التنظيمات العسكرية في ممالك العرب الشمالية
الباحث:
أ / جيهان أحمد عبد الله مياس
الدرجة العلمية:
ماجستير
الجامعة:
جامعة صنعاء
بلد الدراسة:
اليمن
لغة الدراسة:
العربية
تاريخ الإقرار:
2009
نوع الدراسة:
رسالة جامعية
الخاتمة
لقد قمت في هذا البحث بدراسة التنظيمات العسكرية للممالك العربية الشمالية (البتراء – تدمر- الحضر)، وقد أوضحت الدراسة التالي:
* مدى الاهتمام الكبير بتحصين حواضر هذه الممالك لأهمية مواقعها على طرق التجارة، فعلى الرغم من التحصينات الطبيعية التي أحاطت البتراء من جهة الغرب والشرق؛ إلا أن ذلك لم يمنع أهلها من إحاطتها بالأسوار في الجهتين الشمالية والجنوبية؛ لزيادة مناعة المدينة ضد أي هجوم قد تتعرض إليه، ودعمت هذه الأسوار بالعديد من الأبراج .
* امتازت أسوار تدمر التي دعمت بالعديد من الأبراج بالقوة والمتانة، والدليل على ذلك صمودها أمام قوات ومعدات الجيش الروماني لشهور طويلة، وعدم تمكن أورليان من دخول المدينة إلا بعد أسر ملكتها زنوبيا عند خروجها سراً من المدينة.
* أكدت الدلائل الاثرية على معرفة المخططين لبناء أسوار الحضر بفن العمارة العسكرية الهلنستية، فأقيم سور الحضر على شكل شبه دائري، وكان لهذا التخطيط فوائد عسكرية واقتصادية ومعمارية، وكان للسور أربع بوابات رئيسية تم وضعها في الاتجاهات الاصلية، وصممت بأسلوب بنائي عسكري يتمثل في كون مداخلها ذات انعطافات متعامدة على بعضها، وذلك للتقليل من سرعة الحركة عند الدخول إليها، وشيد على السور الرئيسي من الداخل عدد من السلالم التي تؤدي إلى أعلى السور، كما وضعوا على السور الخارجي منحوتات للآلهة لاعتقادهم بدورها في طرد الأرواح الشريرة والمعادية – مثل وجه مدوسا الذي وجد في الجهة الشرقية من السور الرئيسي- كما اتبع الحضريين الاعراف العراقية القديمة التي تؤكد على ضرورة وجود قبور للقادة العسكريين في الاسوار أوفي منطقة قريبة منه لتكون المدينة محمية من قبل الأحياء والأموات، ودعم سور الحضر بخندق أقيم حول السور من الخارج .
* تمكنت هذه المدن من الصمود أمام الغزاة الطامعين فيها كالرومان والفرس الساسانيين، لقوة تحصيناتها بالإضافة إلى شجاعة وقوة جيوشها، فقد بينت الدراسة على أن القوات العسكرية لهذه الممالك تألفت من الفرسان والمشاة والهجانة (راكبي الجمال)، وكانت تشبه في تشكيلها القوات العربية السائده آنذاك، واشتهر الأنباط والتدمريون والحضريون بمهارتهم في رمى السهام .
* أوضحت الدراسة التطور العسكري للأنباط ومدى تأثرهم بالتنظيمات العسكرية اليونانية والرومانية، والدليل على ذلك النقوش النبطية التي تظمنت ألقاباً عسكرية لمناصب عليا في الجيش النبطي والتي تم استعارتها من الإغريقية واللاتينية، وأكدت تلك النقوش على أن تعداد الجيش النبطي كان كبيراً تجاوزالآلاف، ومن هذه الألقاب (ا س ت ر ا ج ا) الحاكم المدني والعسكري و(هـ ف رك ا) قائد الفرسان و(ك ل ي ر ك ا) قائد الالف و(ق ن ط ر ي ن ا) قائد المائة، ويحتمل استخدام الأنباط للمصطلحات السامية مثل (رب ف ر س ا) لقائد الفرسان، و(رب م ش ر ي ت ا) لقائد المعسكر قبل استخدامهم للمصطلحات الإغريقية والرومانية، كما استخدم هذا المصطلح من قبل التدمريين أيضاًً.
* دلت النقوش التي عثر عليها في منطقة الحجر والجوف على أهمية هذه المدن كقواعد عسكريه للأنباط، أما بالنسبة للقوة البحرية فالمعلومات عنها قليلة، حيث ذٌكِر أن القوة البحرية للأنباط لم تتجاوز اسطولاً صغيراً لم يتمكن من تحقيق أي نجاح، واستطاع البطالمة القضاء عليه بكل سهولة.
