كلت أكتافنا و أثقلت كواهلنا تلك الذراع السوداء الملوثة بجراتيم الفساد و التي تمتد إلينا دائما من وراء المحيط بأستمرار.. و لو كانت تلك الذراع بيضاء معطاء خيرة لقبّلناها و رحبنا بها، لأن الخير يفرض نفسه و لا توجد نفس عاقلة تنكر الخير أو تنفر منه أو ترفضه..
و حال الدولة المركزية و غير الديمقراطية كحال الأخطبوط العملاق الرابض في قلب تلك الدولة و يمد أذرعه الطويلة في الإتجاهات الأربع شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و يمتص خيرات تلك البلاد ليصبها في ذلك القلب أو في أماكن أخرى كجيوب الحيتان الكبيرة الذي يلتفون حول ذلك الأخطبوط العملاق و الذي يعد بالنسبة لهم البقرة الحلوب لأنهم يفعلون ما يشاؤون ليس بأسم الله جل جلاله و إنما بأسم ذلك الأخطبوط و يستخدمونه كفزاعة لأخافة جمهور الأسماك الصغيرة و المغلوبة على أمرها فهي مجرد قطيع لتغذية تلك الحيتان الكبيرة و المفترسة..
و نحن في جزيرة سقطرى نشعر بالتهميش و الإقصاء و التجاهل لخصوصيتنا و حضارتنا و لغتنا و تاريخنا و ثقافتنا.. و لا نريد إستقلالا و لا نطلب علما يرفرف أو نشيدا وطنيا نتغنى به.. فقط نريد أن نعيش حياة كريمة كحال الشعوب الحرة و نطور بلادنا و نستغل كل ما نملك من الأمكانيات الإقتصادية و السياحية المتوفرة على أرض أرخبيل سقطرى..
و لا ننكر أو نتنكر لما تحقق من إنجازات على أرض الواقع من طرق و مستشفيات و مدارس و إنفتاح و لكن ما فائدة الطريق إذا لم تكن به أبسط شروط الأمن و السلامة، و ما فأئدة المدارس إذا لم يوجد بها مدرسون أكفاء و نظام تعليمي جيد، و ما فائدة المستشفيات إذا لم يوجد بها أطباء أو دواء فهي مباني زاهية جميلة من الخارج و لكنها خاوية من الداخل يتردد في ردهاتها نعيب الخراب، و ما فائدة هذه الإنجازات كلها في ظل ما يرافقها من مساوئ و فساد عظيم لم يسبق له مثيل فهو كالجبال الراسيات قوة و رسوخا في النفوس حتى تغلغل في ثنايا المجتمع و تمكن من العقول فأصبح جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية و أخذ مصطلحات مقبولة إجتماعيا فالنصب و السرقة شطارة، و الرشوة هدية، و التقصير و الأهمال في الوظيفة العامة روتين إداري.. حتى غدت تلك الإنجازات كحبات الرمل الصغيرة أمام تلك القمم العالية من الفساد لذلك الناس ترى الفساد و لا ترى هذه الإنجازات للأسف..
و الحل يكمن في تحقيق الديمقراطية الحقيقية فهي العلاج الناجع لكل المشكلات التي تواجهنا اليوم و هو أمر ثبت بالتجربة العملية و يقر به كل ذي عقل حيث أستطاعت الشعوب التي تتظلل بفيئ الحرية و الديمقراطية أن تتعايش بسلام و تتقبل بعضها بعضا مهما أختلفت المذاهب و تباينت الأعراق و تباعدت المسافات، فيذوب الجميع في بوثقة دولة النظام و القانون و الحرية و الديمقراطية..
و تستطيع كل طائفة أو قومية أن تعبر عن وجودها بعيدا عن القمع و الإقصاء فلا يُعذر بعد ذلك أحد في الخروج على القانون أو اللجوء إلى وسائل غير مشروعة..