تقترب الحكومةُ الأردنية من اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة، تنعكس على الأوضاع المعيشية للمواطن، الذي يعاني أصلاً من صعوبات معيشية، بسبب ارتفاع معدلات الأسعار خلال السنوات الثلاثة الماضية، وضعف القدرة الشرائية للدينار الأردني، رافق ذلك ثبات رواتب الموظفين، وعدم إقرار أي زيادات سنوية، تتماشى مع الزيادة في كلفة المعيشة.
وكشف وزيرُ المالية الأردني، الدكتور أمية طوقان، عن خطة حكومية تُفضي لرفع أسعار المحروقات والكهرباء والمياه، مقابل منح الشرائح المتوسطة والمتدنية دعمًا نقديًا للحيلولة دون تأثرهم بالنتائج المترتبة على ذلك.
وقال الوزير، خلال الاجتماع الذي عقدته اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، برئاسة النائب أيمن المجالي، إن الأثرياء يستهلكون أكثر من باقي طبقات المجتمع الأخرى، وبالتالي يحصلون على دعمٍ أعلى، ما يعني وجوب توجيه الأموال إلى تلك الطبقات، مشيرًا إلى أنه سيوفر على الخزينة نحو 240 مليون دينار في العام 2012.
وحول موضوع الدعم، رد رئيسُ اللجنة المالية بالقول "إن دراساتٍ سابقة أظهرت أن الدعم في المتوسط لنحو 6 ملايين نسمة يقدر بـ16 دينارًا للفرد؛ حيث أن الأغنياء يحصلون على 26 دينارًا من الدعم الحكومي، مقابل 8 دنانير لمتوسطي ومتدنييّ الدخل، وهو ما يظهر الخطأ في توجيه الدعم".
وأكد طوقان أنه لا يوجد أي مساس بالقمح وأسطوانة الغاز، مشددًا على أهمية الأمن الاجتماعي وحماية الطبقات المتوسطة والمتدنية، عبر شبكة الأمان الاجتماعي.
من جهتها، أكدت النائب ريم بدران، ضرورة النظر في كافة بنود الموازنة العامة، وتخفيض ما يمكن من تلك النفقات، مشيرة إلى الارتفاع في موازنة الدفاع من 1.7 مليار دينار للعام الحالي إلى 1.9 مليار دينار في موازنة 2012، مطالبة بضرورة إرسال موازنات أكثر شفافية، تتعلق بموازنة الدفاع، وتحتوي على أرقامٍ تفصيلية عن الإيرادات والنفقات.
واتفق النائب وصفي الرواشدة، مع ما طرحته بدران، وزاد بالقول "يوجد إيرادات للقوات المسلحة، من حفظ السلام، وإيرادات من مكافحة الإرهاب، وتدريب القوات المختلفة بواسطة الكفاءات الأردنية".
وتابع قائلا "أنا جندي من القوات المسلحة، ونحن دومًا معها، لكن تلك الشفافية لا يجب أن تختفي من الموازنة العامة"، لأن "العديد من المعدات العسكرية يتم التبرع بها"، مشيرًا إلى أن السفارة الأميركية تعلن عن مساعدات تصل إلى 800 مليون دولار، لا يظهر منها إلا القليل في الموازنة.
غير أن النائب مازن القاضي، رفض تلك الطروحات، وبين أن ريع القوات المشاركة في عملية حفظ السلام، يذهب لتغطية العجز الذي يحصل سنويًا من موازنة الدولة، مشيرًا إلى أن كلفة الاستنفار الأمني وحدها، تُقدر بملايين الدنانير يوميًا.
وطلب النائب عبد الرحمن الحناقطة، من مدير عام الموازنة العامة، توضيح خطي حول الأسباب التي أدت إلى ارتفاع موازنة الدفاع خلال السنوات الأربع الماضية.
من جانبه، قال وزيرُ المالية الأردني، الدكتور أمية طوقان إن "لنا أولويتان في الموازنة، احتياجات أمنية واجتماعية، وما يميز الأردن جاهزية قواته المسلحة، وواجبي الوطني أن أؤمن المبالغ التي يحتاجونها".
وردًا على أعضاء اللجنة المالية، حول تعرُض المجلس للتضليل من قبل الحكومة السابقة، وخصوصًا وزير ماليتها السابق، وتقديم أرقام بعيدة كل البعد عن الحقيقة، أكد طوقان أن موازنة 2012 متحفظة، وتتخذ جانب الحيطة والحذر في تقديراتها، مشيرًا إلى أن الحكومة ورثت موضوع إعادة هيكلة الرواتب، ومعادلة الرواتب التقاعدية للمدنيين والعسكريين، حيث أنها قرارٌ سياسي.
