الغطاء الحيوي (المهاد)
يهدف الغطاء العضوي (الحيوي) للتربة (وخاصة حول المزروعات والأشجار) إلى الحد من نمو الحشائش والأعشاب الضارة والمحافظة على رطوبة التربة وتجانس درجة حرارتها خلال اليوم، وبالتالي التقليل من آفات التربة، فضلاً عن تخفيف انجراف التربة السطحية بفعل الرياح والماء، وفي المحصلة زيادة الإنتاج. والتغطية الحيوية للتربة عبارة عن طبقة واقية من "المهاد" المكونة من النباتات أو الأسمدة الخضراء أو الروث أو أوراق الشجر أو القش أو التبن أو غيرها (أحدها أو بعضها أو جميعها معا) والتي تعمل على حماية الكائنات العضوية الحية على سطح التربة، فضلاً عن حماية البنية الأساسية للتربة من الأضرار الناتجة عن تعرضها لظروف جوية جافة أو للمطر الشديد أو للرياح الحادة، وبالتالي التقليل من انجراف مغذيات النباتات والحد من انتشار آفات التربة.
وبهدف استخدام المياه بشكل فعال وبالتالي التقليل من استهلاكها في الزراعة، بإمكاننا تطبيق تقنية الغطاء الأرضي العضوي أو الحيوي (Mulch). وتتلخص هذه التقنية باستخدام مواد عضوية وحيّة لتغطية الأرض المزروعة وذلك لتقليل تبخر الماء المستخدم في الري، لأن الغطاء الحيوي يحجب الماء عن الشمس وبالتالي يحافظ على رطوبة التربة. كما يسهل الغطاء عملية الري، حيث تنساب المياه إلى التربة بسهولة من خلال الغطاء (القش مثلاً) الذي يحافظ على المغذيّات في التربة.
وبالإضافة، يعمل الغطاء الحيوي على تجميع الندى في الصباح الباكر.
علاوة عن ذلك، يعمل الغطاء الأرضي على قتل الأعشاب البريّة والضارّة التي لا نرغب في نموّها، ولدى تحلله يتحول إلى سماد للأرض وبالتالي يعمل على تخصيب التربة.
ومن بين المواد التي بإمكاننا استعمالها كغطاء أرضي: القش، الحجارة، الكرتون، الورق. ويجب أن يكون القش المستخدم خالياً من البذور، حتى لا تنمو كأعشاب.
وبدلاً من القش، بإمكاننا استعمال الحجارة كغطاء، حيث أنها تحافظ على برودة التربة وتجمع الندى في الصباح الباكر.
وبإمكاننا أيضاً استخدام الجرائد والكرتون كغطاء حيوي، حيث وبالإضافة للفوائد السابقة الخاصة بالقش والحجارة، فإنها، ولدى تحللها في نهاية الموسم الزراعي، تعمل على زيادة المواد العضوية التي تغني التربة وتقوم بدورها في تجميع المياه والمواد الغذائية حول جذور النباتات ولا تسمح لها بالنفاذ إلى الطبقات السفلى، وفي المحصلة تزداد خصوبة التربة.
ويجب الانتباه إلى نظافة المهاد وخلوها من الأمراض والآفات، كما ينصح بعدم ملامسته لجذوع النباتات لتجنب الإهتراء.
وكما في التسميد العضوي، قد توجد صعوبة في الحصول على المواد الكافية لاستخدامها في فرش الغطاء.
وعلى المزارع أن يقرر ما إذا كان من الأفضل إضافة كل ما يتوافر لديه إلى كومة التسميد. أما إذا أعطى "فرش الغطاء" الأولوية، فيمكن اعتباره سماداً عضوياً سطحياً. حيث أن الغطاء العضوي سوف يتحلل تدريجياً ويتم اختلاطه بالتربة بواسطة الديدان والحشرات الأخرى الموجودة في التربة وبالتالي تزداد كمية الدبال.
ويمكن تقسيم المواد المستخدمة في صنع المهاد إلى فئتين: مواد خشنة ومواد أنعم. وتختلف استعمالات هذه المواد اختلافاً بسيطاً. وتتضمن المواد الخشنة القش والتبن. وينصح بالتأكد من أن القش لم يأت من حقل رش بمبيدات الأعشاب، إذ قد تبقى آثار بعض السم فيظهر ذلك بالمزروعات. وقد توجد في التبن أيضاً أعشاب تحمل بذوراً قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة الأعشاب الضارة. ويمكن استخدام أوراق الأشجار المتساقطة في الخريف.
