تتمتع المواقع التاريخية بخاصية جذب الناس العاديين منهم والمتخصصين
أيضاً لزيارتها، فكيف لو كانت هذه المواقع عبارة عن صورة أخّاذة وضعت داخل
إطار صنعته طبيعة من الصعب وصف تكوينها وجماليتها البكر.
هذا الوصف المختصر ينطبق على قرية "ذي عين"، التي تقترب بيوتها من السماء فتبدو السحب وكأنها أمطرت منازل.
في قرية "ذي عين" تحيك الحياة سجّادة من ماء وصخر وشجر وارف ولا بأس ببعض قرود البابون ليكتمل المشهد غرابة وبهاء.
ويتحدث أحد العالمين بالقرية
وتاريخها فيقول: "ذي عين تمتاز بناياتها الشامخة تحدياً وبمائها الزلال
تباهياً وبموزها النادر وكاديها العاطر".
ليس بهذا فقط اشتهرت "ذي عين"، فحجرها جعل منها اسماً معروفاً في البلاط
العثماني حين أرسل القائد التركي الذي دخلها رسالة الى بابه العالي وأرفقها
بثلاث قطع من رخامها قائلاً: "من هذا الحجر العجيب يبني أهل هذه القرية
منازلهم".
ويقول الامير سلطان بن سلمان: "زرتها مرة قبل مدة، طالبني البعض: لماذا لا
تسمحون بأن نزيل البيوت القديمة ونبني مساكن لأبنائنا، قلت لهم: هل ضاقت
بكم هذي الوديان حتى تأتوا إلى هذه القرية وتهدموا بيوتها".
فاجأ أهل القرية الأمير سلطان بعد ذلك بالاتجاه الى عكس ما طلبوا، فبدلاً من الرغبة بالهدم تحولوا الى حزبٍ من البنائين.
يحكي الأمير قصته مع شيخ "ذي عين" حين جاء إلى الأمير وقال: "هؤلاء 100 شخص
من السكان وقعوا على إنشاء جمعية تعاونية والتضامن على أن لا تهدم هذه
القرية، لأننا لا نرى أننا نستطيع أن نعيش مستقبلاً ولا أبناؤنا ونقول لهم
نحن تسببنا بهدم هذا التاريخ".
يقول متحدث من جمعية "ذي عين" التعاونية: "نحن في الجمعية لدينا أهداف من
أول اهتماماتنا الحفاظ على هدية القرية وتسويق المنتج الزراعي وإيجاد فرص
عمل لأبناء المجتمع ومساندة المشاريع الصغيرة للاسر المنتجة".
وعمر قرية "ذي عين" البالغ أربعة قرون لا يختصر بإعادة بناء بيوتها القديمة، فالحجر وحده لا يكفي لرسم صورة للزمان البعيد.
ويتحدث أبوسعيد سمحي، من كبار القرية، عن حياتهم، وطريقة البناء المختلفة
في قرية ذي عين قائلاً: "بيوتنا 3 بيوت لها سطح واحد، القرية وما أدراك ما
القرية، تقعد الرجال وحريم جنب بعض، وما وراء واحد يمس كرامة الحرمة لأن
هذا عيب وحرام".
ويقول أبوسعيد شهادته ثم يدير ظهره متكئاً على عصى العمر غائباً في تداخل
الأغصان والأشجار التي تلفّ جنة اسمها في الجنوب القصي العالي "ذي عين".