[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في عواصف أفكار، تحمل برد الخوف، برد الموت.. والانتظار.. تسربلت بملابس سوداء تخفي أسفلها عواطف زرقاء كوجه مريض يحتضر، وانتعلت خفين من الصبر، تسير مطأطأة الرأس، يعبث الهواء بخصلات شعرها المتدلي الذي اكتسب لونه من حيرتها.. فلا هو أسود فاحم كالليل، ولا ذهبي كالشمس..
وعلى وجهها الغض الرقيق علامات أساً خفية.. وفي عينيها آبار أسرار وألوان معانٍ سبقت سنين عمرها العشرين حتى بدت حكيمة في جسد الشباب.
تشتد العواصف فتمد يداً مرتعشة لتطبق معطفها على جسدها، وكأنها تخشى على عواطفها أن تفر أو تموت..
تنظر إلى داخلها فتجد عواطفها قد ازدادت زرقة.. تلوح في عينيها دمعتان .. وتجِد السير أكثر..
في طرقات مظلمة مقفرة، حيث لا ظل للأشياء، ولم تخلق الألوان.. والبيوت حفت الطريق كأشباح غافية في صفين.. وبصيص ضوء من بعيد لاح في ساحة غامضة
ينظر الناس لها من بيوتهم خلف نوافذ زجاجية، ثمة صوت يدعوها للدخول والالتفاف حول المدفئة .. لكنها لا تلتفت إلى أحد .. وتجِد السير أكثر..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وأخيراً تصل..
ترى على أطراف الساحة دائرة من سيوف منكسة مغروسة في الرمال، ورائحة الموت التليدة تزكم الأنوف .. وضوءٌ قمري خافت يضفي الرعب على الرعب..
وتجِد السير أكثر
وتجتاز دائرة السيوف على مهل متوجس..
وتنظر إلى أول جسد مسجى .. ويدها على فمها ألا تصرخ.. ودموعها تسبقها..
تميل إلى وجهه وتنظر: لا ليس هو..
وتجري إلى الجسد التالي.. وتميل إلى وجهه وتنظر: لا ليس هو
وتجري إلى جسد آخر .. وتميل إلى وجهه وتنظر: لا ليس هو
أناتُ أوجاعٍ تخترق قلبها.. لا بل أذنها: أهذا ما أسمعه حقيقي؟ وترهف السمع أكثر.. قدماها لم تعد ملكها
تهرع مهرولة كالريح .. نحو مصدر الصوت ..
هذا الذي هناك.. أهو أنت يا ترى؟
وفوق وجهه تتقاطر دمعاتها .. كأنها تثقب روحه برصاص.. فيستفيق
- ألن تعود معي إلى المنزل؟
- ابتسامة رمادية تعلو شفتاه ويقول: حان الوداع!
- لا لم يحن الوداع أبداً..
- يالك من حالمة.. ألا ترين جراحي أثخنتني وتعفنت دماؤها؟
- إذن أنت مصمم على الرحيل؟
- نعم..
- فليكن الوداع إذن .. !
- .....
- ودِعني!
- ....
- ودعنييييييي!
- ....
تنظر جزعة إلى عينيه وقد خبا منهما الضوء.. ونبضات قلبه التي لم تعد تسمعها.. وفي السماء سحب تنذر بالثبور..
تلملم عواطفها التي استحالت زرقاء قاتمة ميتة.. وتحت رأسه تحفر بيديها البضتين في الرمال اللينة.. وتدفن عواطفها مع ورقة كتب فيها:
كلمات الوداع المفقودة.