مقال الدكتور محمد صالح المسفر الاردن و المغرب و مجلس التعاون
د.المسفر: أرجوكم لا تضيعوا الأردن من أيدينا
الدكتور محمد صالح المسفر - الشرق القطرية - لم أصب كغيري من المراقبين والمتابعين للبيانات الختامية لقمم مجلس التعاون الخليجي بالدهشة وخيبة الأمل لما تضمنه ذلك البيان الختامي الذي تناول قضايا جوهرية خليجية وعربية وإقليمية بسلبية مطلقة، كان البيان عبارة عن سرد أحداث وقعت في عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه دون أن يتناولها بنظرة موضوعية وكيفية التعامل مع تلك الأحداث بما يعود بالنفع العام للوطن والمواطن على حد سواء، كان التركيز في البيان على ما يسمى بالإنجازات التي حققها المجلس خلال العام، والإشادة ببعضهم البعض لما حققوه ولا أدري ما هو الإنجاز الذي تحقق للمواطن في مملكة البحرين وغير البحرين من دول المجلس التي واجهت احتجاجات تطالب بالإصلاح الشامل على كل الصعد.
لا أدري ما هو الإنجاز الذي تحقق لدول المجلس في مجال التعاون العسكري الذي تواجه دوله مخاطر التركيبة السكانية والتسلح النووي الذي يحيط بها والتواجد العسكري الأجنبي على برها وبحرها وفي أجوائها.. هل وصلوا إلى مرحلة أنهم اعتبروا موافقتهم على الاستفادة من العسكريين المحالين للتقاعد في دولهم وإعادة توظيفهم في مجالات مدنية مختلفة إنجازا يستحق ذكره في بيان ختامي لقمة كان الكثيرون في دول العالم يترقبون ما سيبين ذلك البيان تجاه الأحداث التي تهز الشرق الأوسط كله والعالم أيضا؟، إذا كان ذلك إنجازا فلماذا يشملون بإنجازاتهم أساتذة الجامعات في دول مجلس التعاون الذين أحيلوا إلى التقاعد قي أعمار مبكرة أو رفع سن التقاعد لأساتذة الجامعات أسوة بالجامعات الغربية والأمريكية، ولماذا لا يشملون بإنجازاتهم الدبلوماسيين الخليجيين الذين أحيلوا إلى التقاعد وهم في قمة العطاء والتوجيه بتشغيلهم في مؤسسات دول المجلس.
تشير كل التقارير الرسمية المعلن منها وما يتداوله الناس بارتفاع معدلات الجريمة بكل أنواعها في بعض دول المجلس، إلى جانب الاضطرابات والمواجهات العنيفة بين الأمن والمطالبين بالإصلاح هل نعتبر ذلك إنجازا من إنجازات المجلس أم فشلا أمنيا بكل وضوح؟ هل نعتبر السماح لهيمنة اللغة الإنجليزية على مناهج التعليم في دول المجلس وانتشار المؤسسات التعليمية الأجنبية إنجازا يعتد به الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الهوية والانتماء للجيل القادم؟
(2)
أذكر الناس بأنه عند إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981 قال أكثر المعلقين في العالم إنه تأسس لمواجهة التطورات السياسية في المنطقة منها قيام الثورة الإسلامية في إيران والحرب العراقية الإيرانية وانهيار الاتحاد السوفيتي، واستمرت تلك القناعة حتى اليوم.
في مطلع هذا العام اكتسح الربيع العربي (ثورة الشباب العربي) كلا من تونس ومصر وسقط النظام السياسي في الدولتين بفعل الشعب، وانفجرت الثورة الشعبية في ليبيا واليمن والبحرين وعمان وسوريا، وانطلقت الدعوة من عاصمة خليجية تدعو إلى توسيع عضوية مجلس التعاون بضم كل من الأردن والمغرب، وراح المفسرون للنوايا يؤكدون أن هذا الطلب المفاجئ حتى لبعض دول المجلس مرده انهيار جبهة (دول المولاه) بعد رحيل بن علي في تونس وحسني في مصر.يذهب بعض أهل النوايا السيئة إلى القول عندما اطمأن بعض دول مجلس أن المد الثوري الشبابي قد تم احتواؤه وبدأ في التقهقر في مصر، وإفشاله في اليمن، وتعثره في سوريا، وقهره في البحرين، وامتصاصه بعقلانية الحاكم في عمان، تراجعت دول المجلس عن دعوة الأردن والمغرب لعضوية نادي الأغنياء.
(3)
في هذا السياق ورد في البيان الختامي أنه تقرر دراسة مجالات التعاون الاقتصادي مع المغرب والأردن ودعم الدولتين بخمسة مليارات دولار توزع بالتساوي بينهما، ونقول شكرا لكرمكم، لكن هل هذا المطلوب؟، الأردن كما نعلم استدعي في أكثر من دولة خليجية لنجدة النظام السياسي من الانهيار، وأعلن عن جهلي عما قدمه المغرب لهذه الدول، لكني كغيري من الحريصين على العلاقات المتينة بين الأردن ودول الخليج العربية تمنيت أن يحظى الأردن بحكم "الدولة الأولى بالرعاية" وأن تخصص له كل من السعودية والإمارات والكويت نصيبا من البترول ومشتقاته ليلامسوا حاجة المواطن الأردني.
كان المطلوب من مجلس التعاون قرارا بإحلال العمالة الأردنية واليمنية محل العمالة الأجنبية والتي تقدر بأكثر من خمسة عشر مليون عامل، كنا نتمنى أن تخصص دول المجلس خمسين مليون دولار كمعونة للمدينة الطبية الملكية في الأردن التي تستقبل آلاف المراجعين أردنيين وليبيين وسودانيين وغيرهم من المرضى، كنا نتوقع أن تكون دول المجلس أكثر عطاء من ألمانيا في هذا المجال.
إنني أطالب دول مجلس التعاون بالحرص على سلامة واستقلال الأردن بضفتيه واستقطابه كي لا يضيع من أيدينا كما ضاع العراق عندما امتنعنا عن إعفائه من ديونه المترتبة على الحرب العراقية الإيرانية، والله العظيم لو فتحت أبواب الأردن للسياحة الدينية للإيرانيين وما يترتب عليها لاستغنت عن مساعداتكم المالية.
أرجوكم لا تضيعوا الأردن من أيدينا لصالح أطراف أخرى كما ضاعت المقاومة في جنوب لبنان لصالح إيران وكذلك العراق وكما تضيع المقاومة الفلسطينية لذات السبب.
آخر القول: أهمية الأردن لنا نحن الخليجيين أكثر من أهمية اليونان لأوروبا.. فهل أنتم تبصرون؟.