أموات يرزقون
٢٦ شباط (فبراير) ٢٠١٢بقلم بوعزة التايك
كل موتانا، رحمهم الله، كانوا أناسا استثنائيين بكل المقاييس. كانوا نظيفين وأصحاب نكتة يعطون من مالهم الخاص ويفتحون أبوابهم وأحضانهم للآخرين. كلهم كانوا يعملون بتفان من أجل الصالح العام ويهملون أنفسهم ومصالحهم الشخصية. كان همهم الوحيد رحمهم الله المصلحة العليا للوطن والمجتمع. كلهم ضحوا في الميادين التي كانوا يعملون فيها ولم يجنوا من وراء ذلك إلا التنكر والنسيان.
كلهم كانوا يعملون في الظل ويتهربون من الأضواء والشهرة وكل ما له علاقة بالامتيازات والترقيات. كل فنانينا ورياضيينا ومثقفينا ومناضلينا الذين ماتوا كانوا مثاليين لم يغشوا أبدا في حياتهم ولم يرشوا أو يرتشوا. كانوا من أبناء هذا الوطن وهذا الشعب لا يغمض لهم جفن حتى يسمعوا الرضيع وهو يلعب وسط نهر من الحليب والفقير وهو يرفل في أثواب السعادة. كلهم كانوا في مستوى رائع من الأخلاق الحميدة.
الفنان رحمه الله كان لا يضمر السوء لزميله ولا يريد له إلا الخير. أما النميمة والغيبة فلم تكونا من طبائعه. المثقف، رحمه الله كان لا يقبل الجوائز والاستدعاء إلى المهرجانات والأمسيات إلا بعد أن يسمح له زملاؤه بذلك. المناضل، رحمه الله، كان لا يغير معطفه إلا لمصلحة رفاقه القدامى. أما الرياضي رحمه الله، فقد كان لا يدخل الملعب مع الفريق الوطني إلا بعد أن يكون قد تنازل عن كل تعويضاته وامتيازاته لصالح لاعب قديم. كلهم كانوا رحمهم الله، ناسا استثنائيين في الوطنية ونكران الذات، والمشكلة في الأحياء، فهم الذين يكذبون وينافقون ويبيعون ضمائرهم ويمارسون النميمة والغيبة فرحم الله أحياءنا وأطال سبحانه في عمر موتانا.منقول.