سورية يا عرب في الطريق إلى الضياع
النظام السياسي في دمشق يقود البلاد إلى التفتيت بوعي أو من دون وعي، إن كل الدلائل تشير إلى أن الحرب الأهلية تشتد وطأتها وتفتيت وحدة القطر السوري تسير بخطوات سريعة، الأكراد السوريون يعقدون مؤتمرهم في رحاب الانفصاليين أكراد العراق بحثا عن حكم مستقل بهم في سورية، والعلويون يتسلحون بكل أنواع السلاح وبمباركة النظام السياسي وتحت إشرافه وتحت ذريعة الدفاع عن النفس، والسنة في القطر السوري يتأرجحون بين النظام والمعارضة، والمسيحيون في أرض الشام يترقبون ويتداعون للهجرة أو لحماية دولية مسيحية، والبادية الشامية بين الاستقطاب والاستعداء من كل الأطراف. لقد أعلن النظام السياسي وبلسان أحد أقطابه السيد وليد المعلم وزير الخارجية والمغتربين بأن الحل الأمني هو المطلب، وهذا المطلب مستجاب لأن سورية كما قال تتعرض لمؤامرة رخيصة.
قيادة الجامعة العربية اتجهت نحو مجلس الأمن بعد أن فشلت كل محاولاتها لإيجاد مخرج مشرف للنظام وحقنا للدماء التي تسفك بشكل يومي وفي غرفة المبكى " مجلس الأمن " سيتداول العرب منبر الخطابة للتعبير عن قلقهم وخوفهم على وحدة القطر السوري الشقيق ودعوة لحقن الدماء البريئة ودعوة لحماية المدنيين من عدوان السلطة السياسية على الشعب.
سيناريوهات متعددة تخيم على أرض سورية الحبيبة، سيناريو حصار العراق حتى الإضعاف ثم الضربة القاضية باحتلاله وبمباركة عربية، سيناريو ليبي مخيف، سيناريو صومالي قاتل، سيناريو يمني بين الأمل وخيبته فأي من هذه السيناريوهات سيختار القادة العرب لتطبيقه على سورية الحبيبة؟
الاتحاد الروسي غاضب أو عاتب على عرب الجامعة العربية لأنهم تلقفوا أفكاره (خطة السبع نقاط) وصاغوها بطرقتهم في شكل مبادرة عربية دون أن يشيروا إلى المصدر وطاروا بها إلى نيويورك "مجلس الأمن " دون المرور على موسكو والتشاور معها بصفتها الحليف الأقوى لسورية النظام وبصفتها صاحبة الأفكار المذكورة في المبادرة العربية والتي تشبه مبادرة مجلس التعاون للشأن اليمني.حتما الاتحاد الروسي لن يمرر أي قرار في مجلس الأمن يمس النظام السوري ليس حبا في النظام القائم ولكن إشعار العرب بأهمية الدور الروسي الأمر الثاني ضمان مصالحه في المنطقة والتي لن يقبل أن تكون حكرا على أمريكا وحلفائها الأوربيين، فهل يضمن العرب مصالح الروس والصينيين في المنطقة. إذا تأكد الروس والصينيون من ذلك فإنهم سيميلون نحو المشروع العربي.
(2)
النظام القائم في دمشق والذي يعيش في مأزق تاريخي لا سابقة له منذ النصف الثاني من القرن الماضي، هذا المأزق هو من فعل النظام وتجبره وفقدانه الحكمة والعقل والنظرة السياسية البعيدة المدى، إن وحدة القطر السوري الشقيق في خطر. إن الحكومة السورية تراهن على الفيتو الروسي والصيني وهنا أريد تذكير القيادة السورية التي لم أكن أتمنى لها هذه النهاية بأن هذه المراهنة خاسرة ولا يجب التعويل عليها إطلاقا، الاتحاد السوفيتي ووريثه الاتحاد الروسي كان موقعا مع العراق معاهدة صداقة ومشتريات العراق من المذكورين أعلاه أعلى من مصالحهم ومشتريات سورية من الروس ومع ذلك الفيتو الروسي لم يكن مجديا، حماية الناقلات الأمريكية الأوروبية في الخليج إبان الحرب العراقية الإيرانية لم يمنعها الفيتو السوفيتي / الاتحاد الروسي اليوم، التهديد باحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا لم يمنعه الفيتو الرباعي المعارض للحرب " فرنسا روسيا والصين وكذلك ألمانيا " فأي فيتو تراهنون عليه يا قادة دمشق.
إني أدعوكم يا حكام دمشق مع غيري من المهتمين بحال أمتنا العربية بأن تدركوا أن هذا النظام لم يعد له مستقبل بهذه الكيفية وبهذا المنهج الأمني / السياسي الذي تمارسونه اليوم. لا تدمروا ما بناه الشعب السوري عبر عقود من الزمن بحماقة سياسية وشهوة شبقة للحكم، كفاية أربعون عاما وأنتم تتداولون المراكز القيادية والإدارية فيما بينكم واستبددتم بكل موارد الدولة. لا تدمروا ما بناه وما اقتناه الجيش العربي السوري من أسلحة وآلات ومعدات خلال الأربعين عاما الماضية بأيدكم وأيدي أعداء الأمة العربية كما فعلوا بالجيش العراقي البطل وما اقتناه الجيش الليبي كونوا عونا لهذا الشعب العربي الحر ولا تتعاونوا على قهره وإذلاله من أجل البقاء في السلطة.
وأنتم يا قادة الأمة العربية اتحدوا فيما بينكم لحماية الشعب السوري وما يملك،أعينوا النظام للخروج بأقل الخسائر من المأزق الذي وضع نفسه فيه بلا وعي. حافظوا على وحدة الأراضي السورية ووحدة الشعب بعيدا عن التعصب الطائفي والعرقي والحزبي.
آخر القول: أمتنا العربية شبعت هزائم، شبعت مراهنات على الغير لحماية الأوطان من طغيان الحكام، شبعنا تفتيتا وتجزئة لأوطاننا تحت مسميات مختلفة كما يحدث في العراق وليبيا والسودان والصومال واليمن. انصروا الشعب العربي السوري قبل فوات الأوان ينصركم الله.