مقال خلود عبدالله الخميس الممنوع من النشر في الكويت ما الذي فرق شعب الكويت شِيَعا
مقال خلود عبدالله الخميس الممنوع من النشر في الكويت ما الذي فرق شعب الكويت شِيَعا
لو سألت أي كويتي لم يتعد المرحلة المتوسطة سيقول "صراع أقطاب الأسرة"! فكل التطورات التي شقت نسيج التآلف بين مختلف أبناء الوطن الواحد، سببها الرئيس نزاع على مراكز السلطة بين أبناء الأسرة الحاكمة، وتم استخدام الشعب كوقود له، باستنهاض النعرات الفئوية التي نجحت على مر العصور في إحداث شرخ في أوساط المجتمع، بعد أن كان الشعب متلاحما في كنف البيئة الحاضنة (قبيلة منطقة طبقة طائفة...)، لأنها منطقة الراحة (comfort zone) التي يعرفها الإنسان ويأمن لها ويؤمن بها وتحقق له حاجاته وتحميه من المظالم!
وهذا طبيعي عندما يصبح تطبيق القانون انتقائياً وتوزع المناصب حسب العنوان في البطاقة المدنية والتعيينات طبقاً للدائرة الانتخابية، وتُسلب الحقوق من أهلها جهاراً وتُمنح لغير مستحقيها فقط بسبب الـDNA! ولكن في مفهوم الدولة، فإنه تلاحم ضد الوطن، واحتماء مذموم بالعِرق والدم والحمّية، وغيرها من النعرات، التي لا تمثل مواطنة، ولا تنهض بوطن !
أبناء الأسرة رموا بصراعهم إلى الشارع، بإخراجهم أتباعهم ليذودوا عن بقائهم في مواقع القرار، ومن ثم السيطرة على النفوذ ممقابل توزيع غير عادل لثروات البلاد على الأتباع وكله بغطاء قانوني ! هؤلاء يظنون أن الوطن ملعب كرة قدم، والشعب هو الجمهور الذي جاء ليشجع فريقين متنافسين! فأشعلوا بينهما التنافس النتن لتصير البلاد ساحة حرب، كلُ يظن أن إرادته لا تتحقق إلا بسحق إرادة الفريق الآخر!
وقد كتبتُ سابقاً مقالا بعنوان "التراشق بالشعب"، وهو ما يحدث الآن تماما، فلن تنطلي علينا قصة سب صحابة وتنادي القبائل وعلو بعض الأصوات الفئوية، وغلو بعض الشيعة والسنة وغيرها من السلوكيات السلبية التي يمارسها الشعب ضد بعضه، على أنها ضمن سياق التطور الطبيعي للعلاقة بين مكونات الشعب!
فهيمنة ثقافة التطاول على الآخر، أُريد لها أن تسود، ومن أشاعها لديه ما يكفي من الضمانات لئلا يقع تحت طائلة القانون، وإن حدث فإنه مستِند إلى من سينجيه!
ودليل ما أقول، التاريخ، فالقبائل والطائفة الشيعية والحضر، لم نسمع منهم الدعوى الفئوية من قبل! ومثالاً لا حصراً فعائلات" بهبهاني ودشتي ومعرفي والمتروك وبوفتين ..."، وكل الرعيل الأول من تلك العائلات لم نسمع منهم سبا لصحابي ولا أمهات المؤمنين، كذلك أبناء القبائل لم نسمع منهم نقدا للتجار أو مصطلح "صفوي" للشيعة، وهو للعلم مصطلح سياسي غير ديني نسبة لشخص له أهداف توسعية استخدم التشيع لتحقيقها، وأهل الحاضرة، لم يكونوا أصحاب كِبر وذوي نظرة دونية للقبائل!
كل مكونات المجتمع كانت متعايشة بلا شعور بالنقص والنقيصة، فما الذي استجد؟!
الذي استجدت ثلاثة أمور، الأول، وهذا واقع وليس خيالاً خصوصاً مع اكتشاف شبكات للتجسس: محاولات خارجية معروفة تاريخياً لجذب ولاءات أبناء الشيعة الأغرار بحجج عقدية، والدين دائماً خير وعاء لتسويق فكرة خصوصاً عند العوام، فاستخدمت تلك الأطراف جهات التخلخل المجتمعي في الكويت، وهو الأمر الثاني، الصراع على السلطة من أبناء الأسرة، في الوقت الذي شُحن فيه الشعب بحكومات فاسدة مرتشية وراشية وغلاء معيشة وسوء إدارة، فلا وظائف ولا صحة ولا عدالة في حفظ الحقوق، ليفرط بواجباته تجاه الدولة وعاد يبحث عن مظلة الأمان في فئته، وللأسف الشديد، فإن الشعب هو الأمر الثالث في مثلث تخريب الدولة!
صار أبناء الكويت يخونون بعضهم بعضاً وبرعاية الحكومة! فهي كسلطة تنفيذية للقانون بيدها إحلال الأمن الاجتماعي، بل هو واجبها، ولكنها تقف على مسافة رمادية في أكثر من مشهد، وهذا دليل تورطها، أو إعجابها، وفي كلتا الحالتين يعني ذلك استفادتها!
الحكومات السبع السابقة، للأسف أقول هذا عن حكومة بلدي، ولكنه حق وللتاريخ، كانت على علاقات مشبوهة وغير مبررة وغامضة مع شبكة من الخيوط المتصلة في نهاية المطاف بالمستفيد الخارجي، مما جعلها تُقذف بالتواطؤ!
كل ذلك سبب ما نحن فيه، شعب يرتع في وطن بلا ولاء له، لأن الوطن ببساطة ما عاد ذا فائدة في نظر المواطن!
وأخيراً: تفرّق الشعب شِيَعا لأنه "يشد الظهر" بأحد المتنفعين، فقد باع احترام نفسه وفئته ووطنه لظهر هلامي لا بد أن يقصمه هول حِمل خيانة وطن يوماً ما!
* مقال الكاتبة منع من النشر في صحيفة القبس الكويتية