مقدمة:[color=blue]
أحببت أن أبين الفرق ما بين النقيض والضد، وذلك لما يقع فيه الكثير من اشتباه في التفريق ما بين الضد والنقيض ، وبخاصة في صفوف الشباب المثقفين .
النقيض:
ما المقصود بالنقيض: النقيض هو سلب الشيء عن نفسه بالحمل الأولي لا بالحمل الشائع، فنقول مثلا زيد موجود فيكون نقيضها زيد ليس بموجود، فسلبنا في القضية الثانية الوجود عن زيد. فلا يمكن في هذه الحالة أن يكون زيدا موجود وزيد غير موجود في نفس الوقت فهذا ممتنع لكونه سلب للذات عن نفسها .
نعم قد يتوهم البعض أن النقيض يمكن تحققه كقولنا أن العدم لا يخبر عنه في حين أننا نستطيع الإخبار عنه كقولنا أن العدم ليس بشيء أو حتى إخبارنا أن العدم لا يخبر عنه هو إخبار عنه وعن أحواله ، وهذا يدعو الى التناقض والجمع ما بين النقيضين .
ويرد عليه أن هذا التناقض منشأه الخلط في الحمل الأولي والحمل الشائع. فالعدم من حيث واقعيته وثبوته على ساحة الوجود غير ممكن لأنها تقع في قبال الوجود وسلبه ، لكن العدم من حيث أن له فهما يستطيع العقل أن ينتزعه في قبال الوجود ليجعل لهذا المفهوم وجودا ذهنيا متحقق في الذهن فقط . وبهذا يكون الحمل واقعا هو لهذا الوجود الذهني لا الوجود الواقعي فقولنا العدم ليس بشيء هو من باب أن لا واقع له خارج الذهن وكذا هو الحال في أن العدم لا يخبر عنه لتكون هذه الأخبار متعلقة بالوجود الذهني لهذه المفاهيم لا للوجود الواقعي .
وهناك أيضا قضية ارتفاع النقيضين بقولنا أن هذا الشيء لا بالمجود ولا بالمعدوم ، كما هو الحال في الماهيات فهي لا هي موجودة ولا معدومة . لكن كيف يصح القول عن شيء أنه لا موجود ولا معدوم . فبالعودة إلى مثالنا الماهيات ، فهي غير موجودة بالفعل لكنها موجودة بالقوة كقولنا بماهية الإنسان ، فهل ماهية الإنسان متحققة في الخارج أم لا ؟. هي بالفعل غير متحققة بالخارج فالمتحقق هو مصاديق الإنسان كزيد وعمر وخالد ، وهي أيضا ليست بالمعدومة لكون المصاديق متحققة في الواقع الخارجي فإن قلنا بعدم وجود الإنسان لزم عدم وجود مصاديقه وإن قلنا بوجود الإنسان فإننا ناظرين إلى مصاديقه لا إلى الإنسان .
الضد:
هو ما يكون في قبال الأخر متنافرا عنه كما هو الحال في المغناطيس لديه قطبان متنافران وكل يدفع الأخر بعيدا عنه .
وكذا هو الحال في الليل والنهار فالمكان الذي نجد فيه النهار يكون في الطرف المقابل له ليل لكونهما متضادان وكما نرى أننا لم نسلب وجود أحدهما من نفسه لإثبات الأخر كالحرارة والبرودة هما لا يجتمعان في مكان واحد وزمان واحد نعم قد يجتمعان لكن لا بنفس المكان وإن كان بنفس المكان لم يكن بنفس الزمان .
فلا يمكن لشخص مثلا أن يكون ميتا وحيا في نفس الوقت إلا من باب المجاز لا من باب الواقع ، ولقائل أن يقول أليس الموت والحياة نقيضين وليسا ضدين فهو شخص كان حيا وسلبت منه الحياة فأصبح ميتا؟.
وهنا يقال هل الموت هو عدم الحياة أي بمعنى هل كنا قبل الوجود أموات ثم تحققت لنا الحياة وعدنا بعد ذلك أموات ؟ بالطبع لا لم يكن الحال هو هذا بل هي ذات ثبت لها الوجود وعرضت عليها الحياة وكذا هو الحال بالنسبة إلى الموت قد عرض على هذه الذات لا على الحياة نفسها فأماتها ، وللتوضيح نقول زيد لم يكن ثم كان فدبت في الحياة بعد أن وجد فالحياة هي ليست زيد بل شيء أخر غير زيد لكنها عرضت على زيد ، ثم جاء الموت وعرض على زيد فأصبح مكان الحياة الموت ، كمن يصبغ داره باللون الأسود ثم يقوم بصباغته باللون الأبيض ، الدار باقية كما هي وما يعرض عليها هو اللون لكن تبقى الدار هي الدار واللون لم يتحول من السواد إلى البياض بل أزيل السواد ليحل مكانه البياض .[/color]