في يوم الخميس 21/3/1968م أي بعد هزيمة العرب الكاسحة بتسعة اشهر فقط .تمدد العدوان الصهيوني من ارض فلسطين المحتلة الى مخيم الكرامة شرقي النهر ليقضوا على نواة الثورة الفلسطينية التي سطعت شمسها ناصعة على أمة ضربت على رأسها فراحت في نومة عميقة، ولم يكن هناك سوى مئات من الفدائيين الفلسطينيين واغلبهم من حركة فتح، فالتحم المجاهدون بسلاحهم البدائي تقريبا بقوات زاحفة بلغ عددها 15000 جندي معتصمين بالدبابات والمجنزرات وتغطيهم من الجو اسراب الغربان وبكافة انواع الطائرات المهداة اليهم من فرنسا و برطانيا وامريكا فصمد الفدائيون الفلسطينيون تساندهم قوات اردنية باسلة من مدفعية ومغاوير . وفي السادسة مساء طلب العدو وقف اطلاق النار فرفض الاردن ذلك ما دام جندي اسرائيلي واحد شرق النهر ، وفي التاسعة مساء تمكن العدو من سحب قواته والياته المعطوبة ليخفي اثار هزيمته، ولكنه فشل في تغطيتها فقد عجز عن سحب بعض الدبابات والمجنزرات فتركها بين سليمة ومعطوبة ،و سحبت الى عمان ليشفي الشعب المكلوم بكرامته غليله ،وظهرت في احدى الدبابات جثة جندي اسرائيلي مكبل باسلاك غليظة خشية الهرب من الدبابة. وكانت هذه المعركة إمارة التحول الذي اثبت فيه الجيش الاسرائيلي انه قابل للهزيمة وانتهت اسطورة الجيش الذي لا يقهر كما صورته مهزلة حرب حزيران 1967.
*******
كم قرية في ثنايا الكون مهملة
سادت وبادت بلا ذكر ولا نسب
لكن قريتنا في الدهر خالدة
قد سطرت مجدها بالنار لا الخطب
حين الغزاة على الأغوار قد زحفوا
بجحفل بالغوا في حشده ، لجب
كانت جميع بلاد العرب نائمة
كعصبة (الكهف) لم تأبه لمغتصب
ولم يكن غير (أردنَ)الفدا يقظا
ثبت الفؤاد أمام الروع لم يهب
فنافحتهم أسود الضفتين معا
يدافعون عن الإسلام والعرب
وجددوا ذكر (باب الواد) ملحمة
من الإخاء مدى الأجيال والحقب
كانوا أشاوس في الهيجاء ما فزعوا
ولا أفرق في الألقاب والرتب
إذ أمهلوا الخصم حتى صار بينهم
فحاصروه حصار ( اللام ) في ( حلب )
زجوا بهم لقمة للموت سائغة
جاءت لقوم لنيل الثأر في سغب
حيث الجراحات كانت بعد دامية
ومن (حزيران) لم تبرأ ولم تغب
ظنوا ( الكرامة ) كنزا لا سياج له
وما علينا سوى التبكير في الهرب
فإذ بهم دون جند من هوايتهم
صنع الشهادة إبداعا بلا تعب
عاد الغزاة خفافا دونما نفل
إلا بخفي ( حنين ) ، تب من سلب
وأورثونا سلاحا كان يحملهم
على الغرور وما صانوه من عطب
فكل دبابة أطفالنا انتصبوا
في برجها قد رأوها زينة اللعب
***
بوركت يا شهر (آذار) لنا علما
يكافئ الأمَ عمَا كان من نصب
فنحن للأرض قدمنا هديتنا
عقدا من الشهداء الغرَ، لا الذهب