا يشتريها إلا مجنون أو مغفل لكن شاءت قدرة الباري أن يكون المغفلين والمجانيين في ذلك الوقت هم اللذين يتربعون على هرم الثروة هذه الأيام
ويمكن أن نقول أن قصة الارتفاع العنيف للأسهم السعودية بدأت في أواخر عام 2002م وذلك عندما بدأ الإعلان عن فتح المساهمة في شركة الاتصالات السعودية حيث أعلن أنها ستخصص 30 % من رأس مالها للتأمينات كان نصيب المواطنين من التخصيص 20 % . بعد أن خصصت 10 % منها للتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد . وكان سعر السهم في تلك الفترة 100 ريال !! يا بلاش .
وفي بداية فتح باب الاكتتاب لم يتدفق المواطنون عليه بالصورة المطلوبة بسبب المخاوف التي سيطرت على الناس جراء الاعتداء الأمريكي الصليبي الذي بدأ بغزو أفغانستان ووصول التهديد الأمريكي في العراق إلى ذروته قبيل الغزو حيث تم الغزو في 3 / 2003 م . مع العلم أن شركة الاتصالات بذلت جهدها في الدعاية لشراء أسهمها عبر وسائل الإعلام المختلفة وقامت بتمديد فترة الاكتتاب ، حتى تمت تغطية الاكتتاب في آخر الأمر ثلاث مرات
وبعد نزول سهم الاتصالات إلى السوق بدأ السوق في الانتعاش وبدأت قصة فتح المحافظ
حيث كان سعره 190 ريالا في 3 / 2 / 2003 م
و لكن كيف نفسر بداية الإقبال على الأسهم في تلك المرحلة مع العلم أن المنطقة تمر في مرحلة حرجة فالعراق تدخله القوات الأمريكية وبغداد تسقط في 9 / 4 /2003 م !!!
الـحلقـة رقم 3
ما بين تاريخ 1 / 3/ 2003 م و تاريخ 1/ 5 / 2003 م جاء الجمهور من كل حدب وصوب متسارعين يحثون الخطى ، متجهين إلى البنوك ليبيعوا سهم الاتصالات في البنوك ، بعد أن ارتفع إلى قرابة 260 - 300 ريالا خائفين من أن يتراجع سعره بسبب ويلات الحرب ، فتمكنوا من ذلك ....لكن أغلبهم عاد ليشتري السهم مرة أخرى ، بل أصبح قابعا في البنك في فترة التداول يبيع ويشتري في الأسهم ، فما الذي جعلهم كذلك يا ترى ؟
من هنا يمكن لنا أن نرجع تفسير إقبال الجمهور المتزايد على سوق الأسهم في تلك المرحلة القلقة إلى عدة أمور لعل من أبرزها :
1- عودة الكثير من الأموال من الخارج ودخولها في السوق وبعضها كان يعمل في أسواق البورصة العالمية .
2- ودخول الهوامير ( أصحاب الأموال الضخمة ) في السوق لإنعاشه .
3- وتحرك الناس - بعد أن نزل سهم الاتصالات في محافظهم - في عملية البيع والشراء .
4- تطوير النظام الآلي لمعلومات الأسهم وتشغيله في 1990 م .
5- وأبرز العوامل المؤثرة على بقاء الناس بالسوق تشغيل نظام تداول ابتداء من أكتوبر 2001 م وهو النظام الجديد لتداول الأسهم والتقاص والتسوية . مما جعل عملية البيع والشراء سهلة ومريحة.
5- وتسهيل البنوك في تلك الفترة لفتح المحافظ والدخول في نظام التداول حتى من غير أن يكون لك أي رصيد مالي . وتوفير صالات لتداول الأسهم تحتوي على مقاعد وشاشات وموظفين متخصصين للأسهم ..