ويمكن أيضاً نثر هذه الأوراق بكثافة حول أشجار الفاكهة لحماية الأرض من الصقيع والاحتفاظ ببعض حرارة الصيف وتشجيع تكاثر الديدان. ولدى حراثة الأرض بعد إزالة المزروعات التي فرشت بطبقة الغطاء العضوي يمكن ملاحظة أعداد الديدان التي تجمعت في التبن المستخدم كغطاء.
وينصح في بعض الأحيان باستخدام نشارة الخشب كطبقة مهاد (كغطاء عضوي)، إلا أنها تتفكك ببطء وقد يؤدي ذلك إلى خسارة بعض النيتروجين الموجود في التربة. وهناك خطر من أن يكون الخشب معالج بمبيدات الفطر السامة. وينطبق الشيء ذاته على غبار المناشر.
والسبب الآخر لاستخدام مواد خشنة كمهاد منع رص التربة التي يكثر عليها المشي، وخصوصاً لدى قطف الفواكه أو الخضار كالبازيلاء واللوبياء.
ويمكن استعمال مواد كثيرة أقل خشونة كمهاد، ومنها أكوام أوراق الأشجار شبه الفاسدة وقصاصات الأعشاب والسماد العضوي. وفي هذه الحالة يجب ترك الكومة حتى ترتفع درجة حرارتها وتنضج وذلك لمدة شهر على الأقل قبل الاستعمال. ويتم فرش هذا المهاد في نهاية الربيع أو بداية الصيف بعد أن تكون المزروعات قد بدأت تنمو. ويجب عدم استخدام هذه المواد على أرض لا تتاح لها فرصة لكي تدفأ، حيث أن فرش المهاد على أرض باردة سوف يؤدي إلى إعاقة عملية امتصاص الحرارة وتكون له نتائج سلبية.
وتشكل التغطية بالمهاد الأساس لما يعرف بنظام "لا حراثة".
الغطاء العضوي والغطاء غير العضوي:
ولدى الحديث عن الغطاء (الطمر) الحيوي لا بد من التمييز بين الطمر العضوي والطمر غير العضوي.
فالغطاء العضوي عبارة عن مواد كانت حية في وقت سابق مثل القش، أوراق الشجر، نشارة الخشب، ورق الجرائد، الدبال وغيرها.
أما الغطاء غير العضوي فيشمل الحجارة، البلاستيك وغيرها.
للغطاء العضوي حسنات على الغطاء غير العضوي، فهو يدوّر المغذيات، ويحسن من بنية التربة عندما يبدأ بالتحلل.
يمكن حرث الغطاء العضوي بالتربة بينما يجب إزالة الغطاء غير العضوي عند الحرث أو الزراعة.
يجب أن تكون المادة المستخدمة كغطاء جيدة التهوية تسمح بحركة كافية للهواء لضمان ظروف نمو ممتازة للنبات. كذلك يجب أن تكون قاسية ولا تحترق بسهولة، وسهلة الحمل والفرش. وحيث أن الغطاء العضوي يتحلل فيجب إضافة المزيد منه على فترات عديدة. أما الغطاء غير العضوي فلا يتلف بسهولة ويبقى لفترة طويلة ولكن في النهاية يتمزق وخاصة لتعرضه لأشعة الشمس لفترة طويلة.
يعتبر الورق (ورق الجرائد مثلاً) غطاءاً مرضياً لأنه متوفر بكثرة، ويوفر العناصر الصغيرة بتحلله، ويجذب الديدان الأرضيّة. ولكن الأوراق لها بعض المشاكل، فهي تتطاير مع الرّياح، وعندما تبتل تلتصق ببعضها وتصبح قابلة للانضغاط، هذا جيد لمنع نمو الأعشاب ولكنه يمنع نفاذ الماء. يمكن حل المشكلة الأخيرة عن طريق طحن الأوراق إلى قطع أصغر مع أو خلطها مع مواد أخرى كقصاصات الحشائش أو إبر الصنوبر.