وفي معرِض انتقاد النواب لحكومة رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، قالوا "تعهدت الحكومة السابقة بدمج أو إلغاء بعض المؤسسات المستقلة، الزائدة عن الحاجة، إلا أنها لم تفعل شيئًا مما كانت تُقنع به المجلس عن الهيكلة".
وقال المجالي "لقد كان أداء المالية العامة في الحكومة السابقة ضعيفًا، ونتج عنه أرقام مخالفة لما كنا نسمعه".
وبين طوقان أن آلية العمل التي كانت تتم لم تكن سليمة، وخلفت عجوزات متلاحقة، وترتب عنها زيادة في المديونية، مشيرًا إلى وجود هدر في المال العام، وهو نوعٌ من أنواع الفساد. وقال "لقد خفضنا النفقات العامة بنحو 15 %، ونحن نؤمن بأن ذلك التخفيض لن يؤثر على النمو الاقتصادي، وربما أن مزيدًا من التخفيض قد يكون صحيًا أكثر في الفترة المقبلة".
وردًا على استفسار أحد أعضاء اللجنة عن دعم البلديات، قال طوقان "لقد تم تحويل مخصصات لها بمقدار 75 مليون دينار، ويتوقع أن يتم تحويل 120 مليون دينار أخرى، في العام المقبل".
وطالب عددٌ من النواب بضرورة إصدار الحكومة سندات تنمية، لتجميع المدخرات، واستخدامها من قِبَلِ الحكومة، في عمليات التمويل الكبيرة، التي تعتزم القيام بها العام المقبل.
وردا على استفسار أحد النواب عن مستحقات البنك المركزي الأردني على نظيره العراقي، قال محافظ البنك المركزي الأردني محمد سعيد شاهين "وصلت مجموع الديون المستحقة للمملكة على العراق 1.4 مليار دينار، ويتم تأكيد تقييد الفوائد عليهم كل عام عبر إرسال مخاطبات رسمية والحصول على توقيعهم لتأييد الذمم"، مضيفًا "أن دين البنك المركزي الأردني ناتج عن حساب تقاص، وليس دينًا مشمولاً باتفاقيات نادي باريس".
من جهته، أكد أمين عام وزارة المالية، عز الدين كناكرية، أن حساب الخزينة الموحدة والنظام الذي تم طرحه وصل إلى مراحله الأخيرة، لافتًا إلى أن كلفته 19 مليون دولار.
وحول عمل دائرة الجمارك، تطرق مديرُها العام، غالب الصرايرة، إلى العقبات التي يواجهونها، مشيرًا إلى تعرُضِ موظفي الدائرة، أكثر من مرة، لإطلاقِ نارٍ، من قِبَلِ مهربين، حتى وصل الأمر إلى تَعَرُضِ مركزٍ حدودي للتهجم.
وأشار إلى أن دائرة الجمارك، خاطبت وزير المالية السابق، حول تلك الحوادث، وردَ على الكتاب بعبارة: "اطلعت وشكرًا"، مبينًا أن طوقان أَعْلَمَ رئيس الوزراء بمجريات ما يحدث من تطاول على القانون، وتم تشكيل لجنة أمنية للبحث في هذا الأمر.
كما شرح الصرايرة ما يجري من عمليات تهريب، لكميات من الدخان، من مهربين على مرأى ومسمع بعض الأجهزة.
وحول عمل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، قال مديرُها العام، موسى الموازرة، إن الدائرة حققت إيراداتٍ من الدخل خلال الـ11 شهرًا الماضية، مقدارها 644 مليون دينار، مقارنة
بـ 606 ملايين دينار، عن نفس الفترة من العام 2010.
ورفض رئيس اللجنة المالية، المجالي، إخضاع شركات التأجير التمويلي لضريبة المبيعات، مبينًا أن ذلك سيُعرضها للإفلاس، حيث رد الموازرة بالاتفاق، ليخلصوا إلى ضرورة إيقاف أي إجراءات قانونية بحقها.
وحول التهرب الضريبي، قَدَّرَ طوقان التهرب بعشرات الملايين من الدنانير، مؤكدًا أنها ستسعى لتعظيم المنفعة لصالح الخزينة من تلك الثغرات.
وعرض مدير عام المناطق الحرة، إياد القضاة، لعمل المؤسسة، وتوريدها فوائض منذ بداية العام الحالي، بنحو 14.5 مليون دينار.