* اظهرت الدراسة تأثر التدمريين بالتنظيمات العسكرية الرومانية الى جانب تنظيماتهم العربية القبلية.
* أظهرت الدراسة ارتباط تاريخ المملكة التدمرية بملكها أذينة الثاني وزوجته الملكة زنوبيا، التي وصلت المملكة في عهدهما إلى أوج قوتها وازدهارها، وكانت الملكة زنوبيا نموذجاً فريداً في إدارة مملكتها وقيادتها في الحروب، ورغم قصر مدة حكمها إلا أنها اظهرت مقدرتها وكفائتها القيادية .
* أثبتت الحرب الرومانية على تدمر أن افضل اشكال الحرب هو الهجوم وليس الدفاع، وخاصة اذا كانت ضد مواقع دفاعية ثابتة؛ لأن تدمر حٌرِمت من حرية العمل العسكري ولم تتمكن من تأمين المزيد من احتياجات المدينة، وتحولت الحرب بين الطرفين إلى حرب استنزاف استمرت لمدة طويلة، أثبت التدمريون فيها شجاعتهم واستبسالهم في الدفاع عن مدينتهم ومهارتهم القتالية, وقد خسر خلال هذه الحرب كلَ من الطرفين خسائر فادحه ولكن الرومان استطاعوا تعويض هذه الخسائر لسهولة وحرية اتصالهم بقواعدهم في الغرب و مراكزهم في الشرق، بعكس تدمر التي حرمت من ذلك وتحملت العبء الأكبر في هذه الحرب على الرغم من الإستعدادات التي قامت بها لمواجهة هذا الحصار، والتي تمكنت بفضلها من الصمود لعدة اشهر، ولكن حرمان تدمر من الإمدادات الخارجية أدى إلى زيادة الأوضاع سوءاً في المدينة؛ وكان رد فعل الملكة زنوبيا قيامها بمغامرة مغادرة المدينة سراً لإيجاد حل ومخرج لما تواجهه مدينة تدمر، ولكن الرومان اكتشفوا أمرها وتم أسرها، ودخل الرومان بعد ذلك إلى المدينة. واختلفت الآراء حول نهاية الملكة زنوبيا، ولكن من المرجح أن ملكة بهذا الذكاء والشجاعة وبما أمتلكته من حنكة سياسية، لابد وأن تكون قد أختارت لنفسها نهاية تليق بها كملكة .
* وبينت الدراسة ايضاً أنواع الاسلحة التي استخدمها الأنباط والتدمريون والحضريون في الحروب التي خاضها كلً منهم على حده، وهي السيوف والرماح والأقواس والسهام، بالإضافة إلى العديد من أنواع المنجنيقات التي استخدمها الحضريون، ومنها الرامية للسهام، والتي كانت ترميها لمسافات بعيده، ومنها الرامية للحجارة والبعض منها كانت ترمي قذيفتين في وقت واحد، وكانت براعة الحضريين في استخدام هذه الآلآت شئ غير عادي لعدم توفر معلومات عن استخدام مثل هذه الأسلحة من قبل شعوب أخرى غير الرومان، كما اشتهر الحضريون أيضاً بقذائفهم النارية التي تكونت من النفط والقار، وقاموا بإستخدام مدفعيتهم القوية في التصدي لهجوم الامبراطور الروماني "تراجان" عام 117م، ومن بعده الإمبراطور سبتميوس سفيروس(198/199م)، وأظهروا مقدرة كبيرة في مواجهة الساسانيين، إلى أن تمكن شابور بن أردشير من اسقاط المدينة وانهاء دورها السياسي والإقتصادي حوالي عام240/241م .
* قامت القبائل العربية بقيادة الضيزن بن معاوية بالإستيطان في مدينة الحضر بعد ذلك، وذكرت المصادر العربية أن قوات الضيزن ازدادت قوةً وقامت بالعديد من التوسعات مستغلةً ضعف الدولة الساسانية في ظل حكم الوصاية، وعندما باشر شابور ذي الاكتاف الحكم بنفسه قرر الانتقام من القبائل التي استغلت هذا الضعف، وقام بمحاصرة مدينة الحضر ورغم المقاومة التي واجهته إلا أنه تمكن من إسقاطها والعبث بها بشكل نهائي في حوالي عام(326/327م) .
* استخدم التدمريون المنجنيقات بأنواعها في دفاعهم عن مدينتهم، وكبدوا الجيش الروماني افدح الخسائر، وبالرغم من ذلك فقد تمكن الرومان من تحقيق النصر عليهم، أما بالنسبة للأنباط فلم يرد ذكر استخدامهم لهذه الأنواع من الأسلحة.