لا تدع الغطاء العضوي يلمس قواعد الأشجار أو الشجيرات. إن القوارض التي تعيش تحت الغطاء قد تؤذي أو تقتل النباتات. كذلك، تجد الفطريات أو البزّاق في الغطاء أو تحته منطقة دافئة، رطبة، ومظلمة تعتبرها جنة لنموها وتكاثرها. إذا ما فرش الغطاء بارتفاع كبير فإن أسفله سيكون مبلولاً جيداً. ولكن يمكن وضع طمر ذي تهوية جيدة بارتفاع كبير.
مثال على ذلك: عند استخدام نشارة الخشب، يعتبر الارتفاع من 5 إلى 7.5 سم مناسباً جداً، ولكن عند استخدام القش أو إبر الصنوبر فإن ارتفاع بحوالي 20 سم هو الأفضل.
تعتبر الكثير من أنواع الغطاء غير العضوي مناسبة للاستخدام، من الاختيارات الموجودة: البلاستيك الأسود (بوليئثيلين)، الحصائر (بوليبروبلين)، رقائق الألمنيوم أو ورق إسفلت. يمكن أيضاً استخدام الحصى أو الصخور الصغيرة ولكنها لا تثبط نمو الأعشاب أو تقلل التبخر. إذا ما استخدمت الحصى فيجب إحاطة التربة بسور حتى لا تنجرف. تستخدم الحصى أيضاً كغطاء مجمل لتغطية التربة بشكل دائم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن للأغطية البلاستيكية السوداء أو العاتمة القدرة على كبح نمو الأعشاب الضارة التي لا تستقبل الأشعة النشيطة في التمثيل الضوئي، وهي تحت الغطاء الأسود (أو العاتم)، وبالتالي فإنها لا تنمو، لكن من الضروري أن يكون تركيز وتوزيع المادة الملونة جيداً.
وبالإضافة للتأثير الحراري والحد من انتشار الأعشاب الضارة فإن لتغطية التربة بالأغطية البلاستيكية تأثيرات فيزيائية وزراعية أخرى كتغيير طرق الري والتسميد والحفاظ على بنية التربة، علما بأن هذه التأثيرات تعتمد على عرض الغطاء وسمكه. ففي الزراعة المستديمة كزراعة العنب والأشجار المثمرة، بالإمكان استخدام بلاستيك أسود 80 مم خاص، أما في حالة التربة الساخنة، كما لدى زراعة الباذنجان والكوسا فيفضل استخدام بلاستيك عاتم حراري.
من بين الصعوبات التي يخلقها استخدام غطاء بلاستيكي غير منفذ هو منعه التبخر وصعوبة الري. قد تموت جذور النبات من الاختناق إذا ما وجدت كمية كبيرة من الماء حولها، أو قد تنشف ولا تبتل حتى في أوقات المطر. إذا ما عملت ثقوباً في الغطاء لتحسين الظروف السابقة فإن الأعشاب سرعان ما تنمو وتصبح مشكلة. إن انقلاب الأغطية البلاستيكية قد يكون مزعجا أيضاً.
يكون نمو الجذور في مزارع الخضروات والأزهار أفضل عند إضافة الغطاء في أواخر الربيع، بعد أن تصبح التربة دافئة. إذا ما زرعت أشجارا أو شجيرات في فصل الخريف، فأضف الغطاء مباشرة حتى تبقى التربة وجذور النبات دافئة وتستمر في النمو.
يعتمد نوع الغطاء المستخدم على موقع المنطقة المنوي إضافته إليها. فغطاء الزبل المخلوط بالقش هو جيد جداً ولكن يجب عدم استخدامه بقرب المساكن لأن له رائحة. كذلك يجب أن لا يفرش غطاء القش أو الأوراق بقرب الطرق حتى لا تتساقط عليها أعقاب السجائر ويحترق المحصول. يجب إزالة الغطاء المستخدم بارتفاع كبير لحماية النباتات المعمرة من قسوة الشتاء من حول النبات عند إطلالة الربيع وقبل أن يبدأ النمو.
لا يهم كبر المساحة التي تغطيها بالغطاء أسفل شجرة كبيرة (على الأقل لا يهم الشجرة). لذا اجعل المنطقة للشجرة. (drip line) المغطاة أكبر ما يمكن ويمكنك تجاوز خط التنقيط.