من جهته، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية، المهندس قتيبة أبو قورة، إن الحكومة تعمل جاهدةً لإيجاد بدائل عدة لتوفير الطاقة، خصوصًا بعد الانقطاع المتكرر للغاز المصري، مؤكدًا أن المخزون الاستراتيجي من الطاقة بدأ بالانخفاض، وأن هنالك عدة زيارات ستكون إلى الدول الخليجية، لبحث إمكانية تزويد الأردن بالوقود اللازم.
وبين أبو قورة أن إستراتيجية الطاقة المقبلة لن تعتمد على الغاز المصري، وهنالك زيارة ستكون قريبة للمشاركة بمؤتمر في القاهرة، لبحث موضوع الغاز مع الجانب المصري، موضحًا أن هنالك توجهًا مستقبليًا لإنشاء محطة للغاز المسال بكلفة 10 مليارات دولار، إلا أن الوضع الحالي لا يسمح بذلك.
من جانبه، أكد أمين عام وزارة الطاقة فاروق الحياري، أنه تم توقيع اتفاقية مع شركة العقبة، لتطوير ميناء النفط، إلا أنه تم وقف الاتفاقية قبل 3 أسابيع، لإعادة دراسة كل الخيارات المتاحة لتوسعة ميناء النفط.
مدير عام شركة الكهرباء الوطنية، الدكتور غالب المعابرة، بين أن الشركة تحملت كلفة إضافية، كان يُتوقَع أن تبلغ 300 مليون دينار كعجز، إلا أنه وصل حتى شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، 811 مليون دينار و200 مليون دينار، متوقعًا إن يصل عجز الشركة إلى 1.36 مليار دينار لنهاية العام الحالي.
وأشار المعابرة إلى أن معدل بيع الكهرباء كان نحو 42 فلسًا، إلا أنه وصل حاليًا إلى 52.4 فلسًا، وأن التعديل الأخير للتعريفة، كان على حساب شركة الكهرباء، لافتًا إلى أن الحكومة أصدرت سندات خزينة للشركة بقيمة 516 مليون دينار، ما سيرتب على شركة الكهرباء حوالي 200 مليون دينار في العام 2012، معتبرًا إن إصدار السندات هو حل لمشكلة السيولة وليست الخسارة، خصوصًا وأن مديونية الشركة وصلت إلى نحو 1.3 مليار دينار.
سلطة المصادر الطبيعية – من جانبها- توقعت خلال الاجتماع أن ينتج الأردن أول برميل نفط خلال العام 2016، بتكلفة 60 دولارًا، معتبرة أنه مجدٌ اقتصاديٌ، خصوصًا وأن برميل النفط يصل حاليًا إلى 100 دولار. وبخصوص عطاءات النحاس والذهب، أشارت السلطة إلى أنه سيتم فتح العروض أمام الشركات.
رئيس هيئة تنظيم قطاع الكهرباء أحمد حياصات، بَيَّنَ أن نسبة الزيادة على أسعار الكهرباء تبلغ 16%، وجاءت لمعالجة مديونية شركة الكهرباء، خصوصًا بعد انقطاع الغاز المصري عدة مرات، مشيرًا إلى أن حجم الغاز المصري خلال الفترة من شهر تموز/ يوليو وحتى شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري، كان 68 مليون متر مكعبًا، أي ما يقارب ربع الكميات المتفق عليها مع الجانب المصري.
مصفاة البترول، قالت إن مشكلتها تكمن في ديونها على شركة الكهرباء، والتي وصلت إلى 660 مليون دينار، مؤكدة هبوط مخزون النفط في المملكة؛ حيث وصل إلى 62 ألف طن، وهو ما يكفي نحو 6 أيام فقط، بالإضافة إلى سفينة في العقبة تكفي نحو 13 يومًا، وأن فاتورة المصفاة اليومية تبلغ 5 ملايين دينار كديون على شركة الكهرباء.
وأشارت إلى أنه، ورغم الديون المستحقة على الكهرباء، ستجري توسعة محدودة للمصفاة، تصل من 60-70 %، بحيث يصبح الديزل مطابقًا للمواصفات العالمية، وبكلفة 800 مليون دولار.
رئيس هيئة الطاقة الذرية، الدكتور خالد طوقان، نفى أي إلغاء من الجانب الأردني لاتفاقية استيراد الغاز من مصر، مشيرًا إلى أنه تم التوقيع بالأحرف الأولى وبأسعار عادلة ومنصفة.