6 - وكان للانترنت دورا بارزا في إقبال الناس على السوق من خلال منتديات الأسهم التي بدأت أعمالها عام 2000 م تقريبا في اهتمامها بالأسهم السعودية ولعل من أولها منتدى الدانة و سندباد الذي أصبح عربيات فيما بعد ( كما أنقله من أحدهم في إحدى المنتديات عام 2003 ) ، حيث كانت في البداية لا تتجاوز ثلاث منتديات ، ثم نمت بعد ذلك وأخذت في التزايد حتى أصبحت تقارب عشر منتديات ولعل من أبرزها منتدى تداول ، أعمال الخيج ، الشاشة ، عربيات ، تداول أون لاين ، البورصة السعودية ، الأسهم السعودية . وأصبح في كل منتدى شيوخ للتحليل وأدعياء أيضا ، ولكن في نهاية الأمر يمكن القول أن منتديات الأسهم أفادت الكثيرين من خلال الكثير من المواضيع ذات الطرح الجاد ، والتابعة الدقيقة للسوق والشركات ، والتي شجعت الناس على متابعة سوق الأسهم ثم الدخول فيه بعد ذلك .
الارتفاع الأول عام 2003 م
وللأسباب الوارده أعلاه ، بدأ السوق في التحرك ، وبدأت الأموال تضخ في السوق من قبل الهوامير والصغار ، الجميع يبيع ويشترى .
فارتفع السوق ارتفاعه الأول حتى كسر المؤشر ولأول مرة في تاريخه بعد ركود طويل حاجز 4000 نقطة في 18 / 8 / 2003 ويقفل في ذلك اليوم على 4011 نقطة ..
ويستمر في ارتفاعاته التصاعدية محققة أسهم الشركات أرباحا عالية لم تكن لتصلها في السابق حيث أغلق المؤشر في تاريخ 9 / 9 / 2003 م على 4558 نقطة ثم يكسر حاجز 4600 نقطة بتاريخ 13 / 9 / 2003م حيث وصل سهم الكهرباء الذي كان يقود السوق في تلك الفترة إلى أعلى قيمة له 129 ريالا .
وإليكم سعر بعض الشركات في أقصى ارتفاع حققته في تلك الفترة
الكهرباء 129 ريالا في 13 / 9 / 2003 - سابك 350 ريالا في 10 / 9 / 2003
الاتصالات 431 ريالا في 10 / 9 / 2003 - سيسكو 90 ريالا في 27 / 8 / 2003
صدق 73 ريالا في 30 / 8 / 2003 - اللجين 91 ريالا في 30 / 8 / 2003
نماء 80 ريالا في 3 / 9 / 2003 م - معدنية 69 ريالا في 1 / 9 / 2003 م
طيبة 99 ريالا في 9 / 9 / 2003 - التعمير 114 ريالا في 14 / 9 /2003
الجماعي 115 ريالا في 10 / 9 / 2003 - شمس 63 ريالا في 2 / 9 / 2003 م
الغذائية 64 ريالا في 3 / 9 / 2003 م
ثم تحدث بعد ذلك عملية الانهيار الكبيرة بمواصفات ذلك التاريخ فتهبط الأسهم بتاريخ 14 / 9 / 2003
من 4600 نقطة حتى يكسر المؤشر 3700 نقطة تقريبا نزولا حيث وصل للقاع بتاريخ 23 / 9 / 2003 م والمتداولون بأطيافهم يندبون وينوحون وا مــصــيبتــــاه !! اللهم لطفك بنا
ووصل سهم الكهرباء قائد السوق في تلك الحقبة كما كانوا يسمونه إلى 84 ريالا ، لقد هبط المؤشر قرابة ألف نقطة تقريبا في خلال أسبوع
ثم بدأ السوق يلتقط أنفاسه هو ومن بداخله بعد تلك النكسة التي كانت بمثابة التدريب والتهيئة النفسية لما سوف يحصل في مستقبل الزمان !!
وبدأ المتعاملون في السوق بالدخول من جديد في هدوء وحذر ، مستعدين لمرحلة جديدة تعتبر أكثر مغامرة وإغراء ..
إنها مرحلة الارتفاع الثاني